لماذا طفح كيل أمريكا من دول الحصار؟

الاثنين 30 أبريل 2018 02:04 ص

شكّلت زيارة أمير قطر «تميم بن حمد آل ثاني» في 10 أبريل/نيسان الجاري إلى العاصمة الأمريكية واشنطن ولقاؤه الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» النهاية المنطقية لاستغلال دول الحصار زيارة الأخير إلى الرياض السنة الماضية، التي رافقتها قمتان عربية وإسلامية لإظهار نفوذ السعودية الكبير في العالم، وصفقات قيل وقتها أنها بـ380 مليار دولار، وصولا إلى أشكال من الاحتفال غير المسبوقة برئيس أمريكي من قبل كان بينها إشراكه في رقصة العراضة الشهيرة بالسيف والتي خلّدتها نظرة الملك سلمان المتطلّعة إلى تعابير وجه «ترامب» يومذاك.

السعودية وحلفاؤها في الإمارات والبحرين ومصر، اعتبروا أن هذا الإنجاز السياسي والمالي والاستعراضي كان السعر الكافي لبدء حملة شرسة ضد قطر بدأت بعد أربعة أيام فقط من وصوله (بدأت الزيارة يوم 19 مايو/آيار فيما بدأت الحملة يوم 23 مايو/آيار)، مع اختراق وكالة الأنباء القطرية التي تم تقويلها تصريحات مزعومة على لسان أمير قطر نفسه.

ثم تتالي القرارات بإعلان الحصار، ثم فرض عقوبات على أي شخص يتعاطف مع الدوحة (15 سنة سجنا وغرامات مالية باهظة!)، واتهام شخصيات وهيئات بالإرهاب، وصولاً إلى الحال المعلوم الذي وصلنا إليه اليوم.

واجهت قطر الحملة على الصعد السياسية والعسكرية والإعلامية والحقوقية، وقادت معارك ناجحة للضغط على البيت الأبيض وكشف تهافت أسباب الحملة الموتورة ضدها، وبعد زعم «ترامب» في يونيو/حزيران من السنة الماضية أن قطر «تدعم الإرهاب»، فإنه في لقائه الأخير مع الأمير «تميم» تراجع إلى حد القول إنه صار متأكدا من أن البلدان القريبة من أمريكا «بما فيها الإمارات والسعودية» قد توقفت عن دعم الإرهاب!

إضافة إلى هذا النشاط الدبلوماسيّ والإعلامي القطريّ، فإن وقتا غير طويل كان كافيا لانتباه الولايات المتحدة الأمريكية، إلى المفارقة الكبرى التي خلقها التحالف الرباعي بمحاصرته المحمومة لقطر، في الوقت الذي يدّعي فيه عداء إيران.

فهذا الحصار ترك الباب مفتوحا لطهران، مدفوعة بالشقاق بين دول مجلس التعاون، الذي امتد عمليا إلى الكويت وعُمان المزعوجتين من حصار قطر، وترك المواقف تتحسن لصالح إيران، في الخليج نفسه.

مع اضطرار قطر لاستخدام الموانئ البحرية والجوية لإيران، وفي اليمن، مع تهميش الإمارات لشرعية الرئيس «هادي»، وفي سوريا، مع انكفاء تركيا التي صارت بدورها هدفا لهجوم دول الحصار، على نفسها، واقترابها من روسيا وإيران، وفي فلسطين، حيث تدعّم حصار (إسرائيل) ومصر لغزة.

وارتفعت رايات التطبيع مع (إسرائيل) والتضييق على السلطة الفلسطينية والمملكة الأردنية، الأمر نفسه يمكن رؤيته في ساحات عربية أخرى انفلتت فيها الأمور عن المنطق وابتعدت عن المصالح الاستراتيجية للخليج والعرب… وأمريكا نفسها.

هذه المعطيات كلّها توضح ما ذكرته صحيفة «نيويورك تايمز» عن أن وزير الخارجية الأمريكي الجديد، القادم إلى المنطقة لتصليب الموقف من إيران، قدّم رسالة واضحة للسعوديين بأن الكيل طفح وأن رفع الحصار عن قطر صار أمرا ملزما.

وإذا كان السعوديون قادرين على التلاعب على العلاقة المتوترة بين «ترامب» ووزير خارجيته السابق «ريك تيلرسون»، فإن الأمر لم يعد ممكنا مع مجيء «بومبيو»، القريب من «ترامب»، والآتي لتنفيذ أجندته في تحجيم الخطر العسكري والنفوذ الإيرانيين في المنطقة.

  كلمات مفتاحية

الأزمة الخليجية حصار قطر دول الحصار إدارة ترامب إيران