استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

في نعي «الحالة الإسلامية»!

الخميس 3 مايو 2018 12:05 م

سارع كثير من الباحثين والكتاب بعد الانتكاسات التي أصابت حركات إسلامية خاضت غمار السياسة، إلى البدء بنعي «الحالة الإسلامية» برمتها، وبغض النظر عن بواعث هؤلاء وأولئك، لا يمكن للعين أن تخطئ أن هذه الحالة دخلت منطقة ترنح وانعدام وزن، بسبب الضربات القوية التي تلقتها في غير ساحة.

والسبب الرئيس لهذا، لم يكن عجز القائمين على قيادة دفتها أو التفاعلات داخلها فقط، بل كان تقصد إنهاكها وإخراجها من الحلبة، باعتبارها تشكل خطرا ما على اللاعبين الرئيسين في هذه الحلبة، سواء كانوا عربا أو عجما، حيث شهدنا حلفا متينا جمع كل المتضررين المحتملين من تطور الحالة، وأوسعوها ضربا وتشتيتا واستهدافا، مستعملين في هذا كل الأسلحة المتاحة، المباحة والمحرمة قانونا وإنسانيا، ابتداء بالتصفية الجسدية المباشرة، وانتهاء بالشيطنة الفكرية، مرورا بوصمها بتهم الإرهاب والتطرف والمروق والشطط، إلى غير ما هناك من دس وتآمر وتحريض!.

لو نظرنا إلى هذا الاستهداف للحالة الإسلامية بصورة مجردة فسنجده متوقعا إن لم يكن حتى «منطقيا» ومنسجما مع طبيعة الحراك والتدافع الحضاري، فتلك الحالة تحمل في أحشائها آليات تفتيت الآخر وإقصائه، والحلول محله، ليس لأنها تحمل من الديناميكية ما يؤهلها لهذا فحسب، بل لأن هذا الآخر مأزوم أصلا، وقارب رصيده في الشارع على الصفر، وأفلس على الأرض تماما، لذا كان من الطبيعي أن يحشد كل ما تحت يديه من قوة للإجهاز على الحالة الإسلامية قبل أن تنضج وتطيح به، مستعينا بكل القوى التي تشاركه مخاوفه في الداخل والخارج.

وهنا لا بد من الاعتراف أن القائمين على هذه الحالة حسبوا بعض النجاحات التي أصابوها كانت بمثابة «التمكين» في الأرض، فلم يعدوا للمعركة عدتها، ولم يحسبوا حساب ردة فعل الآخر، فوقعوا فريسة سهلة في براثنه، ففعل بهم ما فعل!.

الخطأ الذي يقع فيه هذا الآخر هو نفسه خطأ القائمين على الحالة، حيث يعتقد أنه فرغ من مهمته، وأنه آن أوان الحديث عن مرحلة ما بعد الحالة، باعتبار أنه يعيش مرحلة «تمكين» مشابهة لتلك التي توهمها ناشطو الحالة الإسلامية، وهذا خطأ فادح، سيكون وبالا على كل من يركن إليه.

ذلك أن هذه الحالة تمتلك آليات تجديد نفسها في ذاتها، وبوسعها النهوض من تحت الرماد، لأن الجمر لم يزل متقدا في الأعماق، وهو غير قابل للانطفاء، لأن المرتكز الذي يسوغ وجودها وهو الدين، هو المكون الرئيس في العقل الجمعي والوجدان الجمعي للمواطن العربي، ومن المستحيل اقتلاعه أو تغييبه، ولذا فسيبقى قادرا على إعادة شحن الحالة برمتها، ورفدها ببراعم جديدة تعيد الخضرة اليانعة للجسد المتيبس!

الخطأ الفادح الثاني الذي اقترفه مناهضو الحالة الإسلامية، كان الاستعانة بأكثر الأعداء شدة للأمة برمتها، وأعني كيان العدو الصهيوني في فلسطين، لإعلان الحرب على هذه الحالة، حيث شهدنا ألوانا متنوعة من «التنسيق الأمني!» مع هذا العدو، وسواء كان سريا أم علنيا، فقد بان وانكشف على نحو فادح!

وهذا الأمر يصيب العقل الجمعي العربي بصدمة كارثية، يجعله منحازا ضد كل «المنتصرين» على الحالة الإسلامية، ويصنفهم وجدانيا في صف «العدو» ما يجعل انتصارهم بلا مستقبل على المدى المتوسط والبعيد، كون أيديهم ويد عدو الأمة تلطخت بدم زكي بريء، وتلك واحدة من الآليات المهمة التي تعين ناشطي الحالة الإسلامية لإعادة تجميع صفوفهم وتجديد شباب حالتهم!.

نعي الحالة الإسلامية، وعقد المناسبات الاحتفالية بموتها، تحت مسميات عدة تأخذ أحيانا طابع «البحث العلمي!» أو «مراجعة التجربة» واستشراف المستقبل، عملية باتت مستهلكة وبلا أي مصداقية، خاصة وأنها ممولة بالكامل من خارج الحدود، وتقوم برعاية أجنبية، وإن كانت مناسبة لقراءة ما تخفي الصدور، وما يُخطط لمستقبل هذه الأمة!.

(استعملت تعبير الحالة الإسلامية، لنفوري ورفضي مصطلح «الإسلام السياسي» ذي المنشأ الغربي، المشتمل على تقسيم الإسلام وتصنيفه، وهو واحد لا ينقسم!).

* حلمي الأسمر كاتب صحفي أردني

المصدر | الدستور الأردنية

  كلمات مفتاحية

الحالة الإسلامية