«أوراسيا ريفيو»: خلاف سعودي مغربي في كرة القدم

الثلاثاء 8 مايو 2018 11:05 ص

دار خلاف في الأيام الماضية بين المملكة العربية السعودية والمغرب، وذلك بعد رفض الأولى دعم محاولة الأخيرة الحصول على حقوق استضافة كأس العالم لعام 2026، وهو ما يروي قصة صعود القومية الفردية على حساب التضامن العربي، وعزم السعودية على الحفاظ على تحالفها مع الولايات المتحدة بأي ثمن، وتكثيف الجهود السعودية والإماراتية لحث الدول القوية على دعم مقاطعتها الدبلوماسية والاقتصادية المستمرة منذ 11 شهرا لقطر.

وفي آخر جولة من الخلاف، كسر «تركي آل الشيخ»، رئيس الهيئة العامة للرياضة في السعودية، والمقرب من ولي العهد «محمد بن سلمان»، مبدأ التضامن العربي المستمر منذ عقود، عبر دعم المملكة العرض المشترك بقيادة الولايات المتحدة بدلا من المغرب لكأس العالم 2026.

واعتمادا على نهج «السعودية أولا»، أشار «آل الشيخ» إلى أن الولايات المتحدة «هي أكبر وأقوى حليف لنا»، مشيرا إلى أنه عندما تم لعب كأس العالم عام 1994 في 9 مدن أمريكية، «حضر لنا الكثير من المشجعين، وحقق الفريق السعودي نتائج جيدة».

وفي تغريدة سابقة، قال «آل الشيخ»، مشيرا إلى أن كل المتنافسين على تنظيم كأس العالم 2026 قد سعوا للحصول على الدعم السعودي، وقال: «إذا طلب أحد منا الدعم، فسوف ننظر للمصالح السعودية أولا».

ويعكس موقف «آل الشيخ» جهود «بن سلمان» للتأكيد على القومية السعودية كمسار رئيسي وأيديولوجية شرعية لنظامه بدلا من الدين.

وبتطبيق هذا المبدأ على كرة القدم، يأخذ الأمر أهمية إضافية، نظرا لعمق العاطفة التي تثير جزءا مجنونا من كرة القدم في العالم.

وللتأكيد على أهمية كرة القدم، سارع رجل الأعمال السعودي الأمير «الوليد بن طلال»، في واحد من أول أعماله العامة بعد الإفراج عنه بعد 3 أشهر من الاعتقال في فندق «ريتز كارلتون» في الرياض، للتبرع في فبراير/شباط بمبلغ 533 ألف دولار إلى نادي الهلال السعودي لكرة القدم.

وكان التبرع ردا على دعوة من الحكومة، رغم أن الأمير «الوليد» كان أكثر المتمردين من بين المئات من أعضاء الأسرة الحاكمة في المملكة وكبار المسؤولين ورجال الأعمال البارزين الذين تم اعتقالهم في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي في ظل حملة مكافحة الفساد.

وكان دعم «آل الشيخ» الواضح للملف المشترك بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك لاستضافة كأس العالم لعام 2026 بعد تهديد غير خفي من قبل الرئيس «دونالد ترامب» ضد الدول التي قد تعارض الملف الذي تقوده الولايات المتحدة، في انتهاك للمبادئ التوجيهية المتعلقة بالنفوذ السياسي في كرة القدم العالمية.

وتعد المغرب هي المنافس الوحيد للملف الذي تقوده الولايات المتحدة، ومن المقرر أن يختار الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» مستضيف بطولة عام 2026 في 13 يونيو/حزيران.

وقال «ترامب» على «تويتر»: «قدمت الولايات المتحدة عرضا قويا مع كندا والمكسيك لتنظيم كأس العالم لعام 2026، وسيكون من العار أن تدعم الدول التي ندعمها دائما الملف المنافس للولايات المتحدة. فلماذا يجب أن ندعم هذه البلدان عندما لا تدعمنا؟».

وأضاف «ترامب»: «سنراقب عن كثب، وسنكون ممتنين لأي مساعدة قد يقدموها لنا في هذا العرض»، وربط ضمنيا دعم المسعى الذي تقوده الولايات المتحدة بقضايا التجارة الدولية.

وفي تغريداته الخاصة، أوضح «آل الشيخ» أن الدعم السعودي للعرض الذي تقوده الولايات المتحدة هو للحفاظ على تحالف المملكة مع الولايات المتحدة.

لكن قد يكون ذلك مؤشرا آخر على محاولة إجبار البلدان القوية -مثل المغرب- على دعم مقاطعة قطر، التي فشلت في كسب التأييد الدولي.

وكانت المغرب، على الرغم من الروابط الأمنية والعسكرية الوثيقة مع السعودية والإمارات، قد رفضت الانحياز إلى أحد جانبي النزاع في الخليج، وعرضت التوسط، وبينما كانت قطر تكافح في يونيو/حزيران الماضي لضمان الواردات الغذائية في الأيام التي أعقبت إعلان المقاطعة وقطع الطريق البري والرحلات الجوية والبحرية، أرسلت المغرب عدة شحنات من المواد إلى الدولة الخليجية الصغيرة.

وقد وجه «آل الشيخ» عدة إهانات للمغرب وقطر في تغريدات مختلفة.

وجاء ربط موقف السعودية من كأس العالم في أعقاب الجهود التي تبذلها المملكة لإجبار المؤسسات المالية البارزة متعددة الجنسيات على الانحياز إلى جانبها في النزاع الخليجي، وأقنع الضغط السعودي بنك «جيه بي مورجان» وبنك «إتش إس بي سي» بالامتناع عن المشاركة الشهر الماضي في بيع سندات قطرية بقيمة 12 مليار دولار.

وقد مثل الخلاف السعودي المغربي حدثا آخر أصبح فيه كأس العالم ساحة معركة في أزمة الخليج.

وفي إشارة إلى الأهمية التي ينظر إليها قادة الخليج في قدرة قطر على اكتساب القوة الناعمة باستضافتها كأس العالم 2022، اقترح رئيس الأمن في دبي الفريق «ضاحي خلفان»، في أكتوبر/تشرين الأول، أن الحظر الذي تقوده دولة الإمارات ضد قطر سيتم رفعه إذا انسحبت الدوحة وتخلت عن حقها في استضافة المونديال.

وقد يكون هذا الأمر مبالغة في التقدير، لكنه مع ذلك عكس التفكير في الأهمية السياسية للرياضة في قطر ولدى منتقديها.

ومع ذلك، يتجاوز الخلاف السعودي المغربي الأهمية السياسية لكرة القدم في الخليج، فهو يرمز إلى نهاية حقبة ما بعد الاستعمار في الشرق الأوسط، حيث أصبحت الدول العربية تبحث عن مصالحها الفردية بدلا من اعتبار نفسها كتلة حقيقية، وقد يكون هذا التطور سليما، وإن كان يعد بانقسام أكبر في جزء منقسم بالفعل من العالم.

  كلمات مفتاحية

الخلاف السعودي المغربي ملف تنظيم كأس العالم 2026 قطر الأزمة الخليجية