«و.س.جورنال»: الإضرابات والاحتجاجات العمالية تتفجر في جميع أنحاء إيران

الاثنين 7 مايو 2018 10:05 ص

شارك المعلمون في إضراب في مدينة «يزد» بوسط إيران، وغادر عمال الصلب والعاملون في المستشفيات العمل في مدينة الأهواز الجنوبية الغربية، وتظاهر موظفو السكك الحديدية بالقرب من «تبريز»، وتكافح نقابة سائقي الحافلات في طهران ضد الشركات الخاصة التي تسيطر على العديد من طرق المدينة.

وكانت هذه الأحداث من بين مئات الانفجارات الأخيرة من الاضطرابات العمالية في إيران، وهو مؤشر على عمق الخلاف نتيجة المتاعب الاقتصادية في البلاد.

فالعمال لا يتحولون فقط ضد أرباب عملهم، ولكن أيضا ضد الحكومة الإيرانية، الأمر الذي يؤدي إلى تكثيف الضغوط على القادة الذين وعدوا، لكنهم فشلوا في تحقيق أوقات أفضل خلال العامين الذين تليا رفع العقوبات الاقتصادية بعد الاتفاق النووي مع الغرب.

ومن المرجح أن تتفاقم هذه الأحداث إذا قرر الرئيس «دونالد ترامب» انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، وقال إنه سيعلن قرارا بحلول يوم السبت، ومن شأن هذه الخطوة أن تعيد العقوبات على الاقتصاد الإيراني الذي يعاني بالفعل.

وترتفع أسعار البيض واللحوم والخبز أكثر من 10% في العام، ما يضاعف من التبعات على المستهلك، وتبلغ نسبة البطالة نحو 12%، وانخفضت قيمة الريال الإيراني بحدة مقابل الدولار، الأمر الذي ساهم في رفع أسعار السلع المستوردة، ما دفع بتدخل البنك المركزي في أبريل/نيسان، وكانت أسعار النفط قد ارتفعت، ما جلب طمأنينة مؤقتة، لكن المستهلكين يقولون إنهم لم يروا بعد فوائد هذا.

وفي غضون ذلك، ذهبت مئات الملايين من الدولارات من عائدات الاتفاق النووي للإنفاق على تورط إيران العسكري في سوريا ودعمها لـ«حزب الله» في لبنان، بدلا من الاقتصاد الوطني، حسبما يقول منتقدو الاتفاق.

مشاكل العمل في إيران

وقال محتجون من العمال إنهم كانوا يطالبون فقط بما يستحقونه، ويقف «إسماعيل بخشي» على صندوق خشبي خارج مصنع «هفت تبة» للسكر في إيران، مسلحا بميكروفون، يحشد العمال المضربين للسيطرة على العملية إذا لم يحصلوا على أجورهم المتأخرة لعدة أشهر.

وتعمل الشركة، التي توظف نحو 5 آلاف موظف، في زراعة قصب السكر، وصناعة السكر المحبب.

وقال في يناير/كانون الثاني: «إنهم يقولون إنهم لا يملكون المال، ونحن ليس لدينا المال أيضا. لكن الفرق هو أننا خبراء في معالجة قصب السكر، وسوف ندير العمليات بأنفسنا».

وفي تلك الليلة، قام رجال مقنعون بالاعتداء على السيد «بخشي» عندما غادر المصنع، قبل أن يقوم المارة بمساعدته، حسبما قال ناشطون نقابيون.

وبعد 4 أيام من الإضرابات في «هفت تبة» في فبراير/شباط، اعتقلت السلطات أكثر من 30 شخصا، منهم السيد «بخشي»، وتم اعتقاله مرة أخرى في أبريل/نيسان، وقد تم إطلاق سراح «بخشي»، الذي لم يتسن الوصول إليه للتعليق، مرة أخرى، وعاد إلى العمل، وفقا لزملائه.

وتأتي نزاعات العمل الإيرانية بعد سلسلة من الاحتجاجات في الجمهورية الإسلامية تنبع من الضغوط الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

وفي ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني، تدفق الناس إلى الشوارع لمدة أسبوعين من المظاهرات، تراجعت فيها الودائع في المؤسسات المالية الفاشلة في الأساس، وردت السلطات على الاحتجاجات بعنف، وهي الأكبر في إيران منذ ما يقرب من عقد من الزمان.

ومنذ ذلك الحين، نشر بعض النساء مقاطع فيديو يزلن فيها الحجاب الإلزامي، وهي جريمة جنائية في إيران، وما زال العمال يواصلون مطالبهم.

ويرجع الغضب المستشري، كما عبر عنه المحتجون، إلى اعتقاد مفاده أن النخبة الفاسدة ذات النفوذ السياسي تسخّر ثروات إيران لصالحها.

وقال «علي رضا صغافي خراساني»، أمين مجموعة حقوق العمال في إيران: «إن الفجوة الاجتماعية على وشك الانفجار، ولا توجد خطة اقتصادية».

وكان على الحكومة، بقيادة الرئيس «حسن روحاني»، ولكن بسيطرة من المرشد الأعلى «علي خامنئي»، أن تواجه العديد من المظالم، وفي صناعة السكر، تم حظر واردات السلع بشكل دوري.

وقال «خامنئي»، في فبراير/شباط، إن أعداء إيران، وهي كلمة مشهورة تشير للولايات المتحدة و(إسرائيل) بالإضافة إلى جماعات منشقة إيرانية، قد أثارت الاضطرابات العمالية.

ولقد أثبتت مشاكل العمل خطورة الوضع الراهن وتلقي الضوء على ما حدث في الماضي، ومن خلال الضربات الموجهة لسوق النفط قبل الثورة الإيرانية عام 1979، التي أدت إلى تباطؤ إنتاج الطاقة إلى حد كبير، قام العمال الإيرانيون بتجريد الشاه الحاكم من الدعم الاقتصادي، وساعدوا في ضمان نجاح الانتفاضة.

وعوقب قادة الجمهورية الإسلامية الجديدة بظهور نقابات عمالية مستقلة، كان يُنظر إليها على أنها تهديد محتمل.

وفي حين تمتلك إيران مجالس عمالية إسلامية معتمدة من الدولة، لا تعتبرها مجموعات العمل الدولية مستقلة عن الدولة، ويواجه بعض قادة النقابات المستقلة الاعتقال.

وفي ليلة واحدة، داهمت قوات الأمن في «الأهواز» منازل أكثر من 10 من عمال الصلب المضربين واعتقلت عددا منهم، وفقا لإذاعة «فاردا»، وهي خدمة تمولها الولايات المتحدة وتبث أخبار إيران من «براغ» تشيكيا.

ولم يتحسن الوضع المالي للإيرانيين ذوي الياقات الزرقاء كثيرا في العقود الأربعة التي تلت الثورة، ويبلغ متوسط ​​دخل الأسرة الحضرية نحو 800 دولار في الشهر، مع حد أدنى للأجور يبلغ نحو 200 دولار في الشهر.

وقال الناشط «جعفر عظيم زاده»، في مقطع فيديو نشره على تطبيق تليغرام: «أين يوجد في العالم عامل يقل أجره أربع مرات عن خط الفقر تجبره الشرطة على العمل؟ هذه جريمة، هذه عبودية».

وقد تم تخفيض المدفوعات النقدية الشهرية للمستهلكين استجابة لانخفاض عائدات النفط، قبل أن يعيدها البرلمان في فبراير/شباط، في أعقاب الاحتجاجات، ومع ذلك، لا يزال الكثيرون ممن يشغلون الوظائف لا يحصلون على رواتبهم.

وقال «رضا رخشان»، وهو منظم نقابي ورئيس قسم الري في شركة السكر: «إننا نقترض المال في الأوقات التي لا يوجد فيها دفع للأجور، يعاني زملائي من مرض السكري ومشاكل في القلب، ولا يستطيعون تحمل تكاليف العلاج».

وقد ضربت الإضرابات الشركات التي توقفت عن دفع الأجور والمعاشات التقاعدية، في ظل الضغوط المالية، وقد تم تنظيم بعض عمليات الانسحاب من الشركات التي كانت تديرها الدولة سابقا، والتي تراجعت في أيدي مالكي القطاع الخاص.

ويرتبط العديد من أصحاب الشركات بالمؤسسة السياسية والدينية، بما في ذلك الحرس الثوري الإسلامي، وهي قوة عسكرية لها حصص كبيرة في الاقتصاد الوطني.

وكان مصنع «هفت تبة»، الذي تمت خصخصته في عام 2015، غير مربح، حيث تم تخفيض رسوم استيراد السكر إلى نحو 20% من 140% في عام 2005.

وقال الملاك الجدد إنهم يعملون على تحقيق الاستقرار في الأعمال التجارية، بعد أن واجهوا خسائر متراكمة بلغت 100 مليون دولار عندما حصلوا على المصنع.

ومع حظر النشاط النقابي المستقل، يكافح العمال للاتفاق على المطالب والتكتيكات لتحقيقها، وفي «هفت تبة»، يتهم العاملون المتحالفون مع «رخشان»، المنظم النقابي، السيد «بخشي»، العامل المعتقل، باتباع نهج المواجهة والتسييس، الأمر الذي يجتذب قوى الأمن بدلا من حل المشاكل الأساسية.

وعادة ما تؤدي اعتقالات العمال إلى المزيد من الاحتجاجات والإضرابات، مع مطالب إضافية بالإفراج عن العمال المسجونين.

وقال «رخشان»: «في بلدان أخرى، دفع العمال ثمنا باهظا مقابل حقوقهم، فلم تكن الحرية سهلة، وسوف نستمر في القتال أيضا، باستخدام الإضرابات والاحتجاجات والالتماسات والشبكات الاجتماعية والإنترنت».

ورفض العمال في «هفت تبة» الاحتجاج يوم عيد العمال الأسبوع الماضي، لأنهم لم يرغبوا في تعريض مطالبهم للأجور المتأخرة للخطر.

وذكرت وسائل الإعلام الإيرانية أن 6 أشخاص قد تم اعتقالهم في تجمعات في مختلف أنحاء البلاد، بعد أن رفضت السلطات، على عكس المعمول به عادة، منح التصاريح اللازمة للمظاهرات في عيد العمال.

وقال «أوميد أسادبيجي»، الذي تملك عائلته صناعة السكر، إن المشاكل المالية لشركة السكر كانت توتر العمال، لكن لم يكن هناك الكثير الذي يمكن أن يفعله.

وقال «أسادبيجي»: «لا يمكنني دفع 40 مليون ريال (952 دولارا) بدلا من 10 ملايين ريال (238 دولارا) للحفاظ على تشغيل الشركة، أنا أيضا تحت الضغط».

وظهرت صور لـ«قاسم سليماني»، قائد قوة فيلق القدس الخاص التابع للحرس الثوري الإيراني، على طاولة ورف كتب في مكتب السيد «أسادبيجي»، وقال إن المجموعة العسكرية لم تكن متورطة في العمل، لكن كان لديه الصور، كما قال، لأنه من المعجبين بالقائد العسكري.

المصدر | وول ستريت جورنال

  كلمات مفتاحية

الاحتجاجات العمالية إضرابات العمال إيران هفت تيبة الحرس الثوري الإيراني