«الغرايبة» بعد «الذنيبات».. تصدع جديد بين المنشقين عن «إخوان الأردن»

الأحد 15 أبريل 2018 10:04 ص

تصدع جديد في المنشقين عن تنظيم «الإخوان المسلمون» في الأردن، عقب اتجاه داخل حزب «زمزم»، للإطاحة بمؤسسه «أرحيل الغرايبة»، وذلك بعد 3 أسابيع من تقديم الأمين العام لجمعية الإخوان المسلمين المرخصة «عبدالمجيد الذنيبات» استقالته من منصبه.

وحسب مصادر داخل الحزب تحدثت لصحيفة «القدس العربي»، فإن «الغرايبة» بدأ مؤخراً يشعر بذلك الهامش الفارق ما بين سحر العبارة، واللغة في التنظير الفكري، وبين القدرة الفعلية في الواقع على التحشيد والتعبئة والتنظيم، لصالح انسلاخ مؤثر عن جماعة «الإخوان المسلمون» الأم.

ويتصاعد رأي داخل حزب «زمزم»، الذي توهم كثيرون أنه سيرث «الإخوان المسلمون» في قاعدة المجتمع، يدعم مغادرة «الغرايبة» الأب الروحي للحزب، للتجربة التي أسس لها أصلاً، وبالطريقة نفسها التي غادر فيها «الذنيبات» قبل ثلاثة أسابيع تجربته التي أسسها أصلاً هو الآخر في جمعية الإخوان المسلمين المرخصة، والتي انشقت عن التنظيم الأم.

وتأتي المغادرتان رغم التسمين والتغذية الحكومية لهما، في واحدة من أبرز إخفاقات الاجتهادات ذات البعد الأمني والبيروقراطي في عهد إدارات سابقة للمستوى الأمني السياسي الأردني، حسب مراقبين.

المقربون من «الغرايبة»، وفقا للمصادر، يراكمون الملاحظات عن شعوره بالإحباط، وعن جهات متعددة داخل وخارج حزب «زمزم» بصفته المؤسس له، بدأت تميل لتحميل الرجل مسؤولية الإخفاق في التوسع الأفقي وسط المجتمع، لتجربة الحزب المثيرة، والذي يعاني مبكراً من تصدعات، يبدو أنها أكبر من عمره وحداثة سنه.

وتأسس حزب «زمزم»، في 2016 من خلال مبادرة أعضاء «زمزم» الذين انشقوا عن «الإخوان المسلمون» في الأردن في 2015.

أما «الغرايبة» في المجالسات والحوارات الصاخبة، فيحاول إدانة أي منطق يدفع باتهامه شخصياً بالتقصير أو التردد على أساس أنه لم يطرح نفسه يوماً مبدعاً في مجال الحشد والاستقطاب، وأنه ليس أكثر من واضع للأدبيات الفكرية والمنهجية.

وفي كل حال، حسب المصادر، تبدو تجربة مؤسس حزب «زمزم»، في طريقها لمواجهة مصير جمعية الانشقاق المرخصة بقيادة «الذنيبات»، حيث ضجيج وتلاوم وتبادل لاتهامات الإخفاق والتقصير بين صفوف المنشقين أنفسهم، بالرغم من كل مظاهر الأبهة والإسناد التي حظوا بها حكوميا.

فشل مشترك

وأضافت المصادر، أن هذا الإخفاق لا يمكن إنكاره وتلمسه صاحب القرار والمراقب في وجبتي الانتخابات البلدية والمركزية وحتى البرلمانية الأخيرة، حيث لم تنجح الكيانات المرخصة الجديدة الموازية لـ«الإخوان المسلمون»، أو المنسلخة عنها في تأسيس، ولو حالة نجاح فردية واحدة في الانتخابات.

الضجيج المثار حول دور وبقاء دكتور «الغرايبة» في حزب «زمزم»، حسب المصادر، يشبه إلى حد بعيد مثيله الذي صعد مؤخرا قبل قرار داخلي في الجمعية المرخصة بالاستغناء عن خدمات «الذنيبات».

ولفتت المصادر، إلى أن ضغوط مورست على «الذنيبات» لتقديمه الاستقالة، وليس كما أشيع أنها جاءت لأسباب صحية، وانتهت في النهاية بانتخاب أمين عام جديد وابتعاده عن المشهد.

وفي 20 مارس/آذار الماضي، قدم «الذنيبات»، استقالته من موقعه كمراقب عام للجميعة المرخصة في الأردن، قال إنها لأسباب صحية، «إذ أجرى جراحة قلبية، استدعت استراحته لفترة من الوقت».

«الذنيبات» و«الغرايبة»، من الوزن الثقيل في تجربة إسلاميي الأردن، ومن الواضح أن ظروفاً ما خدمتهما بعد الربيع العربي، وحظيا بفرصة الانقلاب على جماعة «الإخوان المسلمون» الأم، أملاً في إضعافها، وتحت انطباع بإمكانية سحب كتلة حرجة من قيادات الجماعة معهما في حال دعمها بالتراخيص اللازمة.

وحظي الثنائي ورفاقهما بالتراخيص الرسمية بسرعة، وتم تنظيم استعراضات اجتماعية عدة وهوجم من أجل أطرهما الجديدة، قادة المطبخ الإخواني بنسختهم الأصلية من قبل الإعلام الرسمي، وتم زرع تقديرات غير دقيقة حول حجم تأثير الانشقاقات في بطن بعض مراكز القرار المتسرعة في ذلك الوقت.

وصل الجميع إلى الانتخابات في موسمها الأخير عامي 2016 و2017 دون أن يبرز أي حضور من أي نوع للمنشقين عن الإخوان في بنية المجتمع أو خريطة الفائزين، خلافاً لما حصل مع التنظيم الأصلي الذي فاز بعشرة مقاعد فردية على الأقل في البرلمان، وبعدد كبير في مجالس البلديات واللامركزية.

قوة للتنظيم الأم

النتيجة في قصة الانشقاق واضحة هنا، فقد بدأ التلاوم داخل صفوف المنشقين واكتشفت مواقع القرار في الدولة أن الأرقام والحيثيات مضللة، وأن سلسلة الانشقاقات ساهمت بالمقابل في تعزيز متانة وصلابة الجناح النافذ في «الإخوان المسلمون»، والذي كان لأصلاً هدفاً لعمليات الانشقاق نفسها.

اليوم بإقصاء «الذنيبات» عن الجمعية المرخصة، ومشروع تنحي «الغرايبة» عن حزب «زمزم»، يتشظى الانشقاق نفسه، وقد يكون الهدف من الشغب على القطبين أصلاً تجديد الأطر القيادية للانقضاض مجدداً، والعودة لإنتاجية برنامج الانشقاق في رهان جديد من الواضح أنه قد لا ينجح أيضا.

لكنه رهان يحاول مرة أخرى الاصطياد في مياه عناصر الإقليم المضطربة، حسب مراقبين.

والنتيجة الآن، أن «الذنيبات»، الذي كان يشغل منصب المراقب العام الأسبق لجماعة «الإخوان» الأم قبل انشقاقه، توارى عن الأنظار بعدما قاد انشقاقاً مرخصاً ومدعوماً.

ومن المرجح أن المضايقات التي يتعرض لها «الغرايبة» تنتمي للعائلة نفسها، بعدما سمح هو الآخر باتهام وإقصاء شريكه النشط والمسيس في تجربة حزب «زمزم»، والذي ابتعد عنها تمامًا منذ أكثر من عام «نبيل الكوفحي».

يشار إلى أنه في كل الأوقات وخلال مرحلة الاشتباك والتكوين ثم التأسيس الحزبي، كان «الكوفحي»، الوجه المتمدن العميق المؤثر في المسيرة، حتى تحالفت أطراف عدة ضده في الانتخابات الأخيرة للحزب، وخرج من المعادلة، قبل أن يفاجئ أنصار المشروع، وليس غيرهم، بتحشيد داخلي يطيح بالرجل في الانتخابات الداخلية لقيادة الحزب.

ابتلع «الكوفحي» الإساءات التي حصلت معه، ومال إلى الصمت، ولم يتحدث عنها، لكن غيابه عن قيادة الحزب، بدا واضحاً ومؤثراً خلال الأشهر الأخيرة.

وشهدت جماعة «الإخوان المسلمون» في الأردن، انشقاق بعض منتسبيها أثناء فترة ثورات «الربيع العربي»، تمخض عنه تشكيل باسم «جمعية الإخوان المسلمين» أسسها مراقب عام الجماعة الأسبق «عبدالمجيد الذنيبات»؛ الأمر الذي اعتبرته الجماعة انقلابًا على شرعيتها، خاصة بعدما منحت الحكومة الأردنية، ممثلة بوزارة التنمية الاجتماعية، الجمعية الجديدة ترخيصًا في مارس/آذار 2015.

ودفعت الحكومة الأردنية المنشقين عن التنظيم، بمحاربة قيادات الجماعة الأم، وحبس بعضهم، لكن الجماعة الأصلية لا تزال تحظى بالقوة في الشارع الأردني، عكس المنشقين عنها.

المصدر | الخليج الجديد + القدس العربي

  كلمات مفتاحية

الذنيبات الغرايبة الإخوان الإخوان المسلمين حزب زمزم انشقاق أزمة إخوان الأردن