فرنسا تبحث عن مخرج للأزمة السورية في مصر

الأحد 29 أبريل 2018 09:04 ص

تحسين صورة فرنسا عربيا، عقب مشاركتها في الضربة الثلاثية الغربية بسوريا مؤخرا، وبحث إمكانية مشاركة قوات عربية بديلة هناك، احتمالان يلوحان في أفق زيارة وزير خارجية فرنسا «جان إيف لودريان»، الموفد من رئيس بلاده «إيمانويل ماكرون»، اليوم الأحد، إلى القاهرة والجامعة العربية، وفق خبيرين.

وكشفت فرنسا، في بيان الجمعة، عن إجراء وزير خارجيتها حوارا وثيقا مع المسؤولين، يتناول المبادرات (لم تسمها) التي يتعين اتخاذها لهزيمة تنظيم «الدولة الإسلامية» بصورة دائمة، وحرمان النظام السوري من ترسانته الكيمائية، إلى جانب الرد على الاحتياجات الإنسانية والتوصل إلى حل سياسي.

خبيران مصريان في الشؤون الدولية تحدثا لـ«الأناضول» بشكل منفصل، إذ يرى أحدهما أن فرنسا بحاجة لصياغة جديدة لعلاقاتها بالمنطقة تخفف من وتيرة مشاركتها في الضربة الأخيرة بسوريا، ومغايرة لصورة سيئة عن رغبتها في العودة لحقبة الاستعمار بالمنطقة كما في القرن الماضي.

أما الخبير الثاني، فيرى أن قضايا ليبيا وعملية السلام في الشرق الأوسط والإرهاب ستكون تقليدية، مستدركا: «لكن الملف الأهم هو سوريا، وأبرز ما فيه مناقشة احتمالية مشاركة قوات عربية بديلة عن الأمريكية هناك، رغم الرفض المصري المتوقع، وهو ما بدا في إدراج لقاء أمين الجامعة العربية أحمد أبو الغيط، ضمن جدول الزيارة».

فيما يختلف خبير مصري ثالث، وهو أكاديمي متخصص في العلاقات الدولية مع الطرح السابق، مؤكدا أن الزيارة تقليدية في ضوء العلاقات الثنائية الجيدة بين مصر وفرنسا، والتي تبدو في حضور وزير خارجية وليس رئيس البلاد، ولا تتحمل أكثر من ذلك.

وفي 21 أبريل/نيسان الجاري، أجرى «ماكرون»، اتصالا هاتفيا، مع الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي»، لبحث تداعيات الضربة الثلاثية التي نفذتها واشنطن وباريس ولندن، فجر 14 من الشهر ذاته، على أهداف للنظام السوري، بعد أسبوع واحد من هجوم كيميائي شنه على بلدة دوما بريف دمشق، أوقع عشرات القتلى ومئات الجرحى.

«ماكرون» أكد لـ«السيسي»، وفق بيان للرئاسة المصرية، أنه وجه وزير خارجيته (لودريان) بزيارة القاهرة نهاية الشهر الجاري، دون إعلان عن أهدافها آنذاك.

وعقب الضربة، أعلنت مصر والجامعة العربية موقفا متشابها يعرب عن قلق بالغ من التصعيد العسكري، ويرفض استخدام أية أسلحة محرمة دوليا على الأراضي السورية.

الموقف تضمن أيضا مطالبة بإجراء تحقيق دولي شفاف في هذا الشأن، وسط أحاديث أمريكية عن نية للانسحاب من سوريا وسط خيارات مطروحة بإحلال قوات عربية مكانها.

أهداف معلنة

أعلنت الخارجية الفرنسية، مساء أمس الأول الجمعة، في بيان نقلته سفارتها بالقاهرة، أن «لودريان» سيلتقي «السيسي» ووزير خارجية بلاده، وأمين الجامعة العربية.

وقالت إن «لودريان» سيبحث مع محاوريه مجمل المسائل الإقليمية التي نحافظ بصددها على حوار وثيق.

وإضافة إلى جملة الأهداف المتعلقة بسوريا والتي ذكرت آنفا، سيبحث «لورديان» ملف ليبيا والدور الأممي بشأن إجراء انتخاباتها في أقرب وقت.

وقد سبق الزيارة مشاورات مصرية، أمس السبت، مع مبعوث الأمم المتحدة «غسان سلامة»، في القاهرة بشأن تطورات الأوضاع بليبيا.

وتطرق البيان إلى محادثات بشأن عملية السلام في الشرق الأوسط، وكذلك مواجهة الإرهاب، ودعم الاقتصاد المصري.

تحسين صورة

يعتقد «سعيد اللاوندي»، خبير العلاقات الدولية في مركز الأهرام للدراسات السياسية الاستراتيجية، (حكومي)، بأن فرنسا بدأت تستشعر وجود حالة غضب عربي بسبب مشاركتها مع أمريكا وبريطانيا في العدوان الثلاثي على سوريا.

وبالتالي فهي حريصة كل الحرص، من وجهة «اللاوندي»، على العودة إلى الحل السياسي عبر بوابة مصر التي هي (بالنسبة لفرنسا) من أوائل الدول المؤمنة به.

ويضيف: «فرنسا تريد تحسين صورتها التي ساءت، خاصة والبعض رآها تتجه نحو حلمها بإعادة الاستعمار باعتبارها دولة استعمارية قديمة».

ويدعم «اللاوندي» رأيه هذا، باعتبار أن فرنسا لم تعد تعشق «ماكرون» أو تنتظر منه الكثير في سياساته الداخلية أو الخارجية.

وبخلاف ملف سوريا، يقول عن الملفات الهامة للزيارة، إنه سيتم بشكل أو بآخر الحديث عن مواجهة الإرهاب وقد يكون هذا مدخل الحديث عن ليبيا.

قوة بديلة

«سعيد صادق»، الأكاديمي المصري المتخصص في العلاقات الدولية، يتفق مع سابقه على أن شعبية «ماكرون» باتت ضعيفة ومشاركته في الضربة الأخيرة أعادت بفرنسا لحلمها الاستعماري القديم في نظر البعض.

لكنه اختلف عنه في مدى تأثير الانتقاد أو الغضب العربي على العلاقات الفرنسية، في ظل عقد باريس صفقات عسكرية وبيعها أسلحة للجميع.

ويرى «صادق» أن ملف سوريا هو الأهم في ظل اتجاه عالمي نحوها، وسط حديث عن مشاركة قوة عربية بديلة عن تلك الأمريكية المتواجدة هناك.

ويؤكد أن مقابلة وزير خارجية فرنسا لأمين الجامعة العربية تؤكد هذا الاتجاه، متوقعا طرح «لودريان» مشاورات ومبادرات بشأن تلك القوات مع مصر وأبو الغيط.

كما توقع الأكاديمي المصري امتناع بلاده عن هذا الخيار، والتمسك بالحل السياسي، وأهمية وجود غطاء دولي لأي شيء آخر بخلاف ذلك.

ويشدد على أن أي حديث آخر حول حوار بشأن ليبيا وفلسطين والعلاقات الثنائية مع مصر هو تكملة للصورة ليس أكثر، موضحا أن القاهرة وباريس أكثر دراية بالملف الليبي والفلسطيني، ولا حاجة لمشاروات معمقة فيه الآن.

زيارة تقليدية

وبعيدا عن كل التوقعات وما تحمله الزيارة، يرى الأكاديمي المصري «جهاد عودة»، المتخصص في العلاقات الدولية، أنها ستشمل اهتمامات تقليدية للاستراتيجية المصرية الفرنسية.

ويوضح أن الزيارة تأتي من وزير خارجية تنفيذي محافظا في حديثه، وليس على المستوى الرئاسي.

وبالتالي فهو يرى أنه لا جديد في العلاقات المصرية الفرنسية يمثل فارقا أو استثنائيا يمكن أن يحدث تحولات بعد الزيارة.

وتنامت العلاقات الفرنسية المصرية، في السنوات الأخيرة، إذ مثلت صفقات التسليح العسكري رأس الحربة في العلاقات بين البلدين، وباتت باريس أحد أهم مصادر التسليح المصري، بجانب الولايات المتحدة وروسيا.

وتعد فرنسا سادس مستثمر في مصر لعام 2016 بمخزون استثمارات أجنبية مباشرة يقدر بـ1.6 مليارات يورو في العام نفسه.

ووصلت المبادلات التجارية بين البلدين إلى 2.5 مليار يورو في 2017، منها 1.9 مليارات صادرات فرنسية، بحسب بيان لوزارة الخارجية الفرنسية.‎

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

مصر سوريا ليبيا فرنسا السيسي ماكرون لودريان العلاقات المصرية الفرنسية