«مركز ويلسون»: لماذا يقلق الغرب من الشراكة التركية الروسية؟

الأربعاء 25 أبريل 2018 08:04 ص

يعمل الرئيسان التركي «رجب طيب أردوغان» والروسي «فلاديمير بوتين»، على صفقات للأسلحة النووية والطاقة الرئيسية، الأمر الذي قد يتحول إلى شراكة طويلة الأمد بين البلدين، روسيا وتركيا.

وأجرى «بوتين» زيارة رسمية لمدة يومين إلى أنقرة، في 3 أبريل/نيسان هذا العام.

وبارك الرئيسان «أردوغان» و«بوتين» مشروع محطة «أكويو» للطاقة النووية، في حفل الافتتاح الرسمي في اليوم ذاته.

وسيكون مشروع «أكويو»، الذي من المقرر أن يتم الانتهاء منه بحلول عام 2023، أول محطة للطاقة النووية في تركيا.

وتعد الشركة الروسية الحكومية «روساتوم» هي المسؤولة عن تمويل وبناء وتشغيل المشروع.

وتعد محطة «أكويو» أول مشروع لـ «روساتوم» تحت خطة «البناء، والتملك، والتشغيل»، لذا فإن روسيا سوف تمتلك المصنع وتديره، وتبيع الطاقة إلى تركيا بفعالية.

ومن المتوقع أن توفر محطة «أكويو»، التي تبلغ تكلفتها 20 مليار دولار، بطاقة إنتاجية تبلغ 4 آلاف و800 ميجاوات، 10% من احتياجات تركيا من الكهرباء.

صناعة الطاقة النووية التركية

وتحولت مشاركة «روساتوم» في مشاريع الطاقة النووية إلى أداة قابلة للتطبيق لدعم النفوذ الروسي في الخارج.

وعلى النقيض من صادرات النفط والغاز التي تستخدمها روسيا لخدمة أهداف السياسة الخارجية بشكل رئيسي في أوروبا، فإن صناعة الطاقة النووية القوية تمكن الكرملين من تحقيق أهدافه العالمية، من أمريكا اللاتينية إلى أفريقيا وأماكن أخرى.

وفي هذا السياق، إلى جانب التفاصيل المعقدة والطبيعة التجارية الرئيسية للصفقة، يمثل مشروع «أكويو» مشاركة استراتيجية طويلة الأجل بين روسيا وتركيا. وتصل مدة خدمة المحطة إلى 60 عاما، قابلة للتمديد لمدة 20 عام أخرى.

وشكر «فلاديمير بوتين» تركيا لمنح روسيا الفرصة للاستثمار الاستراتيجي في المشروع.

ومع ذلك، وكجزء من المشروع، تقدم المؤسسات الأكاديمية الروسية التدريب الميداني الخاص والتعليم العالي للطلاب الأتراك، الذين سيعملون في مشروع «أكويو» على وجه التحديد، والصناعة النووية بشكل عام.

علاوة على ذلك، على الرغم من أن أنقرة قد سعت رسميا لتطوير صناعتها النووية بالتوقيع على اتفاقية حول الاستخدام السلمي للطاقة الذرية مع الولايات المتحدة عام 1955، إلا أنه لم يتم إحراز تقدم يذكر حتى تم التوصل إلى الاتفاق مع روسيا.

واعتبر الأتراك أن الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى هي العقبة الأكثر أهمية أمام طموحات تركيا النووية، بدلا من كونها شريكة في تحقيقها.

وفي هذا السياق، لخص الرئيس «بوتين» أهمية مشروع «أكويو»، بقوله: «في الواقع، لا نكتفي اليوم ببناء أول محطة للطاقة النووية التركية، نحن نشهد وضع الأساس للصناعة النووية في تركيا. نحن نخلق صناعة جديدة هنا».

تكنولوجيا الدفاع

كما ظهرت شراكة بين البلدين في مجال تكنولوجيا الدفاع. واتفق «بوتين» و«أردوغان» على التسليم المبكر لأنظمة الدفاع الجوي الروسية من طراز «S-400» إلى تركيا، في وقت مبكر من أكتوبر/تشرين الأول عام 2019، وتمت إعادة جدولة موعده بدلا من عام 2020 المخطط له في البداية.

وانتهت أنقرة وموسكو من الاتفاق الروسي التركي البالغ قيمته 2.5 مليار دولار لشراء أنظمة «S-400» عام 2017. وبموجب الاتفاق، ستدفع تركيا 45% من التكلفة مقدما، في حين ستقدم روسيا قرضا لتغطية نسبة الـ 55% المتبقية.

والنقطة اللافتة للصفقة هي أن القرض سيصدر بالروبل الروسي، وليس بالدولار الأمريكي، وهي المرة الأولى التي تتخذ فيها تركيا مثل هذه الخطوة.

وأثارت صفقة أنظمة «S-400» القلق بين الولايات المتحدة وأعضاء حلف الناتو الآخرين. ومع ذلك، فقد اشترت الدول الأعضاء في حلف الناتو مثل اليونان وبلغاريا أنظمة «S-300»، وهي نسخة سابقة من أنظمة «S-400».

ويعد أحد الجوانب الرئيسية في صفقة «S-400» هو سعي تركيا إلى ضمان الإنتاج المحلي للأنظمة. ويعني هذا مستوى معين من نقل التقنيات ذات الصلة أو المعرفة إلى تركيا.

وعلاوة على ذلك، تقدم روسيا صفقة أكثر مرونة مما يمكن أن تحصله تركيا في أنظمة الدفاع التابعة لحلف شمال الأطلسي أو الولايات المتحدة، والتي تفرض قيودا على مكان نشر المعدات، وضد أي نوع من الأهداف يمكن استخدامها، والقيود المفروضة على الوصول إلى رموز أمنية محددة.

وبشكل عام، تجسد صفقة أنظمة «S-400» خطط أنقرة لتنويع قدراتها الدفاعية بعيدا عن حلف الناتو. ولذلك، تنذر الصفقة أيضا بشراكة روسية تركية طويلة الأجل في المجال العسكري.

وفي مثال آخر على قيام تركيا بالتصرف خارج حظيرة المؤسسات الغربية الراسخة، عقد الرؤساء الإيراني والروسي والتركي محادثات ثلاثية في أنقرة في 4 أبريل/نيسان، كجزء من عملية «أستانة»، لمحاولة حل النزاع السوري.

وعلى الرغم من أن الاجتماع استضافته تركيا، وهي حليف طويل الأمد للولايات المتحدة في حلف الناتو، إلا أنه لم يعقد تحت رعاية الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي.

وتعد هذه هي المرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية يعقد فيها مثل هذا الاجتماع دون موافقة الأمم المتحدة. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي «أفيغدور ليبرمان»: «إنهم يحددون مستقبل سوريا دون أي ممثل أمريكي».

منغصات الشراكة

لكن العلاقة الجديدة ليست مريحة على طول الخط. فعلى الرغم من أن أنقرة اشتركت مع موسكو وطهران في قيادة عملية أستانة، فإن الخلافات لا تزال قائمة بين الحكومات الثلاث.

وفي الواقع، بعد أيام قليلة من زيارة بوتين لتركيا، قال وزير الخارجية الروسي «سيرغي لافروف» إن أنقرة يجب أن تسلم السيطرة على منطقة عفرين السورية، التي تسيطر عليها حاليا القوات المسلحة التركية، إلى دمشق.

وهاجم «أردوغان» الفكرة على الفور. وعلاوة على ذلك، أيد «أردوغان» بشكل لا لبس فيه الضربات الأخيرة التي قادتها الولايات المتحدة ضد سوريا، بينما أدانتها موسكو بشدة.

لذلك، قد يكون مستقبل العلاقات الروسية التركية متعثرا حين النظر إلى أهداف كل منهما في الصراع السوري. لكن في الوقت الراهن، تزداد العلاقات التركية مع روسيا، بينما تتدهور علاقاتها المؤسسية مع الغرب. ويحدث هذا بسبب إرادة «بوتين» و«أردوغان» لإيجاد حلول وسط للمشاكل التي تعوق التقدم في العلاقات الثنائية.

وأثناء الأزمة الكوبية، وصف السفير الأمريكي السابق لدى تركيا، «رايمون إيه هير»، الأتراك بأنهم «لا يفهمون مفهوم التفاوض أو عمليات التسوية».

لكن يبدو أن هذا التصور يتغير بشكل جذري مع خطاب اعتذار «أردوغان» إلى «بوتين» بعد إسقاط طائرة مقاتلة روسية من قبل قوات الدفاع التركية.

ويجب النظر في عاملين لفهم هذا التغيير، وفهم مفهوم أنقرة الاستراتيجي تجاه موسكو. من جهة، من وجهة نظر أنقرة، يقف الغرب الذي تقوده الولايات المتحدة أمام «هيمنة» الأتراك. وبالفعل، يمثل موقف الغرب من طلب انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي ومن البعد الكردي للصراع السوري عقبة أمام مصالح أنقرة. ومن ناحية أخرى، يبدو أن «فلاديمير بوتين» يفهم حساسية تركيا في مثل هذه الأمور، ويتحرك وفقا لذلك لجذب أنقرة.

  كلمات مفتاحية

فلاديمير بوتين أردوغان موسكو أنقرة محطة أكويو