لماذا لا يريد الغرب الإطاحة بـ«الأسد»؟

الأربعاء 18 أبريل 2018 08:04 ص

وصف الرئيس «ترامب» الرئيس السوري «بشار الأسد» بـ«الوحش» ​​ليلة الجمعة، حيث أعلن عن ضربات جوية لمعاقبة «الأسد» على ما بدا كهجوم بالأسلحة الكيميائية ضد المدنيين السوريين.

وفي صباح يوم السبت، عرضت تغريدة من حساب للرئاسة السورية مقطع فيديو لـ«الأسد» يسير في القصر الرئاسي في دمشق، مرتديا حلة داكنة وربطة عنق، وحقيبة في يده، ويعمل كالمعتاد.

وبحلول ليلة الأحد، أصدر البيت الأبيض بيانا أكد فيه أن الولايات المتحدة لن تنجر إلى الحرب الأوسع نطاقا في سوريا.

وقالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض «سارة ساندرز»، إن «مهمة الولايات المتحدة لم تتغير، فقد كان الرئيس واضحا أنه يريد أن تعود القوات الأمريكية إلى الوطن بأسرع ما يمكن».

وكانت نهاية الأسبوع الماضي رمزا للطريقة التي تعاملت بها الولايات المتحدة ومعظم العالم مع «الأسد» منذ اندلاع الحرب الأهلية المدمرة عام 2011؛ حيث النقد القاسي والحركات العرضية، لكن دون جهد دؤوب يقترب من الإطاحة به.

وكتب محلل شؤون الشرق الأوسط «روبرت دنين» لـ«فورين أفيرز»: «بالنظر إلى أن الضربات الغربية في سوريا كانت تتعلق بالأسلحة الكيماوية وليس أكثر من ذلك، فليس من المستغرب أن يكون الرئيس السوري الأسد في حالة مزاجية جيدة. فلديه سبب إضافي للشعور بالثقة بأن الولايات المتحدة لن تعمل على الإطاحة بنظامه».

وتقبع سوريا في حالة خراب، لكن قوات الأمن التابعة لـ «الأسد» تسيطر عليها أكثر في وقت تبدو فيه التهديدات العسكرية لحكمه في تراجع، وما زال الحليفان الرئيسيان، روسيا وإيران، مصممين على دعمه، ولا تسير مفاوضات السلام إلى أي مكان.

ولمجموعة من الأسباب التي تختلف باختلاف البلد، يبدو أن اللاعبين في الحرب السورية على استعداد لتحمل «الأسد» أكثر من قدرتهم أو رغبتهم في إجباره على الخروج.

وقال «ترامب» في تصريحاته التي بثها التليفزيون يوم الجمعة: «لا يمكننا تطهير العالم من الشر، أو العمل في كل مكان فيه طغيان، لا يمكن لأي قدر من الدماء الأمريكية أو الثروات أن يسفرا عن سلام وأمن دائمين في الشرق الأوسط، إنه مكان مضطرب».

الوجود الأمريكي

لدى الولايات المتحدة نحو 2000 جندي في شمال شرق سوريا، تعمل مع القوات الكردية والعربية للسيطرة على هذا الجزء السكاني الصغير من البلاد. ولقد نجحت الولايات المتحدة في هدفها المتمثل في تفكيك تنظيم الدولة الإسلامية إلى حد كبير، لكن هذا كان له أثر جانبي يتمثل في إزالة التهديد الرئيسي لـ«الأسد».

وسيكون الانسحاب الأمريكي دفعة إضافية لـ«الأسد»، ما يسمح له بالتركيز أكثر على الجماعات المعارضة التي لا تزال تعمل في جيوب متقلصة في جميع أنحاء البلاد.

ولطالما كان معارضو «الأسد» الدوليين مترددين في الاعتراف بصراحة أنهم صاروا يرون أن انتصار «الأسد» قد يكون البديل الأقل سوءا في سوريا، لكن من خلال أفعالهم، يبدو هذا الاتجاه هو المنتظر.

لاعبون آخرون

وشنت (إسرائيل) الأسبوع الماضي ضربة صاروخية على قاعدة إيرانية في شرق سوريا، ويقول الإسرائيليون إن طائرة إيرانية بدون طيار مسلحة دخلت (إسرائيل) من تلك القاعدة في فبراير/شباط.

وخلال تلك الحادثة، أسقطت (إسرائيل) الطائرة بدون طيار، لكنها فقدت طائرة من طراز F-16 بعد إصابتها بالنيران السورية المضادة للطائرات.

لكن بشكل عام، بقيت (إسرائيل) خارج الحرب السورية.

ولطالما كانت (إسرائيل) على خلاف مع «بشار الأسد» ووالده «حافظ الأسد»، لكن كلا منهما أبقى الحدود مع (إسرائيل) هادئة إلى حد كبير، منذ حرب عام 1973.

ومن وجهة النظر الإسرائيلية، فإن الاستقرار أفضل من خطر الجماعات الإسلامية التي تعمل على طول الحدود الإسرائيلية السورية.

وتقلق (إسرائيل) في الواقع من إيران أكثر من «الأسد».

وأشاد الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» بالضربة الجوية التي شنتها الولايات المتحدة ضد سوريا، وقال: «كان يجب الدفاع عن الشعب السوري الأبي منذ فترة طويلة».

وبدأ «أردوغان» وآخرون، بما في ذلك الولايات المتحدة، بالدعوة إلى إسقاط «الأسد» بعد فترة وجيزة من بدء الحرب، وقد استوعبت تركيا أكثر من 3 ملايين لاجئ سوري، أكثر من أي بلد آخر.

لكن أحد أكبر مخاوف تركيا الأمنية هم المقاتلون الأكراد في شمال سوريا، على طول الحدود التركية، حتى إن القوات التركية قد دخلت هذه المنطقة لإنشاء منطقة عازلة، ويرتبط الأكراد السوريون بشكل وثيق مع الولايات المتحدة، ومع ذلك، تعتبرهم تركيا إرهابيين، وتخشى من أن يعملوا مع الأكراد في تركيا.

ويعمل القمع التركي ضد المقاتلين الأكراد على إضعاف مجموعة أخرى تعارض «الأسد» فعليا.

وكانت بريطانيا وفرنسا على استعداد للمشاركة في الضربات المحدودة ضد سوريا التي تستهدف منشآت الأسلحة الكيميائية، وما زالت الدول الأوروبية تتعامل مع التدفق الكبير للاجئين السوريين، وترغب في انتهاء الحرب، واستقرار المنطقة، ووضع قضية اللاجئين تحت السيطرة.

لكن لم يترجم أي من هذا إلى شهية لدور عسكري أكبر ومستدام في سوريا.

حلفاء «الأسد»

وتدفع كل من روسيا وإيران تكاليف عسكرية ومالية ودبلوماسية كبيرة لدعم «الأسد».

وقد يمارسا ضغوطا حقيقية على الزعيم السوري، وإذا ما انقلبا عليه، فمن المحتمل أن يغيرا مسار الحرب، أو حتى أن يهددا تمسكه بالسلطة.

لكن حتى الآن، دعمت روسيا وإيران «الأسد» في كل منعطف، ويبدو أنه من غير المرجح أن يتخليا عنه الآن بعد أن نجا من عاصفة الأعوام الـ7 الماضية.

وقد خلقت الدراما المحيطة بالضربة الجوية بقيادة الولايات المتحدة في سوريا انطباعا عن وجود تغيير في الوضع الراهن، لكنها كشفت في النهاية مرة أخرى أن معارضي «الأسد» راغبون أو قادرون على الذهاب إلى هذا الحد فقط، وهم غير مستعدين لاتخاذ إجراءات من شأنها إجباره على الخروج.

المصدر | ناشيونال بابليك راديو (إن بي آر)

  كلمات مفتاحية

سوريا بشار الأسد الولايات المتحدة روسيا إيران تركيا