«ستراتفور»: ما يجب متابعته حقا في انتخابات لبنان

الأحد 6 مايو 2018 12:05 م

قد يكون بصيص من الضوء قد بدأ يظهر عبر الجمود السياسي في لبنان. واليوم، 6 مايو/أيار، يتوجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع في أول انتخابات برلمانية في البلاد منذ عام 2009. وسيخضع الاقتراع لقوانين الإصلاح الانتخابي لعام 2017، التي تهدف إلى تخفيف التقسيم الطائفي الذي كان قائما منذ استقلال لبنان عام 1943.

ويتنافس في الانتخابات تحالف 8 آذار (مارس)، وهو ائتلاف يمثل «حزب الله» وإيران، ضد تحالف 14 آذار (مارس)، الذي يضم أحزاب مدعومة من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وفرنسا، وبشكل أقل الولايات المتحدة. وسوف يبحث الطرفان عن استغلال القانون الجديد، وستبحث القوى الخارجية عن فرصة، مهما كانت ضئيلة، لتغيير توازن النفوذ في لبنان.

وستكون انتخابات لبنان مؤشرا على عمق نفوذ إيران الإقليمي، وستشكل تحديا رئيسيا للبنانيين أنفسهم، الذين حققوا سلاما باردا في العقد الماضي. وسوف يسعى الائتلاف الحاكم المقبل إلى الحصول على ميزة بموجب القانون الانتخابي الجديد، وتجنب استفزاز القوى الخارجية التي تخشى النفوذ الإيراني.

سلام بارد

ومنذ عام 1989، دخلت لبنان في سلام بارد، مثل مأزقا سياسيا بين المسيحيين الموارنة والسنة والشيعة، بموجب اتفاق الطائف، الذي أنهى الحرب الأهلية في البلاد التي دامت 15 عاما. لكن تراكم قوة «حزب الله» في لبنان، وترسيخ وضع إيران في سوريا، أدى إلى تقويض هذا الجمود. وبالإضافة إلى ذلك، فتح الفراغ الحكومي المتنامي والشلل السياسي الذي انتهى في عام 2016 الطريق نحو الإصلاح، وأول انتخابات في 9 أعوام.

ويتميز قانون التصويت الجديد، الذي ينقل لبنان بعيدا عن النظام الذي يسمح للفائز بالحصول على كل شيء، بنوع من التمثيل النسبي. ويمنح هذا القانون المرشحين المستقلين خارج الكتل الرئيسية فرصة الفوز بالمقاعد التي كانت مقصورة على الأحزاب الأكبر. غير أنه يوفر أيضا للقوى الخارجية، التي تأمل في أن تتمكن من التأثير عبر المرشحين المستقلين الناجحين، فرصة لممارسة تأثيرها على لبنان أو على الأقل تخفيف الأضرار التي تلحق بمصالحها.

الاستراتيجية والمناورات والرهانات

وفي أحد الأمثلة على المناورات الانتخابية، دعمت السعودية والإمارات مرشحا شيعيا مستقلا، يعتقدون أنه قد يربح المقعد في «بعلبك» بدلا من «حزب الله». وفي الوقت نفسه، تعتمد إيران و«حزب الله» على حملتهما الطويلة في محاربة الفساد والمقاومة ضد (إسرائيل) لتدمير هذه المحاولات. وكان المقصود من قاذفات «صابر»  التي أعلن عنها مؤخرا، هو تعزيز سمعة «حزب الله»، على الرغم من أن الجماعة المتشددة قلقة حقا من نشوب حرب جديدة مع الإسرائيليين. كما ضرب «حزب الله» ناقوس الخطر حول إمكانية حدوث أزمة مالية وطنية، أملا في تعزيز وجهة نظر بين الناخبين بأن الائتلاف الذي ينافسه، وهو تحالف 14 آذار، وحزبه الرئيسي، حركة المستقبل، فاسدون ومسؤولون عن سوء حالة الخدمات العامة والمالية الحكومية.

وعلى نفس المنوال، مثل السعودية والإمارات، يحاول «حزب الله» وإيران تشجيع المرشحين السنة المستقلين للحصول على مقاعد من تحالف 14 آذار. وإذا تمكن تكتل 8 آذار من الفوز بعدد قليل من المقاعد المستقلة وضمها إلى الائتلاف، يمكن لـ«حزب الله» أن يهيمن على الحكومة اللبنانية المقبلة.

إذا فاز 8 آذار

وتعد أهم نتيجة محتملة لهذه الانتخابات هي فوز ينتج ائتلافا يميل أكثر نحو تحالف 8 آذار، ما يعني إنشاء حكومة يقودها «حزب الله»، الأمر الذي يضفي على لبنان تغييرا عن النهج الذي كانت تفضله (إسرائيل) والسعودية وفرنسا والولايات المتحدة. ولقد كان الصوت الغالب في الحكومة، حتى وقت قريب، مؤيدا لفرنسا، فضلا عن استراتيجية الولايات المتحدة المتمثلة في تجميد «حزب الله» بشكل مطرد، بدلا من مواجهته مباشرة.

وإذا كسب تحالف 8 آذار المزيد من النفوذ الحكومي، فإن المواجهة المتصاعدة مع «حزب الله» تصبح أكثر احتمالا من قبل جميع القوى الخارجية المعنية. وستواجه فرنسا والولايات المتحدة ضغوطا محلية لزيادة العقوبات على لبنان، وحرمانها من المنح وأموال المساعدات. وقد لا يتم الوفاء بتعهدات مالية أخرى، تم التعهد بها مؤخرا في مؤتمري باريس 4 وروما 2 للمساعدات هذا الربيع، وقد يتم فرض العقوبات التي كانت حتى الآن محدودة على الأفراد، لتضرب أجزاء أكبر من الاقتصاد اللبناني. وقد يكون للعقوبات الأقوى مجموعة متنوعة من الآثار، بدءا من عرقلة تطوير حقول الغاز في لبنان في شرق البحر الأبيض المتوسط، ​​إلى إحباط المكاسب الأمنية للجيش اللبناني.

وقد تتجه السعودية أيضا لاستخدام مجموعة متنوعة من الأسلحة الاقتصادية وغيرها من الأدوات. وفي نوفمبر/تشرين الثاني عام 2017، حاولت المملكة فرض استقالة رئيس الوزراء «سعد الحريري» عندما اعتقلت «الحريري» في الرياض. وعلى الرغم من فشل هذا المخطط، يمكن للمملكة إلحاق الضرر بلبنان بطرق أخرى؛ حيث يمكنها طرد العديد من المغتربين اللبنانيين، أو قطع تدفق التحويلات أو الاستثمارات. ومع ذلك، من المرجح ألا يتم تطبيق أي من هذه الخطوات بالكامل، ويعود ذلك جزئيا إلى الضرر الذي قد يلحقه ذلك بالمصالح السعودية. لكن مجرد التهديد بها قد يغير السلوك السياسي اللبناني.

تجنب الكوارث

ومن المؤكد أن أي ائتلاف سينجح في الانتخابات سيسعى إلى تعظيم مزاياه على مستوى الجبهة الداخلية. ولكنه سيكون حذرا أيضا للحد من أي تهديد لمصالح القوى الخارجية. وسوف يحد هذا من مقدار الضغط الذي سيضطر إليه أي من الطرفين من أجل التأثير أو السيطرة داخل الحكومة الجديدة. لذا، على الرغم من أن كل من إيران وخصومها سيراقبون الانتخابات عن كثب، إلا أن غبار المعركة سيستقر، وسوف يحرص اللبنانيون من جميع الأطراف السياسية على ضمان ألا تؤدي نتائج الانتخابات -أيا كانت- إلى كارثة.

المصدر | ستراتفور

  كلمات مفتاحية

الانتخابات البرلمانية اللبنانية السعودية إيران فرنسا تحالف 8 آذار تحالف 14 آذار