زواج غير مقدس.. كيف اشترت السعودية «ترامب»؟

الأحد 13 مايو 2018 11:05 ص

هناك علاقة أخرى لـ«ترامب»، لكنها ليست جنسية هذه المرة مثل قضية «ستورمي دانيالز»، فلا يوجد ادعاءات بتحرش جنسي، ولا يتم تراشق الاتهامات والاتهامات المضادة، كما لا توجد دعاوى قضائية وأشياء من هذا القبيل، لهذا لم تحتل العناوين الرئيسية مثلها، ولكن إذا نظرنا لأثرها على السياسة الخارجية الأمريكية واحتمالات الحرب والسلام، فإننا سندرك أنها كانت تستحق اهتماماً أكبر بكثير.

علاقة الحب هذه بين «دونالد ترامب» وأفراد العائلة المالكة السعودية، وإذا كنا نريد أن نجد نقطة لنبدأ منها القصة، فلن نجد ما هو أفضل من حفل زفاف، لكنه في هذه الحالة حفل مأساوي حدث في اليمن وليس في واشنطن.

يوم الأحد، 22 أبريل/نيسان، أسقطت طائرات التحالف الذي تقوده السعودية قنبلتين على حفل زفاف في اليمن، وقد أصيب الزوج، وقتلت العروس، مع ما لا يقل عن 32 مدنياً آخرين، كثير منهم من الأطفال.

رداً على ذلك، لم يعترف السعوديون بأي خطأ ولم يقدموا حتى تعازيهم لأسر الضحايا، وبدلاً من ذلك، شددوا على أن «تحالفهم مستمر في اتخاذ جميع التدابير الاحترازية والوقائية» لتجنب الخسائر في صفوف المدنيين في اليمن.

انفصال الدعاية عن الواقع

هذا الانفصال بين الخطاب السعودي والواقع على الأرض ليس شيئًا شاذًا، بل كان هو القاعدة، فعلى مدى أربع سنوات، كان السعوديون وحلفاؤهم يجرون غارات جوية متهورة في اليمن، ما أسهم في ارتفاع عدد القتلى المدنيين الذي يقال إنه يقترب الآن من عشرة آلاف.

لطالما طمأن السعوديون وحليفهم الوثيق، الإمارات، صناع السياسة الأمريكيين بأنهم يفعلون كل ما يمكن تخيله لمنع وقوع إصابات في صفوف المدنيين، ولكن ذلك كان يهدف فقط لمباركة إطلاق مزيد من الضربات الجوية ضد أهداف مدنية، بما في ذلك المدارس والمستشفيات والجنازات والأسواق.

على سبيل المثال، في شهر مايو/آيار 2017 ومع هبوط «دونالد ترامب» في السعودية في أول زيارة له إلى الخارج كرئيس، قام عاملون سعوديون في حملات الضغط بتوزيع ما دعوه «ورقة حقائق» حول الجهود الهائلة لجيش البلاد للحد من الخسائر المدنية في اليمن.

ومع ذلك، فبعد خمسة أيام من وصول «ترامب» إلي الرياض، أدت ضربة جوية إلى مقتل 24 مدنياً في سوق يمنية، وفي ديسمبر/كانون الأول قتلت مثل هذه الضربات أكثر من 100 مدني يمني في 10 أيام، وكان الرد السعودي هو إدانة الأمم المتحدة على انتقاداتها لمثل هذه الهجمات ومن ثم تقديم المزيد من الوعود الفارغة.

خلال كل هذا، ظل الرئيس «ترامب» ثابتًا في دعمه، بينما يواصل الجيش الأمريكي مهام تزويد الوقود الجوي للهجمات الجوية السعودية وكذلك وتوريد القنابل المستخدمة لقتل الكثير من هؤلاء المدنيين، ولكن لماذا؟ السر يكمن في شيء واحد: الأموال السعودية والإماراتية التي تتدفق بكميات هائلة إلى عالم «ترامب» وإلى صناع الأسلحة في الولايات المتحدة والعشرات من جماعات الضغط، وشركات العلاقات العامة، ومراكز الفكر المؤثرة في واشنطن.

مغازلة علنية بالصفقات

كان نفوذ السعودية على «دونالد ترامب» قد بلغ ذروته الأولى في أول زيارة رئاسية له للخارج، والتي بدأت في الرياض في مايو/آيار 2017، وقد عرضت العائلة المالكة السعودية - التي أدركت بوضوح طبيعة «ترامب»- الشيء الوحيد الذي يبدو أنه يحبه أكثر: الإطراء، والإطراء، والمزيد من الإطراء.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

حان وقت السعودية الأمثل لفرد السجادة الحمراء، وقد شملت الجعجعة الاحتفالية نشر لافتات عليها صور للرئيس «ترامب» والملك السعودي «سلمان» على طول الطريق من المطار إلى الرياض، وعرض صورة لـ«ترامب» يبلغ ارتفاعها خمسة طوابق على جانب الفندق الذي سيقيم فيه، وتمت استضافة حفلة موسيقية حضرها مدعوون ذكور فقط، للمغني «توبي كيث».

ووفقًا لصحيفة «واشنطن بوست»، فقد استضاف السعوديون «ترامب» و«كوشنر» في القصر الملكي للعائلة، وجعلوهم يتجولون فيه بعربات الغولف، واحتفلوا بـ«ترامب» في حفل بلغت تكلفته ملايين الدولارات تكريماً له، واكتمل الأمر بمقعد يشبه العرش للرئيس.

بالإضافة إلى ذلك، قدموا له ميدالية «عبدالعزيز آل سعود»، وهي ميدالية سميت على اسم أول ملك للسعودية، وتعتبر أعلى شرف يمكن أن تمنحه المملكة لزعيم أجنبي.

ثم قدم السعوديون لـ«ترامب» شيئًا لا شك أنه قيّمه أكثر من كل هذا التملق: فرصة لتقديم نفسه كأكبر صانع للصفقات في العالم.

فقد جلب «ترامب» من أجل هذه الرحلة مجموعة لافتة من الرؤساء التنفيذيين من الشركات الأمريكية الكبرى، بما في ذلك «مارلين هيوسون» من شركة لوكهيد مارتن، و«جيمي ديمون» من جيه بي مورجان تشيس، و«ستيفن شوارزمان» من مجموعة بلاكستون.

وطرحت أرقام كبيرة للقيمة المحتملة لصفقات الأعمال المستقبلية بين الولايات المتحدة والسعودية، بما في ذلك 110 مليارات دولار من مبيعات الأسلحة ومئات المليارات من الاستثمارات في الطاقة والبتروكيماويات والبنية التحتية، والتي تنطوي على مشاريع في كلا البلدين.

وكان الرئيس حريصا على نسبة الفضل لنفسه في هذه الصفقات الضخمة المحتملة، فقد تباهى في مؤتمر صحفي بخصوص «استثمارات هائلة في الولايات المتحدة.. وظائف ووظائف ووظائف» وفق تعبيره.

وعند عودته إلى الولايات المتحدة، تفاخر على الفور في اجتماع وزاري بأن عقده للصفقات سوف «يجلب عدة آلاف من الوظائف، بل إنه سوف يجلب الملايين من الوظائف في نهاية المطاف».

لم يكن من المستغرب أنه لم يقدم أي تحليل يدعم هذه الادعاءات، ولكن من الواضح بالفعل أن بعض هذه الصفقات قد لا تؤتي ثمارها أبداً، ومن المرجح أكثر أن تخلق بعضها وظائف في السعودية أكثر من الولايات المتحدة.

ومع ذلك، فإن علاقة الحب بين «ترامب» والعائلة المالكة في السعودية لم تزدد إلا قوّة، ما أدى إلى زيارة ظافرة في الشهر الماضي قام بها ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان» للولايات المتحدة، وهو الحاكم الفعلي المتمتع بالنفوذ في السعودية، وهو أيضاً مهندس حربها اليمنية الوحشية، والتي لم يُقتل فيها آلاف المدنيين بسبب الهجمات الجوية العشوائية فحسب، وإنما تعرض الملايين لخطر المجاعة بسبب الحصار الذي تقوده السعودية على البلاد.

لكن عضو الكونجرس الديمقراطي «تيد ليو» ذكر أن أياً من هذه الأنشطة لم يتم مناقشتها، وكذلك الأمر بالنسبة لسجل حقوق الإنسان الداخلي السيئ في السعودية، الذي لم يثر أي تعليق سيئ من «ترامب» أو أي شخص في حكومته، فقد كانت هناك أشياء أهم؛ كانت هناك صفقات تجارية يجب إنجازها.

جرت زيارة «محمد بن سلمان» إلى البيت الأبيض في نفس اليوم الذي كان مجلس الشيوخ يدرس فيه مشروع قانون لإنهاء الدعم الأمريكي لحملة قصف السعودية لليمن، ولكن في نفس الوقت كان «ترامب» يتباهى مرة أخرى بكل تلك الوظائف التي ستخلقها مبيعات الأسلحة للسعودية، في إشارة إلى النجاح الكامل للتملق السعودي.

كان محور لقاء «ترامب» وولي العهد السعودي هو عرض ترويجي يركز على كيفية تعزيز صفقة الأسلحة السعودية لفرص العمل الأمريكية، وبينما كان يشيد بتلك المشتريات السعودية، رفع خارطة للولايات المتحدة عنونها بعبارة «صفقات الأسلحة الجارية مع السعودية» مع شكل بيضاوي أحمر بالأسفل كتب عليه كلمات: «40 ألف وظيفة في الولايات المتحدة».

أبرز هذه الوظائف كان في الولايات المتأرجحة التي وضعت «ترامب» على القمة في انتخابات عام 2016؛ بنسلفانيا وأوهايو وميتشيغان وفلوريدا، ما يسجل نقطة أخرى للنفوذ السعودي متمثلة في اعتقاد «ترامب» الراسخ بأن علاقته بهذا النظام ستدعم آفاقه السياسية المستقبلية.

لذا فإن المغازلة العلنية التي تقوم بها العائلة المالكة السعودية لـ«ترامب» تجلب بالفعل أرباحاً كبيرة، لكن الإطراء العلنيّ وصفقات الأسلحة الضخمة هي فقط الجزء الأكثر شهرة في الصورة، فقد تمت استمالة الرئيس بشكل خاص بشكل كبير أيضًا، سواء من خلال الاتصالات الشخصية أو من خلال حملات ضغط موسعة، والتي من المهم تحديدها ورصدها.

مغازلة شخصية خاصة

كبداية؛ فإن صهر الرئيس «غاريد كوشنر»، والمرشح رسمياً لكي يكون رجل السلام في الشرق الأوسط (مع إنه لا يبدو مؤهلاً لذلك)، أقام صداقة مع ولي العهد «محمد بن سلمان»، وتم ترسيخ علاقتهما في مأدبة غداء في مارس/آذار 2017 في البيت الأبيض، تلاها العديد من المكالمات الهاتفية وزيارات عديدة من «كوشنر» إلى السعودية، بما في ذلك واحدة قبل فترة قصيرة من شن الأمير حملة صارمة على منافسيه المحليين.

على الرغم من أن حملة القمع هذه بُرّرت بشكل علني كخطوة لمكافحة الفساد، لكنها استهدفت أي شخص يمكن أن يقف في طريق تدعيم «بن سلمان» لسلطته، ووفقًا لما قاله المؤلف «مايكل وولف» في كتاب «نار وغضب»، فإن «ترامب» قال لـ«كوشنر» بعد اللعبة التي قام بها «بن سلمان» من أجل السلطة: «لقد وضعنا رجلنا في القمة»، في إشارة إلى أن «كوشنر» قد أعطى ختم موافقة «ترامب» على مناورة الأمير السياسية خلال رحلته الى الرياض.

كانت لهذه الصداقة ثمارها المفيدة للسعودية، وبحسب التقارير فإن «كوشنر» كان المدافع الرئيسي عن قيام «ترامب» بأول زيارة خارجية له إلى السعودية متغلباً على اعتراضات وزير الدفاع «جيمس ماتيس»، الذي شعر بأن ذلك سيرسل إشارة خاطئة إلى الحلفاء حول مواقف «ترامب» تجاه الديمقراطية والحكم المستبد (وهو ما حدث بالفعل).

كما حث «كوشنر» الرئيس بشدة على دعم حملة الحصار والدعاية السعودية ضد دولة قطر، وهو ما فعله «ترامب» بقوة من خلال تغريدة دعمت الحصار.

ولكن في وقت لاحق، غير «ترامب» رأيه في هذه القضية، بعد أن علم أن قطر تستضيف أكبر قاعدة جوية عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط، وبعد أن أطلقت قطر حملات علاقات عامة وحملات ضغط هجومية من جانبها.

فقد وظفت تلك الدولة الصغيرة ذات الثراء البالغ تسع شركات لممارسة حملات الضغط والعلاقات العامة، بما في ذلك المدعي العام السابق «جون أشكروفت»، وذلك  في غضون شهرين من بدء الحصار السعودي الإماراتي، وفقا للوثائق المودعة بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب، كما وافقت الدوحة على إنفاق 12 مليار دولار على الطائرات المقاتلة الأمريكية بعد أسابيع فقط من تغريدة «ترامب».

كان «ترامب» مدفوعاً جزئياً في حملته ضد قطر بالاعتقاد السعودي بأن أمير قطر لم يمتثل للقواعد المفترضة تجاه إيران، لكن دور «كوشنر» في هذه المسألة يؤكد المقولة القديمة «الأمور الشخصية هي أمور سياسية»، فوفقاً لمصدر تحدث إلى المراسل المخضرم «دكستر فيلكينز» من صحيفة «ذا نيويوركر»، فإن كراهية «كوشنر» تجاه قطر كانت مدفوعة جزئياً بسبب غضبه لعدم موافقة الدوحة على إنقاذ والده من استثمار عقاري سيئ في مانهاتن.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هناك لقطة أخرى تظهر التقرب السعودي الإماراتي بشكل شخصي من «ترامب»، وهي قضية «جورج نادر» الغريبة.

و«نادر» هو ناشط سياسي ومستشار رفيع لدولة الإمارات، له علاقات مع رجل الأعمال «إليوت برويدي»، الذي يقال إن بإمكانه مهاتفة الرئيس «ترامب» وقتما يشاء.

من الواضح أن «نادر» نجح في إقناع «برويدي» بالضغط على «ترامب» بشكل خاص لاتخاذ مواقف أكثر تماشيا مع مصالح السعودية والإمارات ضد قطر.

وسواء كانت ضغوط «برويدي» ذات دور أساسي في التأثير على «ترامب» أم لا ، فإنه لم يقصّر في بذل الجهد، وتوضح جهوده مدى رغبة كلا البلدين في التأثير على السياسة الخارجية الأمريكية لصالح احتياجاتهم ومصالحهم.

وفي إطار تقرب نادر من «برويدي»، قدم «نادر» مبلغ 2.7 مليون دولار لتمويل مؤتمر مناهض لقطر رعته مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهو مبلغ أعقبه أكثر من 600 ألف دولار على شكل تبرعات للمرشحين الجمهوريين.

وكان المتحدث الرئيسي في ذلك المؤتمر هو رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب «إد رويس»، الذي وضع مشروع قانون عقوبات ضد قطر آنذاك، وبعد ذلك بوقت قصير تلقى مساهمة في حملته من «برويدي».

ولتحسين الصفقة، فإن «نادر» أيضاً لوّح بآمال إقامة عقود كبيرة مع شركة «سيرسيناس» الأمنية الخاصة التابعة لـ«برويدي»، حيث أبرمت الإمارات صفقة مع الشركة مقابل 200 مليون دولار، في الوقت الذي كان فيه هناك صفقة سعودية جارية.

المغازلة بحملات الضغط

قد تبدو مثل هذه الروابط العميقة بين السعودية وإدارة «ترامب» في بعض الأحيان كأنها تخرج من العدم، لكنها غالباً ما تنبع من حملات ضغط وحملات علاقات عامة سعودية مؤثرة بشكل غير عادي، وإن لم تكن علنيّة.

فبعد انتخابات الرئاسة الأخيرة، لم يضيع السعوديون أي وقت في إضافة المزيد من القوة إلى نفوذهم القوي بالفعل في الولايات المتحدة، وفي أقل من ثلاثة أشهر قبل أن يؤدي «ترامب» اليمين الدستورية كرئيس في يناير/كانون الثاني 2017، وقع السعوديون على عقود مع ثلاث شركات ضغط جديدة؛ أولها شركة موجهة للجمهوريين، وهي مجموعة «مكيون»، ومجموعة «CGCN»، وهي أيضا شركة مرتبطة بشكل جيد بالجمهوريين المحافظين، بالإضافة إلى مجموعة مرتبطة بالديمقراطيين، وهي مجموعة «بوديستا»، التي انحلّت في وقت لاحق بعد الكشف عن عملها مع مدير حملة «ترامب» السابق، والمصارف الروسية التي تُفرَض عليها العقوبات.

وقبل أن يصل «ترامب» إلى الرياض في مايو/آيار - ووفقاً لتحليل سجلات قانون تسجيل الوكلاء الأجانب - وقع السعوديون عقوداً مع ست شركات علاقات عامة أخرى ثم أضافوا اثنتين أخريين على الفور بعد قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر في أوائل يونيو/حزيران.

في السنة الأولى فقط من إدارة «ترامب»، أنفق السعوديون أكثر من مليون دولار شهريًا على العديد من جماعات الضغط والعلاقات العامة، ولم تكن دولة الإمارات متأخرة كثيراً، حيث استعانت بـ18 شركة ضغط وعلاقات عامة في عام 2017 ، ودفعت في هذا العام وحده أكثر من 10 ملايين دولار لشركة واحدة، وهي مجموعة «كامستول».

كل هذه القوة المركزة في الضغط أعطت هذين البلدين قدرة لا نظير لها على توجيه السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، وقد شملت حملتهم تيارًا مستمرًا من الدعاية المتدفقة إلى صناع السياسة حول الحرب في اليمن بالذات.

وفي حين أنه من غير القانوني بالنسبة للمواطنين الأجانب تقديم المساهمات المالية للتأثير على الانتخابات الأمريكية، لكن هناك حلًا سهلًا لذلك، فقط قم بتأجير جماعات الضغط للقيام بذلك نيابةً عنك، وقد اعترفت مثل هذه الشركات في الماضي، بالعمل كوسطاء على هذا النحو، وأنهم منحوا المرشحين أموالاً سخية.

على سبيل المثال، توصلت دراسة أجرتها «مابلايت» و«إنترناشيونال بيزنس تايمز»، إلى أن أعضاء جماعات الضغط المسجلين الذين يعملون في أربع شركات فقط وظفها السعوديون قدموا أكثر من نصف مليون دولار للمرشحين الفيدراليين في انتخابات عام 2016.

هناك وسيلة أخرى مهمة بالنسبة للسعوديين والإماراتيين: مساهماتهم المالية في مراكز أبحاث واشنطن، من الصعب إدراك المدى الكامل لمدى وصولهم في هذا المجال لأن المراكز البحثية وغيرها من المؤسسات غير الربحية ليس مطلوبا منها الكشف عن المتبرعين، ويختار العديد منها عدم القيام بذلك.

ومع ذلك، كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» في عام 2014 عن قائمة موسعة من مراكز الأبحاث التي تلقت الأموال من السعوديين أو الإماراتيين، بما في ذلك المجلس الأطلسي، ومعهد بروكينغز، ومركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، ومعهد الشرق الأوسط، وفي عصر «ترامب»، من المنطقي أن نراهن على أن الأمر أصبح أسوأ.

تحالف قد يشعل الحرب

هناك المزيد من المخاطر في شبكة الروابط الحالية بين واشنطن وبين الإمارات والسعودية، أكثر من مجرد كونها أعمالاً تجارية، إن تبنّي الرئيس «ترامب» والعديد من أعضاء الكونجرس لمثل هذه الأنظمة المتهورة المتطرفة وغير الديمقراطية، له تداعيات بعيدة المدى على مستقبل السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط.

وقد أكد ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان» أن الزعيم الإيراني «علي خامنئي» «يجعل هتلر يبدو جيداً» واقترح القيام بعمل عسكري ضد إيران في عدد من المناسبات، أضف إلى ذلك جهود الأمير الناجحة للحفاظ على دعم إدارة «ترامب» لحربه في اليمن، بالإضافة إلى تدخل الرياض السياسي في قطر ولبنان، وهناك خطر حقيقي بأن تبنّي «ترامب» المطلق للنظام السعودي قد يشعل حربًا إقليمية.

وقد أسهم القتل العشوائي الذي قام به التحالف السعودي في اليمن، بمساعدة أسلحة الولايات المتحدة، في أكبر أزمة إنسانية في العالم، في الوقت الذي أفادت فيه التقارير أنه يجعل تنظيم القاعدة في اليمن «أقوى من أي وقت مضى».

هناك قلق كبير في واشنطن بشأن سلوك «ترامب» الذي يبدو متعجرفاً تجاه تحالفات الولايات المتحدة القديمة، لكن في حالة السعودية، سيكون من المستحسن بالطبع أن يحدث تغيير كبير في المسار.

ويبقى أن أقل ما يمكن أن نفعله هو المساعدة في ضمان ألا يخاف أبناء الشعب اليمني على حياتهم في حفلات الزفاف الخاصة بهم.

  كلمات مفتاحية

السعودية ترامب الإمارات بن سلمان كوشنر