رسائل قمة إسطنبول: الحاضرون والحائرون!

السبت 19 مايو 2018 04:05 ص

شكّلت قمة التعاون الإسلامي الاستثنائية المنعقدة في مدينة إسطنبول التركية ذروة منطقية بين خطي: العدوان الإسرائيلي ـ الأمريكي (المتمثل بنقل سفارة واشنطن إلى القدس، والمجزرة الفظيعة المرتكبة في غزة)، وخط المواجهة العربية ـ الإسلامية لهذا التصعيد السياسي ـ العسكري غير المسبوق على الفلسطينيين.

لعبت تركيّا دوراً واضحاً وكبيراً في هذه المواجهة، سياسياً عبر تنظيمها لهذه القمة، وعبر تصريحات رئيسها ومسؤوليها الكبار، وطردها السفير الإسرائيلي (وإهانته في المطار)، وشعبياً عبر مظاهرات ضخمة في إسطنبول نفسها، وفي باقي المدن التركية.

تناظر هذا الموقف التركي مع موقف كويتيّ ساهم في عقد جلسة لمجلس الأمن لبحث طلب حماية الفلسطينيين، وكذلك موقف قطريّ مميز، ساهم بالدعم السياسي والماليّ للحراك الفلسطيني في غزة، وكان حضور زعيمي البلدين، صباح الأحمد الجابر الصباح، وتميم بن حمد آل ثاني، للقمة، تكريساً لهذين الدورين العربيين الواضحين.

حاول الأردن، ذو العلاقة العضوية والحساسة بالقدس وفلسطين، مجاراة الحراك سياسيا ودبلوماسيا، وكان لافتاً أن الملك عبد الله الثاني، شارك في القمة الإسلامية، برفقة أربعة من أشقائه، فيصل وعلي وحمزة وهاشم (وهي سابقة أولى ذات طابع رمزيّ للأردنيين).

لكنّه، في المقابل، وهو الموجود في بقعة جغرافية لاهبة وضاغطة سياسيا وأمنياً بين دول الخليج وسوريا والعراق ومحاذ لحدود فلسطين نفسها (وبالتالي إسرائيل)، قدّم رسائل متناقضة ومتعاكسة، مرّة عبر إلغاء اتفاق التجارة الحرة مع تركيا قبيل القمة، ومرّات عبر محاولة ضبط (وأحيانا زجر) الحراك الشعبي الأردني المتفاعل مع أحداث غزة والقدس.

مصر، التي شاركت بوزير خارجيتها سامح شكري، أعلنت فتح ممر رفح طيلة شهر رمضان، وهو أمر قد يُحتسب (إن شاء الله) في ميزان أفعال رئيسها عبد الفتاح السيسي يوم القيامة، كما أن تصريحات مسؤوليها أكّدت دعمها للحراك وعدم ممارستها ضغوطا على حركة «حماس».

لكن الإسرائيليين كذّبوا الموقف الرسمي المصري وقالوا إن المخابرات المصرية هددت الحركة بعواقب جسيمة إذا استمرّت التظاهرات ضد إسرائيل، وأن ذلك سينعكس في تهدئة الحراك في الأسابيع المقبلة.

السعودية، التي تجاوز وليّ عهدها محمد بن سلمان، المحرّمات العربية والإسلامية المعروفة في الموضوع الإسرائيلي عبر الحديث عن حق اليهود في «أرضهم»، وانهمكت أجهزة أمنها في اعتقال مناهضي التطبيع مع إسرائيل، انهمك جمهور من إعلامييها «الليبراليين» في تمرير رسائل مكشوفة أو باطنية ضد الفلسطينيين.

ولم يوفّروا حتى إعلانا لشركة كويتية يطالب فيه طفل رؤساء العالم بالإحساس بآلام الإنسانية، ويطالب الزعماء العرب بتحرير فلسطين، فاعتبروه إعلانا «إخوانيّا»، يداخل السياسة بالصيام الخ…

والنتيجة أنّها، كما حال مصر، بدت في حال بين حالين، الأول يقول شيئا حول دعم الفلسطينيين وحقوقهم، والآخر يهاجمهم ويضغط عليهم لقبول الشروط الأمريكية ـ الإسرائيلية (تحت مسمى «صفقة القرن»).

الإمارات، في المقابل، والتي صارت حاضرة في كل شؤون العرب والعالم، من سجونها في اليمن واحتلالها سقطرى، مرورا بالصومال وليبيا وتونس، إلى دعوة سفيرها في واشنطن لرئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو إلى طاولة العشاء، ولوبياتها للحصار على قطر، ابتعثت وزير دولة للتعبير عن قلّة اكتراثها بالقمة الإسلامية، وفلسطين، وإبداء العداء المبطن والمعلن لتركيا.

فلسطين، التي هي موضوع القمة، حضرت برئيس وزرائها رامي الحمد الله، وبوفد وزاريّ رفيع المستوى، لكنّ رئيسها محمود عباس غاب، على إثر عملية جراحية في إذنه، لكن الرئاسة الفلسطينية لم تعلّق على الغياب، وهذا أمر يبعث على الحيرة في زمن يحتاج فيه الفلسطينيون، قبل غيرهم، إلى حضور رئيسهم ووضوح مواقفه!

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

فلسطين تركيا منظمة التعاون الإسلامي قمة إسطنبول القدس السعودية مسيرة العودة