«فشل مرتقب» لمفاوضات «سد النهضة» الجديدة.. ومصر «حائرة»

السبت 5 مايو 2018 07:05 ص

الضغوط الداخلية في إثيوبيا، والتقارب مع السودان، سيقلّلان من إظهار أي مرونة في جولة المفاوضات الجديدة الحاسمة بشأن «سد النهضة».

وبات الفشل يسيطر على المصريين الذي يعتبرون هذه المفاوضات، فرصتهم الأخيرة لعرض مطالبهم.

بهذه الروح، تستقبل القاهرة، مفاوضات «سد النهضة»، المقرر عقدها، السبت، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بحضور وزراء الخارجية والموارد المائية والري ورؤساء أجهزة الاستخبارات في الدول الثلاث.

تحديات إثيوبية

وتصر الحكومة الإثيوبية على المُضي قدماً باستكمال بناء السد، نتيجة للضغوط الشعبية الداخلية على رئيس الوزراء الجديد «آبي أحمد علي»، لبناء السد بهدف تحقيق النهضة الاقتصادية بالبلاد، خصوصاً في قطاع الكهرباء، وإقامة مشاريع استثمارية ضخمة تقوم على الكهرباء، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.

ويرى مراقبون مصريون، تحدثوا لصحيفة «العربي الجديد»، أن أديس أبابا ماضية في بناء السد مهما كانت التحديات، معتبرين أنّ هناك توافقا شعبيا إثيوبيا كبيرا على بنائه، وأن رئيس الوزراء الجديد يسعى إلى التوافق الشعبي، خصوصاً في بداية حكمه، ولم يبدِ منذ تولّيه رئاسة الحكومة مرونة في التعامل مع قضية سد النهضة، مثلما أظهر مرونة في القضايا الأخرى.

كذلك يرى هؤلاء المراقبون، أن الضغوط الداخلية ستقلّل من قدرة «آبي أحمد علي»، على إظهار أي مرونة في جولة المفاوضات الجديدة، وبالتالي ستكون جولة اليوم أصعب من الجولات السابقة، لأن التحديات أصبحت أكبر، خصوصاً على المستوى الداخلي في إثيوبيا.

اتفاق سوداني إثيوبي

ولم تُجدِ محاولة الرئيس السوداني «عمر البشير»، ورئيس الوزراء الإثيوبي «آبي أحمد»، الطمأنة إلى عدم تأثر حصة مصر من مياه النيل، الخميس، في تبديد المخاوف المصرية.

بل إن هذه الزيارة، زادت من الشعور المصري بفشل المفاوضات، في ظل التقارب الشديد بين الخرطوم وأديس أبابا، من خلال الزيارات الرسمية المتبادلة بين قادة البلدين، والاتفاق على التعاون بينهما في شتى المجالات، خصوصاً خطط التنمية الاقتصادية.

وعلى الرغم من تأكيد «البشير» و«آبي أحمد» التزامهما بعدم تأثر حصة مصر من المياه بإنشاء سد النهضة، إلا أن مسؤولين مصريين، اعتبروها خطوة استباقية للمفاوضات المرتقبة، تستهدف وضع مصر أمام الأمر الواقع.

وتخشى مصر من أن يكون اتفاقا بين البلدين، جرى لرفض جميع المطالب المصرية، وعلى رأسها إدخال مكتب فني جديد أو جهة خبرة إقليمية أو دولية كطرف تحكيمي للتوصّل إلى حلّ وسط بين القبول المصري بالدراسات.

وسبق للبلدين أن رفضا طلباً مصرياً لعقد جلسة محادثات مبكرة في 19 أبريل/نيسان الماضي في القاهرة، لتدارك الفشل الذي تكللت به جولة المباحثات الأولى بالخرطوم.

فشل مرتقب

فيما كشف مصدر مسؤول في وزارة الموارد المائية المصرية، أنّ وزير الري «محمد عبدالعاطي»، عقد خلال الساعات الماضية اجتماعاً مع عدد من المستشارين في الوزارة، وعدد من خبراء المياه والقانون، حول نتائج تلك المفاوضات الحاسمة المتوقعة خلال الساعات المقبلة.

وأوضح المسؤول أن «الشعور بفشل المفاوضات المرتقبة كان يسيطر على تلك الاجتماعات، لا سيما بعدما رأى الجميع نتائج المفاوضات السابقة التي سيطر عليها عدم التوافق».

وأرجع المجتمعون، رأيهم إلى رفض الحكومة الإثيوبية إبداء أي تجاوب مع مصر بخصوص ملء الخزان وتشغيل السد والاستفادة بالطاقة الكهربائية، وهو ما سوف يؤثر على الحياة في مصر، بعدما ستنخفض كمية المياه الواردة إليها المحددة سنوياً بـ55.5 مليارات متر مكعب، والتي قد تصل إلى أقل من 25% خلال الأشهر المقبلة.

حيرة

وأضاف المسؤول، أن الحيرة أيضا، سيطرت على اجتماعات الوزير في كيفية التعامل مع تلك الأزمة، خصوصاً أن نهر النيل هو شريان الحياة في مصر ولا بديل عنه.

إلى ذلك، توقع خبير الموارد المائية المصري «عباس شراقي»، أن تلجأ مصر إلى التحكيم الدولي وإلى الاتحاد الأفريقي في حال فشل مفاوضات اليوم.

كما توقع أيضاً أن يتم تشغيل السد خلال الأشهر المقبلة بعد استكمال البناء، وهو ما يشير إلى ترجيح فشل أي مفاوضات.

وأوضحت مصادر مصرية، أنّ التدخلات الخارجية في القضية، سواء من الولايات المتحدة أو (إسرائيل) أو الإمارات، لم تؤت ثمارها حتى الآن، بسبب التمسك الإثيوبي بأن السد لن يضر المصريين، وأن جميع المطالب المصرية ترتبط باتفاقات التقاسم القديمة لمياه النيل، الأمر المرفوض تماماً بالنسبة لها.

ويضاف إلى ذلك إثارة أديس أبابا شكوكاً حول تأثير المقترحات المصرية بإدخال أطراف تحكيمية، إلى جانب ترويجها أنّ جميع المطالب المصرية تهدف لعرقلة تدشين السد رسمياً وبدء مرحلة الملء الأول للخزان.

يشار إلى أن الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي»، صرح في 29 يناير/كانون الثاني الماضي، بأنه «لم تكن هناك أزمة من الأساس حول سد النهضة»، بعد اجتماع في أديس أبابا مع «البشير»، ورئيس الوزراء الإثيوبي السابق «هايلي ماريام ديسالين»، على هامش حضورهم قمة الاتحاد الأفريقي، مناقضاً بذلك كل التصريحات الرسمية المصرية التي أبدى فيها المسؤولون قلقهم وغضبهم من انسداد المسار التفاوضي، وميل الخرطوم لمواقف أديس أبابا، وعدم مراعاتهما المخاوف المصرية من تفاقم الفقر المائي.

وشهدت العاصمة السودانية الخرطوم، في 5 أبريل/ نيسان جولة مفاوضات سد النهضة على مستوى وزراء الخارجية والري ومدراء المخابرات في الدول الثلاثة، دون أن تخرج بنتائج ملموسة.

وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية، «ملس ألم»، إن «سبب فشل مفاوضات الخرطوم هو عدم جدية وعدم تعاون الجانب المصري، وطرحه لاتفاقية 1959 في المفاوضات».

لكن الخارجية المصرية رفضت تحميلها مسؤولية فشل جولة الخرطوم حول سد النهضة.

ويتضمن اتفاق المبادئ، الذي وقعه قادة الدول الثلاث، في مارس/ آذار 2015، عشرة مبادئ أساسية، أبرزها تحفظ في مجملها الحقوق والمصالح المائية، والتعاون على أساس التفاهم والمنفعة المشتركة، وعدم التسبب في ضرر لأي من الدول الثلاث.

وتمنح الاتفاقية الموقعة بين مصر والسودان، في 1959، القاهرة 55.5 مليار متر مكعب سنويًا من مياه نهر النيل، بينما تحصل الخرطوم على 18.5 مليار متر مكعب.

وتخشى القاهرة من احتمال أن يؤثر السد سلبا على تدفق حصتها السنوية من نهر النيل، مصدر مصر الرئيسي للمياه.

بينما تقول إثيوبيا إن السد سيحقق لها فوائد عديدة، لاسيما في إنتاج الطاقة الكهربائية، ولن يُضر بدولتي المصب، السودان ومصر.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

سد النهضة مفاوضات فشل مفاوضات ثلاثية مصر إثيوبيا السودان تحديات