اليوم الثاني لمترو السبعة جنيهات بالقاهرة.. ركاب يقتحمون المحطات واحتجاجات

السبت 12 مايو 2018 09:05 ص

بينما كان «م. شبل» يتابع مقاطع فيديو وصور تظهر احتجاج عدد من ركاب مترو الأنفاق على قرار زيادة أسعار التذاكر إلى ثلاثة وخمسة وسبعة جنيهات، والذي اتخذته الحكومة المصرية، ليل الخميس الماضي، اتخذ قرارا سريعا، بأخذ إجازة لعدة أيام من عمله.

«شبل» الذي كان في إجازة يوم الجمعة، قرر إبلاغ مديره هاتفيا بأنه لن يستطيع المجئ إلى العمل، بداية من السبت، ولمدة أسبوع.

الغريب أن «شبل» ليس موظفا أو عاملا بإحدى شركات أو مصانع القطاع الخاص، لكنه موظف بارز بجهاز تشغيل وصيانة مترو الأنفاق، أي أنه ليس متضررا بشكل مباشر من القرار، فبطبيعة وظيفته سيستقل المترو مجانا، فلماذا هذا القرار؟

كان هذا هو السؤال الذي وجهه إليه صديقه «ع. جمال»، عندما أخبره «شبل» بالأمر، فرد عليه قائلا: «اتفرج على اللي هيحصل في محطات المترو من بكرة، الناس مش هتلاقي أدامها غير الموظفين يفشوا فيهم غلهم وأنا مبحبش وجع الدماغ».

فوضى «السبت»

بالفعل كان «شبل» محقا، ففي صباح السبت، تحولت محطات مترو الأنفاق في القاهرة الكبرى إلى فوضى عارمة، بدأت بمصادمات لفظية بين الركاب وموظفي المرفق الحيوي، وحاولت الشرطة التدخل إلا أن الأمور تفاقمت.

وفي حوالي العاشرة صباحا، اقتحم العشرات من الركاب بوابات التذاكر، ليعبروها دون أن يدفعوا جنيها واحدا، ولم يجرؤ شرطي أو مسؤول أو موظف على اعتراض الجموع الغاضبة التي انسابت إلى المحطات، قافزين من فوق بوابات التذاكر، وهم يوجهون سبابا للمسؤولين والنظام، حاز الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» على نصيب الأسد منها.

 

 

أمام القضبان، كانت الأمور تزداد سوءا، حيث بدأ الركاب الغاضبون بالهتاف ضد الحكومة والرئيس والنظام، وتكدسوا أمام القطارات، محاولين منعها من السير، ونزل عدد منهم على القضبان، مما استدعى الشرطة إلى التدخل ومحاولة تسيير الحركة، ومع فشلهم، جاء القرار باستدعاء قوات الأمن المركزي.

الأخيرة حاولت بزيها الأسود التكشير عن أنيابها، فاعتقلت بعض المحتجين، لكن الغضب تزايد، وبدت الأمور تتجه إلى تصعيد كبير.

 

 

وفي محطة «السادات» لجأ شبان إلى رفع لافتات صنعوها سريعا، للاحتجاج على ما يحدث، إلا أن الشرطة أقدمت على اعتقالهم، وسط صراخ واستهجان الركاب.

 

 

بعد ظهر السبت، فوجئ «شبل» برقم صديقه «جمال» على شاشة هاتفه، وحينما بادر بالرد جاءه صوت صديقه عاليا عبر الجهة الأخرى من الخط، وهو يقول له: «كان عندك حق تعال شوف محطات المترو الدنيا مقلوبة، أنا دلوقتي هناك»..

استمع «شبل» لوهلة إلى أصوات الصراخ وهتافات الركاب الذين كانوا بجوار بصديقه خلال المكالمة، قبل أن يقول له: «مش قلتلك.. أنا عارف اللي هيحصل، الموضوع المرة دي أصله اتعمل ببجاحة وسفالة والناس مش هتسكت وأنا مش حمل خناق وقلة قيمة».

محاولة انتحار

في محطة حلوان، فوجئ الركاب بمواطن يلقي بنفسه على القضبان قبيل دخول إحدى القطارات، وعلى الفور نزل إليه عدد من الركاب محاولين إثنائه عن قراره الذي بات واضحا بالانتحار، لكنه تشبث بالقضبان وهو يصرخ طالبا «راحة الموت»، لكن المواطنين في النهاية، بالتعاون مع بعض جنود الشرطة، نجحوا في إنقاذه وإرجاعه إلى الرصيف مجددا.

 

 

بات المشهد متكررا على مدار اليوم في محطات المترو، تكدس كبير للركاب، تحرك بطئ للقطارات، هتافات غاضبة وصراخ وسباب للمسؤولين و«السيسي»، وموظفين يغلقون على أنفسهم نوافذ وأبواب مكاتبهم داخل المحطات، وشرطة بدت حائرة أمام هذا الغضب.

 

 

 

 

 

 

ومن المعروف أن السبت يعد أجازة لمعظم موظفي القطاع العام، وعدد كبير من موظفي القطاع الخاص، وطلاب المجارس والجماعات، ويعد الأحد هو بداية الأسبوع الفعلية، وينتظر – قياسا على ما حدث خلال الساعات الماضية – أن تشهد المحطات اضطرابا عنيفا بداية من الساعات المقبلة، بالتوازي مع نزول العدد الأكبر من الموظفين والطلاب إلى وجهاتهم.

حيلة مصرية

ووسط دعوات بالعصيان المدني والإضراب على مواقع التواصل، حاول البعض التكيف مع القرار، فابتكر عدد من ناشطي تلك المواقع وسيلة للتحايل على الأمر، تمثلت في تبديل التذاكر بين الركاب.

الحيلة تمثلت في تبديل التذاكر بين مستخدمي المترو في اتجاهات مختلفة في منتصف الطريق.

وشرح أحد أعضاء مجموعة على «فيس بوك» عنوانها «محدش هيشتري غير تذكرة الـ 3 جنيه فقط»، فكرة تبديل التذاكر بشكل مبسط، قائلا: «أنا حقطع من حلوان (بداية الخط من جهة الجنوب) ولما أوصل المرج (بداية الخط من جهة الشمال) حبدل تذكرتي مع واحد قطع من المرج ورايح حلوان مثلا فيبقي كأني دخلت وخرجت ومركبتش ولا محطة، ولو حبدل المحطات أنزل في محطات التبادل أبدل تذكرتي مع واحد راجع في الاتجاه اللي ركبت منه فيبقي أنا وهو ركبنا أقل محطات فالناس كدا كلها حتركب بـ3 جنيه».

لكن آخرين تخوفوا من عدم العثور على شخص يوافق على ذلك الاقتراح، فعملوا على تطويره لاقتراح إنشاء تطبيق لتطوير حيلة تبديل التذاكر، حيث اقترح بعضهم تدشين تطبيق «أبليكيشن» يتواصل من خلاله الركاب لتبديل التذاكر من خلال تحديد المحطة التي يلتقي فيها طرفا التبديل.

وفاجأت وزارة النقل المصرية المواطنين، بقرار رفع أسعار تذاكر مترو الأنفاق الذي ينقل يوميا ما لا يقل عن 3 ملايين مواطن، بين ضواحي القاهرة الكُبرى.

وأقرت المنظومة الجديدة سياسة التسعير وفق عدد المحطات، لتتراوح أسعار التذاكر ما بين 3 و5 و7 جنيهات، بعدما ظل سعر التذكرة ثابتا عند جنيه واحد سنوات عدة قبل أن يرتفع إلى جنيهين قبل أشهر.

وبررت الوزارة القرار بالحاجة إلى استكمال خطط التطوير المنشودة لمستخدمي المترو وتطوير وتحديث أنظمته وللحفاظ على هذا المرفق الحيوي، لافتة إلى أن هناك عجزا في مصروفات صيانة المترو وخسائر متراكمة على المرفق تقدر بأكثر من 618 مليون جنيه (الدولار يعادل نحو 17.5 جنيه).

وأتى قرار رفع أسعار تذاكر المترو وسط ترقب من المصريين لزيادات في أسعار الوقود والمياه والكهرباء، لم تُعلن الحكومة حتى الآن نسبها، وإن كانت أفصحت عنها ضمن خطط الإصلاح الاقتصادي التي تتبناها، وفيها يتم رفع الدعم عن الوقود والكهرباء تدريجيا.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

أسعار تذاكر مترو الأنفاق مترو الانفاق مصر غلاء احتجاجات