«قوة عربية بديلة» في سوريا.. فرص النجاح ومعوقاته

الثلاثاء 24 أبريل 2018 09:04 ص

بدت فكرة إنشاء «قوة عربية بديلة» استجابة سريعة من المخططين الأمريكيين، لتفادي تداعيات إصرار الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» على سحب قوات بلاده من سوريا قريبا جدا.

وتسعى الولايات المتحدة قبل انسحابها من سوريا للتأكد من القضاء الكامل على تنظيم «الدولة الإسلامية»، وضمان عدم سقوط المناطق التي كان يسيطر عليها بيده مرة أخرى، إضافة إلى تأمين مصالحها الاقتصادية في شمال شرقي سوريا الغنية بالنفط.

ويخشى المخططون الأمريكيون من احتمالات حدوث فراغ أمني في شرق وشمال شرقي سوريا، يمهد لعودة «الدولة الإسلامية» بعد هزيمته عسكريا، أو استثمار إيران والقوات الحليفة لهزيمة التنظيم بغية تحقيق مكاسب وفرض وقائع جديدة تعزز النفوذ الإيراني في سوريا والمنطقة.

ووفق تقارير متطابقة، ستعمل «القوة العربية البديلة» إلى جانب ما يسمى «قوات سوريا الديمقراطية» الحليفة للولايات المتحدة، لضمان عدم عودة تنظيم «الدولة الإسلامية» بعد هزيمته عسكريا، ومنع القوات الحليفة لإيران من ملء الفراغ الذي ستخلفه القوات الأمريكية بعد انسحابها من شرق وشمال شرقي سوريا.

أما الدول العربية التي قد تشارك في «القوة العربية البديلة»، وفي مقدمتها السعودية، فإنها تسعى إلى تحجيم النفوذ الإيراني في سوريا والمنطقة، إضافة إلى الهدف المشترك مع الولايات المتحدة في هزيمة «الدولة الإسلامية» بالكامل.

الفكرة مطروحة سابقا: وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» قد كشفت في 16 أبريل/نيسان الماضي، عن دخول مستشار الأمن القومي الأمريكي «جون بولتون» مفاوضات مع مسؤولين مصريين وسعوديين وإماراتيين وقطريين، تتعلق بإمكانية مشاركتهم في تشكيل «قوة عربية» تحل محل القوات الأمريكية وجنود دول التحالف الدولي والمتعاقدين الأمنيين، كما ناقش معهم مشاركة تلك الدول ماليا في الإنفاق على النشاطات العسكرية والمدنية في سوريا.

وتحدث وزير الخارجية السعودي «عادل الجبير» في 17 أبريل/نيسان 2018 عن نقاشات تجريها المملكة مع الولايات المتحدة منذ بداية هذه السنة، وهي ليست بالفكرة الجديدة «لكن إدارة أوباما في النهاية لم تتخذ إجراء بخصوص هذا المقترح».

وسبق أن نوقشت فكرة إرسال قوات عربية إلى سوريا في قمة قادة دول «مجلس التعاون لدول الخليج العربية» مع الرئيس الأمريكي السابق «باراك أوباما»، والتي عقدت في مايو/أيار 2015 في كامب ديفيد، وسبق هذا أيضا دعوات عدد من قادة دول عربية ومن مجلس جامعة الدول العربية لإرسال قوات عربية إلى سوريا.

وخلال زيارة الرئيس الأمريكي إلى الرياض في أيار/مايو 2017 لحضور القمة الأمريكية الإسلامية، كانت هناك بعض الاقتراحات لتشكيل منظومة دفاع إقليمية تعتمد على قوات التحالف الإسلامي الذي أعلنته السعودية عام 2015 بمشاركة الولايات المتحدة، لتشكيل ما يشبه «ناتو» عربيا إسلاميا لتحقيق الاستقرار في سوريا والعراق، اللتين خضعت أجزاء واسعة منهما حينذاك لسيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية».

لكن تلك الاقتراحات لم تتجسد بخطوات عملية أغفل قائد التحالف الإسلامي الجنرال الباكستاني «راحيل شريف» الإشارة إليها في مناسبات عدة، منها خطابه العلني الأول الذي ألقاه بالعاصمة البحرينية في أكتوبر/تشرين الأول 2017.

ويفهم مما نشرته شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأمريكية نقلا عن مسؤول مطلع، أن كلا من مستشار الأمن القومي الأمريكي الجديد «جون بولتون»، والمرشح لتولي منصب وزير الخارجية «مايك بومبيو»، يقفان وراء فكرة إنشاء «قوة عربية بديلة» عن القوات الأمريكية، لإرساء الاستقرار في شرق وشمال شرقي سوريا.

عناصر مرشحة للقوة العربية البديلة

تضم قائمة الدول المرشحة للإسهام بتشكيل «القوة العربية البديلة» عن القوات الأمريكية، كلا من السعودية، والكويت، وسلطنة عمان، وقطر، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين، والأردن، ومصر.

وباستثناء المملكة العربية السعودية التي أعلن وزير خارجيتها استعداد بلاده لإرسال جنود إلى سوريا، لم تصدر عن الدول الأخرى موافقات رسمية للمشاركة في «القوة العربية»، التي لم تعلن الولايات المتحدة رسميا تبنيها فكرة تأسيسها والتحرك لتنفيذها.

إلا أن مسؤولين أمريكيين، منهم المتحدث باسم القوات المشتركة لعملية العزم الصلب (الاسم العسكري للتدخل العسكري الأمريكي ضد الدولة الإسلامية في العراق وسوريا) العقيد «ريان ديلون»، أشار في مؤتمر صحفي اعتيادي في 17 أبريل/نيسان 2018، إلى أن الدول المعنية مسؤولة عن إعلان مساهمات محددة لقوتها على الأرض في سوريا»، من حيث تقديم الدعم الجوي أو الميداني أو التدريب.

القوة البديلة جزء من الاستراتيجية الأمريكية

تؤكد فكرة إنشاء «قوة عربية بديلة» لتحقيق الاستقرار في شمال شرقي سوريا، أنها جزء من استراتيجية الوجود العسكري الأمريكي في هذه المناطق، واحتمالات انحساره، وحاجة واشنطن إلى قوة تملأ الفراغ الناجم عن ذلك، وتفترض الفكرة تراجعا عسكريا أمريكيا مع الحاجة إلى قوات حليفة تعمل مع «الإدارة الذاتية» التي تفرض سلطاتها على هذه المناطق لقتال تنظيم «الدولة الإسلامية» ومنع عودته.

وتعتمد المقاربة الأمريكية في إنشاء «قوة عربية بديلة» على استراتيجية الحفاظ على النفوذ والمصالح الأمريكية في شمال شرقي سوريا، من دون وجود جنود أمريكيين على الأرض، أو من دول التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.

صراع المحاور

يمكن أن تكون فكرة إنشاء «قوة عربية بديلة» ردا أمريكيا عربيا مشتركا على دور محور إيران وروسيا في سوريا الذي يمضي بعيدا عن التنسيق مع الولايات المتحدة، التي ليس من ضمن أولوياتها الاهتمام بالملف السوري بمجمله، واختيار ما يتعلق بمصالحها الخاصة في مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» في شمال شرقي سوريا، وفصائل المعارضة المسلحة «المعتدلة» في شرقي وجنوبي سوريا.

قد تجد الولايات المتحدة بالتنسيق مع هذه الدول العربية بدائل مجدية أكثر قابلية للتنفيذ على الأرض، مع ضمان تحقيق الأهداف المنتظرة من تشكيل «القوة العربية البديلة»، باستخدام قوى حليفة من فصائل المعارضة السورية المسلحة، لتخوض حربها بالوكالة بعد تأمين مستلزمات الدعم التسليحي والاستشارات والتدريب.

تحديات ومعوقات

ليس من الواضح أن جميع، أو معظم الدول «المكلفة» لديها ما يكفي من الرغبة لإرسال جنودها إلى سوريا في مرحلة متأخرة باتت محاور الصراع الإقليمي والدولي أكثر استقطابا، وأقرب إلى مسار الصدام المسلح على الأراضي السورية، خاصة بين إيران و(إسرائيل).

ستجد «القوة العربية البديلة» نفسها في بيئة «عدائية» مكتملة الأركان، تتشكل من قوات «الحشد الشعبي» العراقي الحليفة لإيران على جانبي الحدود العراقية السورية، وعشرات المجموعات الشيعية المسلحة الحليفة لإيران على الأراضي السورية، واحتمالات الصدام مع الجنود السعوديين تبعا لحالة العداء السعودي الإيراني.

بدائل القوة العربية

لا توجد خيارات متعددة أمام مراكز صنع القرار الأمريكي بديلة عن إنشاء «قوة عربية» للحلول محل القوات الأمريكية وقوات التحالف الدولي وشركات الحماية الأمنية.

من المرجح أن «القوة العربية البديلة» لن ترى النور، ولن يتم إرسال جنود من الدول العربية «المكلفة»، والاكتفاء بقيام هذه الدول بتقديم الدعم المالي والعسكري لـ«قوات سوريا الديمقراطية» لتخفيف الأعباء عن الولايات المتحدة، وتحقيق رؤية الرئيس الأمريكي في تقليل كلفة الوجود العسكري الأمريكي المالية بإسهامات الدول «المكلفة».

كما أن الخيار العملي الآخر البديل عن القوة العربية، قد يكون ما ناقشه أريك برنس مؤسس شركة «بلاك ووتر» مع مسؤولين عرب، وتجنيد مقاتلين من الدول النامية والفقيرة، على أن تتكفل الدول «المكلفة» بتحمل النفقات المالية.

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

السعودة الإمارات قطر مصر سوريا إيران الولايات المتحدة قوة عربية مشتركة الدولة الإسلامية