دلالات مرافقة الوفد الهاشمي لملك الأردن في قمة إسطنبول

السبت 19 مايو 2018 03:05 ص

اختار العاهل الأردني الملك «عبدالله الثاني»أن يذهب بوفد هاشمي رفيع إلى القمة الطارئة التي دعت إليها منظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول لبحث التطورات الأخيرة في فلسطين في أعقاب نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.

وحشد عاهل الأردن إخوته الأربعة لأول مرة في وفد واحد خارج الأردن، في رسائل لا تبدأ فقط عند ربط شرعية العرش الهاشمي والأسرة المالكة بالقدس (محور المؤتمر)، كما لا تنتهي بمبايعة المرجعية الهاشمية لنظيرتها العثمانية ورأب صدع عمره أكثر من 100 عام.

وبحسب صحيفة «رأي اليوم»، فقد رافق ملك الأردن إخوته: الشقيق «فيصل»، وغير الأشقاء «علي» و«حمزة» و«هاشم» في رسالة سياسية واضحة تقول إن «القدس هي قضية عرش» بالنسبة لعمان، إلى جانب قدسية القضية بالنسبة للأردنيين والتي تناولها الملك في خطابه.

الوفد بهذه الصورة، يعني بوضوح أن الأسرة الهاشمية والفرع الحاكم منها تحديدا اليوم تنظر للقدس كشرعية أساسية لها وليس فقط كمدينة تحت الوصاية الهاشمية، وهنا لا يمكن الفصل بين الوصاية والشرعية، حيث يدرك الهاشميون أن شرعيتهم الدينية التاريخية تتمثل اليوم بالوصاية على القدس، رغم أصولهم الحجازية، وهو الأمر الذي يزيد حساسية الأسرة الحاكمة في السعودية، كون الهاشميين أحقّ بالوصاية على الحرمين المكي والمدني في السعودية باعتبارهم آل بيت الرسول.

إدراك الملك لقضية الشرعية حصرا كان كفيلا لذهابه بتظاهرة هاشمية و«كأسرة» إلى الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان»، صاحب الموقف الأقوى سياسيا ودبلوماسيا من نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ومن الأحداث الدامية في غزة والتي راح ضحيتها أكثر من 60 فلسطينيا.

ذهاب الأسرة الهاشمية للرئيس التركي في العاصمة الدينية للدولة التركية وريثة الدولة العثمانية (إسطنبول) يعني «رأب صدع» عمره 102 عام، منذ ما عرف بالثورة العربية الكبرى (1916) التي أقامها جد الملك «عبدالله» الشريف «الحسين بن علي» ضد الدولة العثمانية آنذاك وبإسنادٍ من الغرب، لذا فالعودة الهاشمية للعثمانيين يعني بأبسط تفسيراته أن قاسما مشتركا ضخما هو من أعاد الطرفان: الأردني والتركي.

فتمثيل عمان الذي ظهر كأقوى تمثيل في القمة كلها، قوبل بحفاوة من الرئيس التركي الذي أجلس الملك «عبدالله» على يمينه منذ بداية القمة، كرسالة ترحيب قوية ودعم وإسناد للوصاية الهاشمية، وعلى قاعدة القدس تحديدا، إذا لم تكن «حصريا».

تضرر الطرفين

تركيا والأردن عمليا تضررتا من نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب للقدس، وأكثر من تصريح لصهر الرئيس الامريكي «غاريد كوشنير» الذي منح الوصاية على القدس للإسرائيليين، والتي لم ينتبه كثيرون إلى أن تركيا كانت أول من اختبر تبعاتها مع تجاوز للوصاية الأردنية.

فطرد أنقرة للسفير الإسرائيلي لديها، رد عليه الإسرائيليون بطرد القنصل العام التركي من القدس الشرقية، والذي عمله أساسا في رعاية وحماية المقدسات ورعاية مصالح الفلسطينيين في الضفة وقطاع غزة ولا عمل له مع الإسرائيليين، وهذه بحد ذاتها رسالة ضخمة ضد الوصاية الهاشمية على مقدسات القدس، والوصاية الأممية كذلك، تقول «ها قد بدأنا التمتع بالوصاية الممنوحة أمريكيا».

بيعة عمان للرئيس التركي لم تخرج عن نطاق ملف القدس وغزة حتى اللحظة، والوفد الهاشمي الرفيع الذي لم يبايع أحدا بهذه الصورة من قبل، قد يتطور لاحقا، ومشهد الأمراء الأربعة إلى جانب الملك، أثار الكثير من ردود الفعل الأردنية، فالرسالة التي تلقفها مسؤولون أردنيون تقول إن الملك وبعد أن اصطحب الرئيس الفلسطيني «محمود عباس» في قمة إسطنبول الماضية (لم يحضر هذه المرة)، قرر هذه المرة أن «يشدد أزره بإخوته»، وهنا يوحي للأردنيين أن العائلة الهاشمية تتصدى بصدورها لملف القدس، كما يمنحهم المزيد من الثقة بأنه ليس وحيدا في مواجهة القرارات الأمريكية المتسارعة والممارسات الإسرائيلية.

اختيار الوفد وتفاصيل الكلمة، تزامنت وفي اليوم ذاته مع حضور «هاشمي» قوي في مفاصل أخرى، حيث المستشفى الميداني في غزة يتسع ويزداد نشاطه، ويتوزع أطباؤه كمساندين في المستشفيات الفلسطينية، إلى جانب الدور القوي الذي قام به المفوض العام لحقوق الانسان الأمير «زيد بن رعد بن الحسين» في مجلس حقوق الإنسان وانتزاعه قرارا أمميا بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في ما جرى في غزة.

بكل الأحوال، الأمراء الاربعة وظهورهم متحدين ملتفين حول الملك يعطي رسالة للخارج والداخل، خصوصا وأن الصورة لهم ما إن ظهرت حتى تم مقارنتها بصورة تم تسريبها قبل ساعات لولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان» ونظيره الإماراتي «محمد بن زايد» والرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» وملك البحرين «حمد بن عيسى آل خليفة»، وهم على ما يبدو في مصيف.

المقارنة توحي أن ملك الأردن استغنى عن الرباعي المذكور وغيره بإخوانه، وهم ماقد يكونوا الأكثر وفاء لملف القدس والوصاية الهاشمية من غيرهم، والأهم أنهم معه في إسطنبول لإعلان «شراكة» بين العرش وتركيا كوريثة للدولة العثمانية على قاعدة القدس اليوم، وقد تتوسع لتشمل الكثير من الملفات الاخرى قريبا.

المصدر | الخليج الجديد + رأي اليوم

  كلمات مفتاحية

وفد هاشمي الملك عبدالله القدس السفارة الأمريكية العلاقات الأردنية التركية