في عيدها الوطني الرابع والخمسين: الكويت تفشل في لعب أدوار إقليمية مؤثرة

الخميس 26 فبراير 2015 05:02 ص

بالتزامن مع احتفالات الكويت بعيدها الوطني الرابع والخمسين تتجه الأنظار إلى السياسة الخارجية الكويتية، والتي كان يفترض لها أن تكون سياسة مهمة على المستوى العربي والدولي، خاصة وأن جغرافية دولة الكويت وموقعها الجيوستراتيجي في مثلث الأضلاع بين إيران والعراق والسعودية، فضلًا عن مخزونها النفطي الهائل، كان يؤهلها بجدارة لأن تصبح دولة ذات أهمية اقتصاديًا وسياسيًا، وتؤثر على كافة دول العالم، إلا أن واقع السياسية الكويتية الخارجية بدا عكس ذلك تمامًا، وأصبحت الدولة النفطية الكبرى دولة تقزم خارجي، وفشلت في لعب أي أدوار سياسية مهمة، خاصة في السنوات الأخيرة. 

ويؤكد مراقبون أن الكويت لم تستطع خلال السنوات الأخيرة، إظهار نفسها كلاعب أساسي في الأدوار الإقليمية المهمة في المنطقة العربية، رغم توفر الامكانات الاقتصادية والسياسية والجغرافية المتاحة لها في القيام بذلك، وبمقارنة الكويت ببعض نظرائها من دول الخليج كدولة "قطر" على سبيل المثال، يتضح الفارق الحقيقي بين دول استطاعت أن تصبح لاعبًا أساسيًا ومهمًا في صناعة المشهد السياسي العربي، وربما العالمي، ودول أخرى فشلت في تحقيق ذلك، فضلًا عن غرقها في وحل مشاكلها الداخلية المستعصية.

وتحتفل الكويت يوم 25 فبراير، من كل عام بذكرى العيد الوطني الكويتي احتفالاً بذكرى استقلال الكويت عن المملكة المتحدة، إلى جانب الاحتفال بعيد استقلال الكويت في 19 يونيو 1961 بعهد الشيخ عبدالله السالم الصباح.

في التقرير الآتي نحاول الوقوف على أبرز ملامح السياسة الخارجية الكويتية وتطوراتها، وانعكاس الأوضاع الداخلية على رسم وتحديد السياسة الخارجية لها.

تَقَزٌم السياسية الخارجية

ساهمت المشاكل الداخلية المتنوعة في الكويت في تقزم الدور السياسي الخارجي والإقليمي لها، ولعبت دورًا أساسيًا في رسم خارطة تحركاتها السياسية، وتتنوع المشاكل الداخلية في الكويت ما بين قمع المعارضة بمختلف أنواعها وعلى رأسها المعارضة الإسلامية، والتي تواجهها السلطات الكويتية بشتى أنواع القمع، بداية من الاعتقال والسجن، ومرورًا بإسقاط الجنسيات والمنع من السفر، فضلًا عن مشاكل البدون المتفاقمة، والتخوف الكويتي من التوغل الشيعي، تارة، والتخوف من انتشار فكر تنظيم الدولة الإسلامية داعش تارة أخرى، وغيرها من المشاكل.

وبالرغم من الدور الكبير الذي حاول لعبه الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت، بالتعاون مع السعودية في رعاية المصالحة القطرية المصرية، التي تأزمت عقب الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو 2013، إلا أن وفاة الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز، كشفت الفشل الذريع للدور الذي لعبته الكويت في تلك المصالحة، حيث سرعان ما انهارت العلاقات بين مصر وقطر مرة أخرى عقب وفاة الملك السعودي، وتوترت العلاقات مجددًا وسط توقعات بفشل أي وساطات كويتية أخرى في رأب الصدع بينهما.

ولأن الكويت عضو مهم بمجلس التعاون الخليجي، فإن تقييم السياسية الخارجية لها لا يمكن  فصله كذلك عن  تقييم الأداء السياسي الخليجي بشكل عام، خاصة أن مراقبين يؤكدون أن الكويت في السنوات الأخيرة، أصبحت سياستها الخارجية تتأرجح ما بين التبعية الكاملة للسعودية في نفس الخطوات والمسار، وما بين محاولات فاشلة للعب دور الوسيط في عدد من القضايا الإقليمية والعربية.

عداء للربيع العربي

مع اندلاع ثورات الربيع العربي، لم تختلف سياسية الكويت الخارجية عن الإمارات والسعودية والبحرين في دعم كافة الثورات المضادة، وتقديم كافة أشكال الدعم السياسي والاقتصادي لكافة الأنظمة الاستبدادية العربية، لمحاولة إعادة بناء نفسها من جديد، والجسوم مجددًا على صدور الشعوب العربية المقهورة، فأظهرت الكويت دعمًا سياسيًا واقتصاديًا وعلى نطاق واسع، لكل من نظام المخلوع مبارك في مصر، ونظام زين الدين بن علي في تونس، كما تتهم بلعب أدوار هدامة بالشراكة مع الإمارات والسعودية في ثورتي سوريا وليبيا.

علاقات غير مفهومة مع طهران

تشهد العلاقات الكويتية الإيرانية حالات من الصعود والهبوط عبر مراحلها المختلفة، شأنها شأن العلاقات الدولية عامة، إلا أن العلاقات بين البلدين شهدت حالة كبيرة من التوتر على مدار ثماني أو تسع سنوات، هي فترة الحرب العراقية الإيرانية.

وبالرغم من أن التقارب الكويتي الإيراني يشكل خطرًا حقيقيًا عليها كدولة سنية ينتشر فيها بشكل كبير المذهب الشيعي، شأنها شأن عدد من الدول الخليجية الأخرى، إلا أن الكويت في الفترة الأخيرة، تسعى لتحسين علاقتها بجارتها إيران بشكل غير مفهوم، على المستوى المحلي والخليجي، ويحذر كويتيون من مغبة وخطورة استخدام العلاقات الكويتية الإيرانية في ضرب وتفكيك التحالف الخليجي.

الكويت والعراق

العلاقات بين دولتي الكويت والعراق تشهد في الآونة الأخيرة تحسنًا ملحوظًا، بعد سنوات طويلة من القطيعة على خلفية احتلال العراق للكويت عام 1990، على يد الرئيس الراحل صدام حسين.

واستقبلت الكويت في شهر يناير الماضي، رئيس الوزراء العراقي الشيعي، حيدر العبادي في أولى زياراته الرسمية لدولة الكويت، والتي استمرت ليوم واحد، وبحث خلالها مع المسؤولين الكويتيين دعم بلاده لما اسمته حكومة العراق مواجهة تمدد "الدولة الإسلامية"، والمعروفة إعلاميًا باسم "داعش".

وتأكيدًا على تحسن العلاقة بين البلدين، وافقت الكويت على تأجيل سداد آخر دفعة من التعويضات التي فرضتها الأمم المتحدة على العراق للكويت، بسبب غزو العراق للكويت عام 1990، على يد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

وعقب الزيارة أشاد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي صباح خالد الحمد الصباح، بالحكومة العراقية التي يقودها حيدر العبادي، والخطوات التي اتخذتها في بغداد على الصعيدين الداخلي والخارجي.

الحرب على داعش

وفي الوقت الذي تتقزم فيه السياسة الخارجية لها، تحاول الكويت إيجاد مكان لنفسها على خارطة التحالفات الدولية، حيث تشارك وبقوة مع عدة دول خليجية في التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية، المعروفة باسم "داعش" في كل من العراق وسوريا، حيث تقدم الكويت في تلك الحرب معونات عسكرية وسياسية ومادية كبيرة.

وفي مقطع الفيديو الشهير، الذي بثته مواقع تابعة  لتنظيم "داعش" للطيار الأردني الراحل "معاذ الكسساسبة" قبل إحراقه، أكد الكساسبة : "أن الكويت تشارك في الحملة الجوية الدولية ضد التنظيم بطائرات للتزود بالوقود في الجو".

وعن القواعد الجوية التي تستخدم في هذه الحرب ضد "داعش"، أوضح الكساسبة أن "الطائرات الأردنية تقلع من الأردن، في حين تقلع الطائرات الخليجية بشكل عام من الكويت والسعودية والبحرين، وهناك أيضًا بعض المطارات المخصصة للهبوط الاضطراري، مطار الأزرق في الأردن، ومطار عرعر في السعودية، ومطار بغداد الدولي، ومطار في مدينة تركية نسيت اسمها، تبعد نحو 100 كيلومتر عن الحدود السورية".

وتواجه الكويت انتقادات داخلية من قبل المعارضة الداخلية، بسبب مشاركتها في التحالف الدولي ضد داعش، حيث تعتبر المعارضة الكويتية أن تلك الحرب استنزافًا حقيقيًا للثروات الكويتية في تلك الحروب، في الوقت الذي أثبتت فشلها حتى الآن في وقف تنامي الدولة الإسلامية "داعش".

 

  كلمات مفتاحية

الكويت العيد الوطني العراق إيران

حكومة الكويت تخسر 50 مليون دينار خلال 3 سنوات في قضايا مرفوعة ضدها