حرية الصحافة في مصر.. من لم يغيبه السجن يكبله النظام

الخميس 3 مايو 2018 03:05 ص

دشن رواد مواقع التواصل الاجتماعي وسما حمل عنوان «#اليوم_العالمي_لحرية_الصحافة» للتدوين من خلاله عن ما مروا به من تجارب وانتهاكات للممارسة الصحفية في مصر والوطن العربي.

وتأتي ذكرى اليوم العالمي لحرية الصحافة بينما يقبع مئات الصحفيين خلف سجون النظام الحاكم في مصر، إذ صنف موقع «مراسلون بلا حدود» مصر ضمن أخطر 21 دولة ممارسة لانتهاكات السجن والتعذيب وتلفيق تهم الإرهاب ضد الصحفيين، لاسيما وأن مصر احتلت المرتبة رقم 161 في أكثر الدول انتهاكا لحرية الصحافة.

واختارت «الأمم المتحدة» عنوان «توازن القوى.. الإعلام والعدالة وسيادة القانون»، شعارا لاحتفالها باليوم العالمي لحرية الصحافة لهذا العام، معتبرة أن وجود بيئة قانونية عادلة للصحفيين، هو السبيل الوحيد لضمان حريتهم واستقلالهم.

من جانبه، دعا الأمين العام لـ«الأمم المتحدة» «أنطونيو غويتريش» الحكومات إلى احترام حرية الصحافة لأنها ضرورية لبناء مجتمعات تتسم بالشفافية، مؤكدا أهمية سن قوانين لحماية الصحافة الحرة ومحاسبة من يتعرض للصحفيين بالأذى.

في غضون ذلك، رحبت مسؤولة بارزة بالحكومة الألمانية بمنح منظمة الأمم المتحدة والتعليم والثقافة (اليونسكو) جائزتها لحرية الصحافة للعام الجاري للمصور الصحفي المصري «محمود أبوزيد» الشهير بـ«شوكان» المعتقل منذ صيف 2013 في سجون بلاده، معربة عن انزعاجها من الطريقة التي تعامله بها الحكومة المصرية.

واعتبرت «بيربيل كوفلر» مفوضة حكومة المستشارة «أنغيلا ميركل» لحقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية بالخارجية أن قرار منح لجنة التحكيم الدولية لجائزة «اليونسكو» لحرية الصحافة جائزة هذا العام إلى «شوكان» يعد تقديرا لشجاعته ومقاومته وإسهاماته من أجل حرية التعبير، ويمثل حدثا يستحق الترحيب لتسليطه الأضواء على الوضع المثير للقلق لهذا المصور الصحفي.

وقالت «كوفلر»، في بيان، إن الحكومة عبرت مرارا عن انزعاجها الشديد من الطريقة التي تعاملت بها السلطة المصرية مع «شوكان» خاصة بعد مطالبة النيابة العامة في مارس/آذار 2017، بإنزال عقوبة الإعدام بحق 739 متهما بقضية ينظرها القضاء، ومن بينهم هذا المصور الصحفي الذي ألقي به في السجن بلا أي اتهام خلال الفترة من أغسطس/آب 2013 إلى ديسمبر/كانون الأول 2016.

وأشارت المسؤولة الحكومية الألمانية إلى أن مجموعة «الأمم المتحدة» المعنية بأوضاع الحبس التعسفية صنفت ما جرى مع المصور الصحفي المسجون باعتباره احتجازا تعسفيا، ويتعارض مع الحريات والحقوق التي حث الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية على احترامها.

واعتبرت «كوفلر» أن احترام حقوق الإنسان والمجتمع المدني الحر يمثل أسسا رئيسية مسبقة لتحقيق السلم المجتمعي والاستقرار المستدام، وأفضل وسيلة دفاع ضد التطرف والتشدد.

وأضافت أنها تحث لذلك الحكومة المصرية على تهيئة المناخ المناسب لجعل الصحفيين وباقي فئات المجتمع المدني المصري قادرين دون أي عوائق على أداء مهامهم التي تعتبر مهمة لبلدهم.

الصحافة تواجه المزيد من القمع

بدوره، أفاد «المرصد العربي لحرية الإعلام» (اكشف) بأن الصحافة المصرية واجهت المزيد من القمع خلال الشهور الماضية، وصلت إلى حد حبس عدد من رؤساء التحرير والصحفيين أو التحقيق معهم في تهم تتعلق بالنشر الصحفي الذي جرم الدستور المصري الحبس بسببها، مشيرا إلى أن السلطات المصرية أدرجت قبل يومين 24 إعلاميا على قوائم الإرهاب بسبب آرائهم السياسية وممارساتهم المهنية.

وأعرب المرصد عن فخره بحصول المصور المصري المعتقل «محمود أبوزيد» (شوكان)، جائزة «اليونسكو» لحرية الصحافة، تقديرا لتضحياته، معتبرا أنها تمثل نوعا من التضامن الدولي مع الصحفيين السجناء في مصر.

واعتبر «المرصد» أن مهنة الصحافة أصبحت في مصر جريمة في نظر السلطات الحاكمة منذ الثالث من يوليو/تموز عام 2013، موضحا أنه بالرغم من أن الدستور المصري المعمول به حاليا وفر العديد من الضمانات لحريتها واستقلالها، وحماية أبنائها، ومنع غلق الصحف أو حبس الصحفيين لكن هذه النصوص الدستورية لا وجود لها على أرض الواقع الذي يزداد سوءا يوما بعد يوم، ويدفع الكثير من الصحفيين للتفكير مليا في ترك المهنة إيثارا للسلامة وحماية لأنفسهم.

ووفق «المرصد»، بلغ عدد المحبوسين 92 صحفيا وإعلاميا ومراسلا صحفيا سواء ممن يعملون في مؤسسات صحفية معروفة، أو من المتعاونين مع بعض وسائل الإعلام بطريقة غير نظامية.

وكشف «المرصد» أنه تلقى على مدار الشهور الماضية العديد من الشكاوى من بعض هؤلاء السجناء عن تردي أوضاعهم الطبية، وحاجتهم لعلاجات وفحوصات طبية متخصصة رفضت إدارة السجون القيام بها، كما وصلت العديد من الشكاوى عن حرمان أسرهم من الزيارات القانونية التي تقررها لوائح السجون، وشكت العديد من الأسر أنها لم تتمكن من زيارة عائلها منذ أكثر من عام، وفق المرصد.

وقال «المرصد» إنه بالإضافة إلى ترسانة القوانين المكبلة لحرية الصحافة والمخالفة للدستور المصري، فقد تلقى الصحفيون والإعلاميون المصريون تحذيرات مباشرة من رأس السلطة في مارس/آذار الماضي بعدم السماح بـ«الإساءة للجيش والشرطة»، معتبرا أن ذلك ليس «حرية رأي» وإنما يوازي «الخيانة العظمى»، وكان أول من دفع ثمن ذلك إعلامي بارز يعمل في التليفزيون الرسمي.

ثم توالت الضربات بعد ذلك خاصة على خلفية تغطية الانتخابات الرئاسية التي جرت منتصف مارس/آذار الماضي، ووصلت إلى حد اقتحام مقر أحد المواقع الصحفية وحبس رئيس تحريره، وتحويل 9 من صحيفة أخرى يتقدمهم رئيس التحرير (قبل إقالته) إلى نيابة أمن الدولة في تهمة نشر، ولم يسلم المراسلون الأجانب في مصر من الملاحقات الأمنية والقانونية أيضا.

وبمناسبة الاحتفال بـ«اليوم العالمي لحرية الصحافة»، دعا «المرصد» للإفراج عن كل الصحفيين السجناء في مصر، وإعادة فتح الصحف والقنوات والمواقع الإلكترونية المغلقة أو المحجوبة، وتفعيل نصوص الدستور المصري الخاصة بضمانات حرية واستقلال الصحافة، وحرية الرأي والتعبير.

وطالب «المرصد»، «الأمم المتحدة» وكل هيئاتها المعنية بحرية الصحافة بتشكيل لجنة أممية خاصة للتحقيق فيما يتعرض له الصحفيون المصريون من قمع وملاحقة، وللتحقيق في ظروف حبسهم.

كما دعا الدول الداعمة للنظام المصري بوقف دعمها له إلى أن يفرج عن الصحفيين السجناء، ويحترم حرية الصحافة التزاما بالدستور المصري، واحتراما للمواثيق الدولية التي وقعتها مصر.

  كلمات مفتاحية

مصر الصحافة الأمم المتحدة اليونسكو شوكان القمع