الأصوات الباطلة.. كيف عبر الناخبون في مصر عن احتجاجهم في الانتخابات الرئاسية؟

الثلاثاء 17 أبريل 2018 09:04 ص

خلال الأسبوع الأخير من شهر مارس/آذار، توجه المصريون إلى صناديق الاقتراع لمنح الرئيس الحالي «عبد الفتاح السيسي» ولاية ثانية.

وكان هذا الحدث انتخابا بالاسم فقط، وقد أبطل العديد من المصريين بطاقاتهم الانتخابية عن قصد لتسجيل احتجاجهم.

وتم الضغط على المرشحين سواء كانوا من الجيش أو المجتمع المدني أو الحركة الإسلامية للخروج من السباق قبل بدء الحملات الانتخابية.

وفي النهاية، واجه «السيسي» مرشحا تم انتقاؤه للعب الدور، وهو «موسى مصطفى موسى»، رئيس حزب الغد، الذي تم وصفه بأنه «سياسي مغمور تم استخراجه من كومة خردة من السياسيين من الدرجة الرابعة».

وفي الفترة التي تسبق الانتخابات، تخلى نظام «السيسي» عن «أي حدود على قمعه الجامح لجميع أشكال المعارضة»، وكان السجن أو الترحيل أو الإسكات مصير أي مظهر من مظاهر المعارضة.

وأصبح الإقبال «المحور الرئيسي» لهذا السباق، وخصصت الحكومة المصرية موارد واسعة لـ «شراء الإقبال»، باستخدام مجموعة متنوعة من الإغراءات لجلب المواطنين إلى صناديق الاقتراع.

وكشفت صحيفة مصرية النقاب عن تكتيكات تتراوح بين توزيعات نقدية وسلع أخرى، إلى جوائز خدمية للسكان المحليين إذا ما تجاوزت نسبة الإقبال 40%، مرورا بدفع لشركات والمؤسسات الحكومية موظفيها بقوة إلى التصويت.

كما هددت الحكومة علنا ​​بفرض غرامة عن الممتنعين عن التصويت، وأرسلت الشرطة على الأبواب لتشجيعهم على المشاركة.

إبطال الأصوات

ونتيجة للتصويت القسري وعدم وجود مرشحين حقيقيين للمعارضة، بدا أن الخيار الأكثر قابلية للتعبير عن المعارضة خلال هذا السباق هو تعمد إبطال الأصوات.

وكما أوضح أحد المصريين: «إذا صوت، فسوف أبطل صوتي بوضع علامة على كلا المرشحين، لا أريد أيا منهما». وبناء على النتائج الرسمية، كان إبطال الصوت في الواقع خيارا شائعا هذا العام.

وحاز السيسي على 97% من الأصوات، وحصل «موسى» على المركز الثاني بنسبة تقل عن 3%.

لكن أكثر من ضعف عدد أوراق الاقتراع التي حصل عليها «موسى»، بلغ عددها 1 مليون و762 ألف و313 صوتا في هذه الانتخابات من إجمالي الأصوات كانت باطلة، وتجاوزت عدد بطاقات الاقتراع التي تم إبطالها خلال انتخابات عام 2014.

وقد يكون إبطال الصوت بمثابة مقياس مهم لفهم المعارضة والقراءة بين السطور عما تخبرنا به هذه الانتخابات عن حالة المعارضة في مصر.

وتشير الأبحاث إلى أن إبطال بطاقات الاقتراع يزداد في العديد من البلدان، بما في ذلك حين يكون التصويت إلزاميا.

وعلى سبيل المثال، ارتفعت الأصوات الباطلة مع زيادة الإحباط من النظام العسكري البرازيلي في الفترة (1964-1985)، وفي الانتخابات المغربية قبل الربيع العربي، زعم المراقبون أن المواطنين الساخطين غالبا ما أفسدوا بطاقاتهم بشعارات معادية للنظام.

احتجاج سياسي واقتصادي

في السياق الحالي، قد يشير إتلاف ورقة الاقتراع إلى نوعين مختلفين من الاحتجاج، سياسي واقتصادي على الأقل.

أولا، قد يشير الإتلاف إلى احتجاج سياسي من أولئك الذين تم إقصاء خياراتهم الانتخابية الأولى خلال هذا السباق الخاضع للسيطرة الشديدة، ويشمل هذا كلا من مؤيدي «مرسي» عام 2012، ومؤيدي «صباحي» عام 2014، وبالفعل، هناك علاقة مهمة وإيجابية بين حصة «مرسي» الانتخابية فم «2012» والأصوات الباطلة عام 2018.

وثانيا، قد يشير إبطال بطاقات الاقتراع إلى الاحتجاج الاقتصادي، وفي التصويت الكلاسيكي المرتبط بالحالة الاقتصادية، يعاقب الناخبون الحاكم بسبب تدهور الاقتصاد.

وقد وصف أحد المسؤولين الحكوميين المصريين السابقين الأصوات الباطلة كدليل على المصداقية والعملية الديمقراطية السليمة.

وربما تؤكد هذه النتائج الأولية ذلك، ولكن ربما ليس بالطريقة التي قصدها هذا المسؤول، ولأن نظام «السيسي» قد أغلق العديد من طرق المعارضة، وتم إكراه المواطنين على المشاركة، يبقى إبطال البطاقات الانتخابية أحد الطرق التي يمكن للمواطنين التعبير بها عن معارضتهم.

وقد تكون الأصوات الباطلة أحد المقاييس القليلة المتبقية التي يمكن من خلالها فهم مصادر المعارضة في مصر المعاصرة.

  كلمات مفتاحية

الانتخابات الرئاسية المصرية الأصوات الباطلة عبد الفتاح السيسي المعارضة