«جيروزاليم بوست»: الإمارات وسقطرى.. القوة الناعمة والخشنة

الثلاثاء 8 مايو 2018 11:05 ص

بعد أن كان أرخبيل سقطرى الجميل يُذكر بجماله الفائق وغرابة طبيعته وإدراجه في اليونسكو، أصبح اليوم مركزا لجدل عنيف على خلفية الحرب الأهلية اليمنية، فالإمارات تستثمر في البنية التحتية وتوسع وجودها العسكري في الجزيرة، مما أثار غضب الحكومة اليمنية.

ظل الحرب الأهلية

يبلغ طول جزيرة سقطرى -وهي الجزيرة الرئيسية للأرخبيل- 130 كم، ويسكن فيها 60 ألف شخص، وقبل عام 1967، كانت الجزيرة محمية بريطانية، أما في عام 1967، فقد أصبحت جزءا من اليمن الجنوبي وجزءا من اليمن الموحدة في عام 1990، ولولا الحرب اليمنية لبقيت الجزيرة معروفة بحيواناتها ونباتاتها الغريبة.

ففي عام 2015، قادت السعودية تدخلا إلى جانب الإمارات لمنع المتمردين «الحوثيين» من السيطرة على اليمن، بما في ذلك ميناء عدن الاستراتيجي. ويحظى «الحوثيون» بدعم إيران و«حزب الله» وأطلقوا العديد من الصواريخ الباليستية على الرياض، ولكن في الوقت ذاته اتُّهمت السعودية بإلحاق الضرر بالمدنيين بالقصف.

تعتبر سقطرى مهمة من الناحية الاستراتيجية لأنها تقع عند مدخل خليج عدن، وتمر الملاحة المتوجهة إلى مضيق باب المندب وقناة السويس بالقرب منها، ولكن المشكلة هي أن اليمن تقع شمال سقطرى، والصومال إلى غربها، وهي دول مأزومة، وكلاهما يواجه مشاكل مع الجماعات المتشددة، وهذا يشمل حركة الشباب في الصومال والقاعدة في اليمن.

وفي عام 2011، استغل القراصنة الجزيرة كقاعدة للتزود بالوقود وهاجموا 63 ﺳﻔﻴﻨﺔ، وقبل أن تغرق اليمن في حرب أهلية، حاولت الاستثمار في البنية التحتية في الجزيرة، بما في ذلك الجهود للحفاظ على تنوعها البيئي.

ينبع الجدل حول سقطرى حاليا من الصراع في اليمن، وعلى الرغم من أن المتمردين «الحوثيين» قد تراجعوا من عدن، إلا أن النفوذ الإيراني يوسع موطئ قدمه في اليمن، مما يشعر السعودية والإمارات بالقلق، خاصة منذ إطلاق الصواريخ الباليستية على الرياض، وكانت إيران قد استهدفت بالفعل سقطرى في وقت مبكر من عام 2003.

فقد نبّهت برقية دبلوماسية أمريكية إلى الوضع في 2003 قائلة: «لقد أنجزت الشركات الإيرانية العديد من المشاريع هنا، تضمّنت مطار سقطرى»، كما أرسلت السعودية ممثلين للنظر في الاستثمارات في الجزيرة في مارس/آذار 2008.

انتقادات لدور الإمارات

بهدوء، كثفت الإمارات دعمها لسكان سقطرى سعيا للنفوذ، وبحلول أكتوبر/تشرين الأول 2016، هبطت الطائرة الحادية والثلاثون المملوءة بالإمدادات من أبوظبي في سقطرى، حاملة معها طنين من المساعدات الطبية وغيرها.

كما قادت مؤسسة «خليفة بن زايد آل نهيان» الجهود لدعم مستشفى في الجزيرة، وساعدت الإمارات في بناء مجتمع سكني في الجزيرة بتمويل من الهلال الأحمر الإماراتي، وقد تم إرسال أكثر من 2 مليار دولار إلى اليمن حتى مارس/آذار 2017، كان الملايين منها مخصصا لسقطرى، وأدت جهود الإمارات هذه إلى نمو الشائعات حول نواياها.

وفي عام 2017، تعهد محافظ سقطرى بدعمه لمنظمة يمنية جديدة تسمى المجلس الانتقالي الجنوبي، وقد سيطر هذا المجلس على عدن في أواخر العام. وفي فبراير/شباط من العام الجاري، عقد زعيم المجلس «عيدروس الزبيدي» اجتماعات مع دولة الإمارات لمناقشة الوضع في اليمن وعدن.

وفي هذا السياق، يزعم أن الإمارات بدأت في نشر أصول عسكرية في سقطرى في وقت مبكر من هذا الشهر، وقد ذكرت شركة النشر البريطانية المتخصصة في الشؤون العسكرية جينز في 4 مايو/أيار أن «المركبات القتالية المدرعة من طراز BMP-3 وصلت على متن طائرة نقل من طراز C-17».

وأوردت صحيفة إندبندنت تقريرا من سقطرى يقول إن كتّابه قدموا بهدوء إلى الجزيرة على متن سفينة شحن أسمنت قادمة من عمان، وقد كتبوا: «وجدنا أن دولة الإمارات قد استولت على هذا الجزء من سيادة اليمن، وبنت قاعدة عسكرية، وأنشأت شبكات الاتصالات، وأجرت التعداد الخاص بها».

بالنسبة لأولئك الذين يعارضون عمل دولة الإمارات في سقطرى، فإن التدخل الإماراتي هو جزء من مؤامرة، وهم ويربطونها بالاستثمارات الإماراتية في أرض الصومال وجيبوتي وبعثة تدريب سابقة في الإمارات في الصومال.

حتى إن هناك شائعات منذ عام 2016 تقول أن الإمارات استأجرت سقطرى لمدة 99 عاما.

لمعركة أوسع

أما بالنسبة لدولة الإمارات وأنصارها، فإن الدولة تقوم بعمل أمني مهم في سقطرى وتساعد سكان الجزيرة الذين أهملتهم حكومة اليمن.

وتنضم قضية سقطرى الآن إلى معركة استراتيجية أكبر بكثير بين قطر والإمارات، وبين إيران والسعودية.

ومن وجهة نظر الإمارات، فإن وجودها في سقطرى سيساعد في توفير الأمن في خليج عدن وقبالة القرن الأفريقي، كما أنه جزء من مساعي أبوظبي لاستخدام القوة الناعمة للاستثمار والمساعدات لتعزيز أهدافها.

المصدر | جيروزاليم بوست

  كلمات مفتاحية

الإمارات اليمن سقطري