5 احتمالات تشرح أسباب إعفاء «البشير» وزير خارجيته

السبت 21 أبريل 2018 09:04 ص

تباينت الأسباب والآراء، حول قرار إعفاء الرئيس السوداني «عمر البشير»، وزير خارجيته «إبراهيم غندور»، الخميس الماضي.

تلك التأويلات تمحورت حول 5 أسباب رئيسية، ثلاثة منها لها علاقة مباشرة بالتصريحات التي اعتبرها البعض «غير دبلوماسية وتمس السمعة الوطنية»، والرابع يدور حول ما يوصف بـ«الصراع» داخل الحزب الحاكم الذي يعد «غندور» أحد قياداته، حسب «الأناضول».

وساعد على تنامي وانتشار تلك التأويلات، عدم إعلان القرار الجمهوري الخاص بالإعفاء، والذي نشرته الوكالة الرسمية، سببا لتلك الخطوة، وهو ما فتح الباب على مصراعيه للاجتهادات التي تمحور معظمها حول تصريحات «غندور» أمام البرلمان.

تلك التصريحات بدا فيها «غندور» وكأنه «رمى آخر ما لديه ومضى»، عندما طالب البرلمان بالتدخل لحل أزمة رواتب الدبلوماسين السودانيين في الخارج، والتي وصلت متأخراتها 30 مليون دولار.

الأزمة المالية

وأوضح أن عددا من دبلوماسيي بلاده في الخارج، طلبوا العودة إلى السودان، للظروف التي تعيشها أسرهم، نتيجة لتأخر صرف رواتبهم لما يقارب الـ7 أشهر متواصلة.

وقال: «متأسف لإعلان ذلك على الملأ، لكن اضطرتني الظروف، ونحن نعمل في ظروف بالغة التعقيد»، مضيفاً: «سفاراتنا في الخارج لم تتسلم مرتبات الدبلوماسيين والعاملين، ولم تدفع مستحقات الإيجار».

وزاد: «تحدث الرئيس البشير، ورئيس الوزراء (بكري حسن صالح)، مع محافظ البنك المركزي (حازم عبد القادر)، بعد المصادقة على المبلغ من وزارة المالية، لكن يبدو أن هناك من يعتقد أن مرتبات الدبلوماسيين والإيجارات ليست ذات أولوية».

وبمجرد انتهاء «غندور»، من تصريحاته وبثها في وسائل الإعلام، دار جدل كبير وتكهنات عن الوضع داخل الحكومة، وانقسم الرأي إلى فريقين، أحدهما وصف حديث الرجل بـ«الواضح والشفاف والجرئ»، وكان عليه فعل ذلك، بينما شن الآخر هجوماً لاذعاً عليه، وعلى حديثه واصفة إياه بـ«الفضيحة»، وعدم الدبلوماسية من الدبلوماسي الأول بالبلاد.

نحو 24 ساعة، فصلت بين تصريحات «غندور»، وهبوط طائرة «البشير» مساء الخميس في مطار الخرطوم، عائداً من السعودية عقب مشاركته في القمة العربية الـ29 (اختتمت الأحد)، ولم يكن في المدينة ووسائل إعلامها من حديث سوى «شكوى وزير الخارجية بأن السفراء والبعثات الدبلوماسية لم يتقاضوا مرتباتهم لأشهر».

وعقب وصول «البشير»، بأربع ساعات، جاء قرار الإقالة، ونشرته وكالة الأنباء السودانية «سونا».

وكانت الوكالة الرسمية نشرت أيضا ظهر السبت ذاته، خبراً عن مرافقة «غندور» وآخرين لـ«البشير» المتوجه الجمعة إلى إثيوبيا للمشاركة في منتدى «تانا» للسلم والأمن في أفريقيا في 21 و22 أبريل/نيسان الجاري.

تصاعدت الغضبة على تصريحات «غندور» سريعا، بسبب أنه كشف عمق الأزمة المالية التي يعيشها السودان، بحسب مراقبين.

بل عمد كتاب وصحفيون سودانيون، إلى القول إن ماجاء به «غندور» هو «فضيحة»، وأبرزهم رئيس تحرير صحيفة «السوداني» (خاصة ومقربة من الحكومة) «ضياء الدين بلال»، الذي كتب تحت عنوان «بلاش (كفى) فضائح» أن فيديو تصريحات وزير الخارجية للبرلمان الذي تناقلته الفضائيات «لا يمكن أن يوصف بغير أنه تشويه للسمعة الوطنية».

وقال: «واحد من الاثنين يجب أن يذهب بعد هذه الفضيحة، إما المحافظ (محافظ البنك المركزي) حازم عبد القادر لأنه عَجِزَ عن توفير ما هو ضروري ومهمّ، أو غندور لأنه يقف على رأس وزارة بلا جدوى ولا فائدة».

«بلال» وفريقه من الكتاب والمحللين الذين انتقدوا «حدة»، التصريحات اعتبروا، أن الإعلان عن تلك الأزمة بشكل نال من «سمعة السودان» هو سبب الإقالة.

«البشير» يتدخل

بينما ذهب فريق ثان من المراقبين، إلى اعتبار أن سبب الإقالة السريعة، هو حديث الوزير أن توجيه الرئيس السوداني ورئيس الوزراء، لوزارة المالية والبنك المركزي، بتسديد رواتب الدبلوماسين وإيجارات المقار الدبلوماسية لم ينفذ.

واستدلوا على ذلك بأن قرار الإقالة لم يصدره رئيس الوزراء «بكري حسن صالح»، بل جاء مباشرة من «البشير»، وبقرار جمهوري، ما يعني أن «غندور» تجاوز كل الحدود، في لومه للمالية ومحافظ البنك المركزي، لعدم الاستجابة لتوجيهات «البشير» و«بكري».

ويشتكي السودان ضعف انسياب التحويلات المصرفية بين بنوكه ونظيرتها العالمية، رغم رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية عن البلاد.

ويعاني السودان شحا في النقد الأجنبي بعد انفصال جنوب السودان في 2011، وفقدانه ثلاثة أرباع موارده النفطية التي تقدر بـ80% من موارد النقد الأجنبي.

تقاطع الملفات

فيما ذهب فريق ثالث من المراقبين والمتابعين، إلى أن «غندور» الذي كان يتحدث بالأساس عن «السياسات وآخر التطورات والمستجدات في السياسة الخارجية»، تعمد الخروج من مضمون الخطاب وتناول أوضاع البعثات الدبلوماسة والسفراء «مقصود»، حتى يتم إعفاؤه من المنصب، بعد أن تم رفض استقالته مسبقاً، وذلك عملاً بسياسة الأمر الواقع.

وفي يناير/كانون الثاني الماضي، أفادت تقارير إعلامية محلية بأن «غندور» قدّم استقالته لـ«تداخل اختصاصاته مع الرئاسة السودانية في ملفات خارجية»، وأن «مطرف صديق» هو من سيتولى المنصب، وهي التقارير التي لم تعقب عليها الدوائر الرسمية حتى اليوم.

و«مطرف صديق»، سفير السودان حاليا ببلجيكا، وعمل سابقاً وزير دولة بوزارة الخارجية.

وعزت استقالة «غندور»، حينها لرفضه سحب ملفات تتبع لوزارته، وتوليها من قبل الرئاسة السودانية، بينها ملف العلاقات مع دول «البركس» (روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا)، والتي يتولاها مساعد الرئيس، عوض الجاز.

ومنذ مطلع 2016، أصدر «البشير»، قرارا بتعيين «عوض أحمد الجاز» مسؤولا عن ملف الصين بدرجة مساعد رئيس جمهورية.

ولاحقا شكلت الرئاسة لجنة عليا لإدارة ملف العلاقات مع دول «البركس»، أوكلت مهام قيادتها للجاز أيضا، كما منحت للجاز، ملف العلاقات مع تركيا، في يناير/كانون الثاني الماضي.

صراع الحزب الحاكم

السبب الرابع، ذهب إليه بعض المحللين، حينما ربطوا بين إقالة «غندور» والصراع داخل حزب المؤتمر الوطني الحاكم، الذى بدأ بإقالة مدير المخابرات والأمن «محمد عطا»، وإعادة تعين «صلاح قوش» في 11 فبراير/شباط الماضي بدلا منه.

وتبع ذلك في الشهر ذاته، إعفاء مساعد الرئيس، ونائب «البشير» في الحزب «إبراهيم محمود»، وتعيين «فيصل حسن» بدلاً عنه، وأخيراً ها هو «غندور» يخرج من الباب الكبير.

ومع كل هذه التغييرات، لم يعرف «غندور» ميله لجناح أو تيار داخل الحزب الحاكم بل ظل مقرباً من «البشير» خلال الخمسة أعوام الماضية.

ويذهب أصحاب هذا الرأي، إلى أن قرار الإقالة جاء نتيجة لتراكمات سابقة بين «البشير» ووزير خارجيته، وربما لها علاقة بترتيبات الرئيس السوداني للمشهد في البلاد، استعدادا للحصول على ولاية رئاسية جديدة.

الأزمة مع مصر

لكن رأيا آخر يعتبر الأضعف، يتبناه مراقبون، يتعلق بأن قرار الإقالة جاء على خلفية تصعيد «غندور» ضد مصر، بسبب الخلاف على مثلث «حلايب وشلاتين وأبو رماد» الحدودي بين البلدين، في وقت تشهد فيه الساحة تهدئة بين القاهرة والخرطوم، بعد حفاوة كبيرة استقبل بها الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي»، ونظيره السوداني.

واستعرض وزير الخارجية السوداني المقال في خطابه، موقفه من المثلث، وأعلن أن بلاده قدمت 3 شكاوى منفصلة ضد مصر، إلى مجلس الأمن الدولي، في الآونة الأخيرة، تضمنت الأولى احتجاجا على ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، عقب ضم جزيرتي تيران وصنافير لحدود المملكة في أبريل/نيسان 2016.

وتتعلق الشكوى الثانية، بإنشاء مصر ميناءين للصيد في شلاتين وأبورماد، ضمن مثلث حلايب، في فبراير/شباط الماضي، فيما جاءت الشكوى الثالثة ردا على إجراء الانتخابات الرئاسية المصرية في المثلث الحدودي المتنازع عليه.

من يخلف «غندور»؟

وتقلد «غندور» منصب وزير لخارجية بلاده، في يونيو/ حزيران 2015، خلفاً لـ«علي كرتي»، وسبق ذلك توليه منصب مساعد الرئيس السوداني «عمر البشير»، في ديسمبر/ كانون أول 2013.

ويعتبر من قيادات حزب المؤتمر الوطني النافذة في الأعوام الأخيرة، وشغل منصب نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني، في 2013، الذي يتولى رئاسته «البشير».

ومن أبرز المرشحين لخلافة «غندور»، الدبلوماسي «مطرف صديق» الذي شغل منصب أول سفير للخرطوم لدى جوبا، وفي أبريل/نيسان 2016، تولى منصب سفير فوق العادة للسودان والمفوض لدى الاتحاد الأوروبي في بروكسل، كما شغل «صديق» منصب وكيل وزارة الخارجية ووزير الدولة للشؤون الخارجية ووكيل وزارة الشؤون الإنسانية.

ومن الأسماء المرشحة أيضا لخلافة «غندور»، وزير الموارد المائية، «معتز موسى»، ويبرز أيضاً، اسم الدكتور «علي عثمان»، النائب الأول السابق لرئيس الجمهورية.

  كلمات مفتاحية

إبراهيم غندور مصر حلايب خلافات الأزمة المالية البشير

3 أسباب وراء إقالة وزير الخارجية السوداني من منصبه

الرئيس السوداني يقيل وزير الخارجية «إبراهيم غندور»