مطالبات مغربية بتدخل الدولة لضبط الأسعار وإنهاء «التحرير العشوائي»

السبت 19 مايو 2018 12:05 م

طالب محللون مغاربة بتدخل الدولة لإقرار آلية لمراقبة الأسعار، في ظل «تحرير عشوائي» لها، وذلك بعد قيام مغاربة بمقاطعة ثلاث شركات كبرى لأكثر من ثلاثة أسابيع في حملة لخفض الأسعار وُصفت بالناجحة.

ورأى مغاربة أن نجاح حملة المقاطعة التي شنها ناشطون مغاربة على مدى الأسابيع الماضية بمثابة استدعاء شعبي للحكومة إلى التدخل، مشددين على أن سياسة «التحرير العشوائي» دون خطة واضحة وآليات فاعلة هو «خطأ كبير».

المحلل الاقتصادي «نجيب أقصبي» شدد على أنه «في المرحلة المقبلة يجب أن يكون هناك نظام»، مؤكدا أن «التحرير العشوائي بدون آلية للضغط خطأ كبير».

ولفت إلى أن «قطاع المحروقات قطاع حيوي استراتيجي يجب ألّا يبقى محتكرًا.. على الحكومة أن تترك المنافسة وتحدد سقف الأسعار إذا أرادت أن يكون لخطابها صدقية لدى المغاربة»، بحسب تصريحاته لـ«رويترز».

يأتي ذلك في أعقاب قرار ناشطين مغاربة مقاطعة ثلاثة منتجات محلية، في حملة غير مسبوقة استهدفت شركة «سنترال» للحليب (المغربية – الفرنسية) التي تبلغ حصتها من السوق 60%، وشركة «سيدي علي» للمياه المعدنية التي تسيطر على 60% أيضاً في سوقها، وشركة «أفريقيا لتوزيع المحروقات» التابعة لمجموعة «أكوا» والمملوكة للبليونير المغربي «عزيز أخنوش» وهو في الوقت ذاته وزير الفلاحة والصيد البحري.

كما دفعت تصريحات لمسؤولين حكوميين تنفيذيين وصفت المقاطعين بـ«الخونة» المغاربة للتصعيد من حملتهم التي اتخذت شعار «خليه يريب»، وذلك قبل أن تتراجع الحكومة وتعتذر على لسان رئيس الوزراء «سعد الدين العثماني»، الذي طالب بوقف المقاطعة مع بدء شهر رمضان المبارك وفتح صفحة جديدة متعهدًا بأن تعمل الحكومة «على اتخاذ كل الخطوات اللازمة للدفاع عن المستهلك».

وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة خلال اجتماع لمجلس الوزراء الخميس «رئيس الحكومة أعلن عن تشكيل لجنة وزارية تحت إشرافه المباشر لدرس أثمان المنتجات الأكثر تداولاً في السوق، والتي تدخل في الاستهلاك العادي للمغاربة من أجل اقتراح حلول حتى نتمكن من تخفيف الضغط على القدرة الشرائية للأسر».

وأعلنت وزارة الداخلية المغربية مطلع الأسبوع إطلاق خط هاتفي لتلقي شكاوى المواطنين والإبلاغ عن حالات الغش وزيادة الأسعار.

وعرضت لجنة برلمانية مغربية تقريرًا نهائيًا عن أسعار بيع الوقود الثلاثاء جاء فيه أن أرباح بعض شركات بيع الوقود في المغرب وصلت إلى 996% بعد إصدار قانون حرية الأسعار والمنافسة في 2014.

وفي حين انخفض سعر النفط في العالم قبل الفترة الأخيرة، ظل سعر البنزين مرتفعًا في المغرب الذي يستورد كل حاجاته منه تقريباً.

وقال رئيس اللجنة البرلمانية «عبدالله بوانو» في تصريحات صحفية: «بعد التحرير ارتفعت الأسعار.. ارتفاع أسعار المحروقات انعكس على كلفة النقل وبالتالي كان له تأثير مباشر في القدرة الشرائية».

وأضاف أن اللجنة أوصت «بتحديد سقف للربح»، معتبرا أن شركة «سامير» التي تم تخصيصها في 1997 وتوقفت عن العمل في 2014 «كانت مرجعاً بالنسبة لنا لأنها كانت تقوم بالتكرير وكنا نعرف ثمن التكرير والتصفية والكلفة».

كما اعتبر أن غياب «مجلس المنافسة»، وهو مؤسسة تهتم بأداء الأسواق ومحاربة الممارسات الاحتكارية، كان له انعكاسات وخيمة.

ولفت إلى أن «الشركات ربحت والمواطن بقي مفترسًا بين أنياب ارتفاع الأسعار بخاصة في ميدان المحروقات».

ومجلس المنافسة، الذي أنشئ في 2008، مجمد ومن دون أعضاء بسبب ما يقول مراقبون إنه ضغط «لوبيات اقتصادية قوية ترفض أي سلطة رقابية».

وقال الاقتصادي «نجيب أقصبي» إنه «حتى يعطي رئيس الحكومة صدقية لكلامه ويستمع له المغاربة، يجب أن يتخذ إجراءات عملية؛ على الأقل أن تعود هذه الأموال الى خزينة الدولة»، مشيراً إلى الأرباح الطائلة لشركات الوقود بعد تحرير الأسعار والتي تقدرها لجنة تقصي الحقائق في البرلمان المغربي بمليارات الدراهم.

كما أكد أنه من الواضح أن حملة المقاطعة أظهرت فعاليتها وصدقيتها «لأن الناس ضاقت بهم الحال»، مضيفاً أن الحديث عن انعكاسات على الاقتصاد الوطني هو من باب «التهويل ليس إلا»، لافتا إلى أن «المواطن المغربي لم يتوقف عن الاستهلاك بل توجه إلى علامات تجارية أخرى».

وانتقد المحلل الاقتصادي «الخلط بين السلطة والمال وصراع المصالح... فأقوى وزير في الحكومة معني بهذه المقاطعة، إذا طبيعي ألا تتحرك الحكومة في البداية إلا بصفة متحيزة لمصلحة هذه الشركات».

وحذر من أنه «إذا لم تخفض هذه الشركات الأسعار.. ستستمر المقاطعة وتمتد إلى شركات ومواد أخرى، وما أكثرها».

من جانبه، قال المحلل الاقتصادي المغربي «رشيد أوراز» إن «التهديد بمتابعة المقاطعين أعطى للحملة أبعاداً أكبر»، مشيراً إلى تهديدات حكومية سابقة على الاعتذار، مضيفا «بالتالي اضطروا إلى الاعتذار والتخفيف من حدة الغضب».

وأوضح أن حالة من الترقب تسود أوساط المواطنين، «وربما يكون هناك تفعيل لمجلس المنافسة ومراقبة الأسعار وهذا سيكون هدفاً كبيراً حققته حملة المقاطعة».

المصدر | الخليج الجديد + رويترز

  كلمات مفتاحية

أسعار المغرب الحكومة التحرير العشوائي خليه يريب مقاطعة