«المونيتور»: عداء السعودية تجاه إيران يهدد المنطقة وواشنطن

الخميس 26 أبريل 2018 05:04 ص

يتبع الملك «سلمان بن عبدالعزيز آل سعود» وابنه أشد سياسة مناهضة لإيران والشيعة في التاريخ السعودي الحديث.

وهذا النهج له جذور عميقة في التاريخ الوهابي، وبمزج هذا بالتدخل الإقليمي التوسعي الذي تقوم به إيران، فإن المزيج يصبح خطيراً وقابلاً للانفجار، ما يجعل واشنطن تحتاج إلى توخي الحذر الشديد وعدم تأجيج الوضع.

علاقات أكثر تصادمية

أمضى «محمد بن عبدالوهاب» – وهو مؤسس الشكل الفريد الذي يتخذه الإسلام في المملكة - بعض الوقت في البصرة في منتصف القرن الثامن عشر، وكان تعرضه لأكثر مدن العراق تشيُّعاً مشكِّلاً لأفكاره، وفقاً لما قاله «مايكل كروفورد»، وهو أهم كاتب غربي تناول سيرة «عبدالوهاب»، فقد أصبح ناقدًا متطرفاً للشيعة، ووصفهم بالمشركين والكفار، وقد قامت الجيوش السعودية بسلب مدن شيعية في العراق ودمرت المقامات الشيعية في مكة وغزت اليمن في محاولة لهزيمة القبائل الشيعية الزيدية.

كان للملوك السعوديين المعاصرين علاقات عدائية مع إيران، مع كل من «الشاه» و«آية الله»، لكنهم تجنبوا المواجهة المباشرة ودائما ما كانت قنوات التواصل مفتوحة.

فقد كان الملك «فيصل» (الذي حكم في الفترة من 1964 إلى 1975) يبغض الشاه بسبب غروره، لكنه عمل معه لإنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي (المعروفة الآن باسم منظمة التعاون الإسلامي)، كما كان الملك «فهد» (الذي حكم من 1982 إلى 2005) يدعم «صدام حسين» في الحرب العراقية الإيرانية، لكنه استخدم القوة السعودية التمويلية لإجبار «صدام» على قبول وقف إطلاق النار لإنهاء الحرب.

وعيّن الملك «عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود» (الذي حكم من 2005-2015) شيعياً سعودياً سفيرا لدى طهران وحافظ على حوار مفتوح، حتى عندما أرسل قوات عبر جسر الملك فهد لسحق المعارضة من الأغلبية الشيعية في البحرين قبل سبع سنوات.

لكن الملك «سلمان» وولي العهد «محمد بن سلمان» اتبعا نهجاً أكثر تصادمية، فالمبادرة التي ميزت سياستهم الخارجية هي الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات في اليمن، والتي يتم تصويرها على أنها حرب ضرورية لمنع الإيرانيين من الاستيلاء على اليمن عبر المتمردين الحوثيين الزيديين.

وقد شهدت هذه الحرب الكوارث الإنسانية، مثل قصف حفلات زفاف من قبل الائتلاف الذي تقوده السعودية، والتجويع الجماعي للشعب اليمني بسبب الحصار السعودي، وتكلف الحرب المملكة ثروة لكنها تحظى بشعبية كبيرة لدى المؤسسة الوهابية.

وفي الداخل، قاد الملك «سلمان» والأمير «محمد» حملة قاسية ضد المعارضين الشيعة السعوديين في المنطقة الشرقية من المملكة، وقد تعرضت مدينة العوامية لقصف من قبل السلطات السعودية، وتظهر صور الأقمار الصناعية أحياء كاملة دمرت، كما أدى إعدام رجل الدين الشيعي البارز الشيخ «نمر النمر» إلى خرق السعوديين للعلاقات الدبلوماسية مع إيران، وهذا أيضاً يحظى بشعبية كبيرة لدى المؤسسة الدينية الوهابية.

في سوريا ولبنان، سعى السعوديون إلى إضعاف نظام «بشار الأسد» و«حزب الله»، لكن لم ينجح أي من الجهدين، ولا تزال إيران تنغرس في كلتا الدولتين أكثر من أي وقت مضى.

العراق استثناء

وقد أثار قرار إدارة «دونالد ترامب» بسحب القوات الأمريكية من سوريا قلق الرياض، كما إن عرضه بإرسال القوات السعودية والقوات العربية الأخرى إلى سوريا - وهو اقتراح قديم أعيدت صياغته - هو اقتراح أجوف، بالنظر إلى كيفية أداء القوات البرية السعودية في اليمن.

ويعد العراق اليوم هو الاستثناء الذي يثبت القاعدة، فعلى مدار أكثر من عقد بعد الغزو الأنغلوأمريكي للعراق في عام 2003، دعمت السعودية المقاومة العربية السنية لحكومات الأغلبية الشيعية المنتخبة.

وقد دعمت المؤسسة الوهابية الدينية هذا النهج بحماس، ولكنها كانت سياسة مفلسة وغير مثمرة، حيث فقدت الجالية العربية السنية في العراق قوتها ونفوذها.

لذا يحاول السعوديون الآن تطوير علاقة إيجابية مع الشيعة في العراق، فقد افتتح السعوديون سفارة مؤخرا لهم في بغداد، كما يسعون إلى فتح قنصليات في البصرة والنجف لإضافتها إلى القنصلية في أربيل، وهناك حديث يدور عن زيارة ولي العهد للعراق، ويتم فتح الحدود للتجارة والأحداث الرياضية جارية، وتعد مبادرة السياسة السعودية نقطة مضيئة للعراق والمملكة.

لكن لا تزال هناك حدود لذلك، فالعراق ليس عضوا في التحالف العسكري الإسلامي الذي تقوده السعودية، والذي تهدف السعودية به إلى مواجهة إيران، ولدى الإيرانيين الكثير من الأصول في العراق أكثر من السعوديين، وهم مصممون على الحفاظ على هيمنتهم، كما ليس لدى السعوديين أي مضاد مكافئ للحرس الثوري الإيراني.

عدم صبّ البنزين

وفي ضوء ذلك، يبقى الحل الأمثل لخفض التصعيد في الصراع الطائفي في المنطقة هو البدء في اليمن، خاصة أن عملية الأمم المتحدة الحالية تعد غير محفزة، لأنها تستند إلى قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والذي يميل عمداً نحو الرياض.

تتمتع كل من واشنطن ولندن وباريس بنفوذ كبير، كمورِّدين للأسلحة إلى السعودية، لهذا يجب أن يعملوا معاً للمساعدة في إيجاد طريقة تحفظ ماء الوجه للملك وولي العهد لإنهاء الحرب.

من غير المحتمل أن تساعد إيران في ذلك، فالحرب في اليمن هي ميزة استراتيجية رئيسية لطهران، فهي تضرّ بالسعوديين بتكلفة قليلة بالنسبة لإيران، لكن الأمر خطير أيضاً، خاصة أن الإيرانيين قد ساعدوا في قدرات الحوثيين الصاروخية، والرياض حرفيًا تحت النار.

ويبدو الإيرانيون متلهفين بشكل خاص لإذلال ولي العهد، الذي وصف «علي خامنئي»، بلقب «هتلر القرن الواحد والعشرين»، أما إيران فتلقب ولي العهد بـ«الطفل».

في هذه البيئة السامة، ليس من المنطقي أن تتخلى إدارة «ترامب» عن الاتفاقية النووية مع إيران، ويمكن انتقاد الاتفاقية بسبب عيوبها، لكنها تمنع إيران من أن تصبح دولة تمتلك أسلحة نووية.

وقد أوضح الأمير «محمد» علناً أنه إذا عادت إيران إلى تطوير نشط لترسانة نووية، فإن السعودية ستفعل الشيء نفسه، لهذا يجب على الولايات المتحدة ألا تضيف البنزين إلى النار في السعودية.

  كلمات مفتاحية

السعودية إيران اليمن العراق الاتفاق النووي