«رئاسيات تركيا 2018».. هل سيتجاوز «أردوغان» معارضيه الخمسة؟ وكيف؟

الاثنين 21 مايو 2018 10:05 ص

تنتظر تركيا بعد نحو شهر من الآن ما يمكن أن نسميها بـ«انتخابات إعادة ضبط المصنع»، الجديد هنا هو أن «ضبط المصنع» لن يتيح العودة إلى وضع سابق خال من التعقيدات، كما هو الحال في الأجهزة الإلكترونية، لكنه سيقفز إلى وضع جديد كليا، أبرز ملامحه هو رئيس له صلاحيات أكبر لإدارة شؤون البلاد، وفق استفتاء 2017 الذي شهدته البلاد، وصوت فيه الأتراك بـ«نعم» على هذا الخيار.

من هنا يكتسب يوم 24 يونيو/حزيران المقبل أهمية خاصة في تركيا، ولا نبالغ إذا قلنا في العالم بأكمله، نظرا لحالة الجدل التي أثارها الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا خلال الفترات الماضية، وحالة الاستقطاب التي صنعها نجمه في سماء العالم العربي والإسلامي، ما بين مؤيدين يرون فيه نموذجا للحاكم القوي الناجح الرافض لأوضاع يرونها ظالمة في عالمهم، ومعارض يعتقد أن «أردوغان» أصل الشرور ومنبع المؤامرات.

ولأول مرة في تاريخ تركيا، تجرى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية على التوازي، وفق نظام الدورتين، الأولى يوم 24 يونيو/حزيران، أما جولة الإعادة في الرئاسيات فسيتم إجراؤها في 8 يوليو/تموز.

في هذا التقرير نستعرض كل ما يمكن أن يهم القارئ على صعيد الانتخابات الرئاسية التركية المقبلة..

بات المواطن التركي أمام ستة متنافسين على منصب رئيس الجمهورية التركية، بحلته وصلاحياته الجديدة، وهم:

1- «رجب طيب أردوغان»: الرئيس التركي الحالي منذ عام 2014، وأكثر المرشحين حظا للفوز، ويدخل الانتخايات عن «تحالف الشعب» أو «تحالف الجمهور»، الذي يضم  حزب «العدالة والتنمية»، و«الحركة القومية»، وتبني «أردوغان» تحول البلاد من النظام البرلماني إلى الرئاسي. (العمر: 64 عاما).

2- «محرم إنجه»: ثاني أبرز مرشح، حيث يمثل أكبر أحزاب المعارضة التركية، حزب «الشعب الجمهوري»، وهو أحد أبرز المعارضين للنظام الرئاسي الذي تم إقراره في استفتاء 2017، ويقول إنه سيكون رئيسا لكل الأتراك. (العمر: 53 عاما).

3- «ميرال أكشنار»: مرشحة حزب «الخير» اليميني، المنشق عن حزب «الحركة القومية» المتحالف مع «العدالة والتنمية»، يقول مححلون إنها ستكون «الحصان الأسود» في تلك الانتخابات، ويذهب البعض إلى الحديث عن إمكانية نجاحها في الإطاحة بـ«أردوغان»، وتلقب بـ«المرأة الحديدية»، وكانت من قبل وزيرة للداخلية، ونائبة لرئيس البرلمان، وقد توعدت اللاجئين السوريين بالطرد، حال فوزها. (العمر: 61 عاما).

4- «صلاح الدين ديمرطاش»: مرشح حزب «الشعوب الديمقراطي» اليساري ذو الأغلبية الكردية، ويقبع في السجن حيث حكم عليه بتهمة دعم الإرهاب والتحريض على الكراهية وإهانة الأمة التركية، وذلك بسبب ما اعتبر تحريضا غير مباشر منه على دعم حزب العمال الكردستاني المصنف إرهابي في تركيا.

ترشح «ديمرطاش» في الانتخابات الرئاسية السابقة 2014، لكنه حصد المركز الأخير، لكن يحسب له أنه جعل حزبه في 2015 ثاني أكبر قوة معارضة في البرلمان. (العمر: 45 عاما).

5- «تمل كرم ملا أوغلو»: مرشح حزب «السعادة»، والذي يعد امتدادا لتوجهات حزب الرفاة والراحل «نجم الدين أربكان»، وكان من المنتظر أن يرشح هذا الحزب «عبدالله غل»، رئيس تركيا السابق والذي لا يزال له شعبية معتبرة، وكان من المنتظر أن يكون منافسا شرسا لـ«أردوغان»، إلا أنه اختار عدم الترشح في النهاية، ليدفع الحزب برئيسه «ملا أوغلو». (العمر: 77 عاما).

6- «دوغو برينجيك»، مرشح حزب «وطن»، اليساري الشيوعي، ويعد هذا الحزب داعما للنظام السوري في الأحداث الأخيرة هناك، ويتبني موقفا شديد العدائية ضد «أردوغان» والأحزاب المحافظة وذات التوجه الإسلامي عموما، لكنه أيد الرئيس التركي مؤخرا في معركته ضد حركة «فتح الله كولن». (العمر: 76 عاما).

ورفضت اللجنة العليا للانتخابات في تركيا طلبات ترشح 3 أشخاص آخرين وهم: «نجدت جان»، و«سلامي قره غوز»، و«بولنت غوركوت»، لعدم استكمالهم المعلومات والوثائق اللازمة ضمن فترة الترشح.

نظرة على استطلاعات الرأي

في البداية يجب لفت النظر إلى أن استطلاعات الرأي التي تخرج عادة قبل أية انتخابات في تركيا لم تنجح في توقع النتائج النهائية بشكل كبير، ويعتبر محللون أن تلك الاستطلاعات قد تحكمها انحيازات تتعلق بالأيدلوجية أو ميول الممولين ورغبتهم في توجيه الرأي العام معنويا نحو مرشحين بعينهم.

وفي هذه المرة، فجرت استطلاع أجرته مؤسسة «بيار» مفاجأة، حيث توقعت نجاح «ميرال أكشنار» في الإطاحة بـ«أردوغان» بنسبة طفيفة للغاية لا تتعدى 0.5% في جولة الإعادة، حيث توقعت أن تحرز 50.5% من أصوات الناخبين، مقابل 49.5% لـ«أردوغان».

لكن استطلاعا آخر أجرته مؤسسة «كونسينسوس» أظهر أن «أردوغان» سيتواجه مع «محرم إنجه» في جولة الإعادة، ليفوز الأول بنسبة 55.1% من الأصوات، مقابل 44.9% لـ«إنجة».

ثمة رأي ثالت يتمسك به محللون وخبراء، وهو أن الانتخابات ستحسم من جولتها الأولى، وحجتهم في ذلك أن المعارضة لم تقدم مرشحا توافقيا يستطيع إحراز كتلة تصويتية معتبرة في منافسة «أردوغان»، متوقعين أن تتفتت الأصوات على مرشحي المعارضة بنسبة 48% تقريبا، بينما يحصد «أردوغان» الباقي.

نستطيع القول إجمالا إن استطلاعات الرأي المختلفة لا تتوقع حسم الانتخابات من جولتها الأولي، وتؤكد على جولة إعادة قد تشهد مفاجأة، لكن توقعات أخرى تشير إلى حسم الرئيس التركي الحالي الأمر من الجولة الأولى، وهو الرأي الذي يذهب إليه عدد من مسؤولي حزب «العدالة والتنمية».

لكن تبقى التوقعات في مجملها متضاربة هذه المرة، نظرا لسياسة التحالفات التي انتهجتها بعض الأحزاب، على رأسها «العدالة والتنمية» المتحالف مع «الحركة القومية» اليميني المتطرف، وهو تحالف غريب بعض الشئ، وقد يتسبب في حيرة الناخبين من مؤيدي الحزبين المتناقضين في التوجهات إلى حد كبير.

ملاحظات عامة

1- - استطلاعات الرأي أظهرت تراجع فرص «أردوغان»، حيث كانت أعلى نتيجة له هي 46.6% في يناير/كانون الثاني الماضي، ثم أخذت في التراجع، حتى وصلت إلى 42.1% في مايو/أيار الجاري.

2- وفقا لاستطلاعات الرأي، فإن «أردوغان» سيدخل جولة إعادة أمام «ميرال أكشنار»، أو «محرم إنجه»، والفروق النهائية بينهما ستكون طفيفة للغاية.

3- تحليلات ترى أن فرصة «محرم إنجه» لمنافسة «أردوغان» في حالة الوصول إلى الجولة الثانية من الانتخابات ستكون أعلى من «ميرال أكشنار»، نظرا لعزوف الأكراد عن التصويت للأخيرة، وتوجههم إلى انتخاب «إنجه»، نظرا لخطابه التصالحي مع الأكراد، بالإضافة إلى أن القاعدة الشعبية لحزب «الشعب الجمهوري» ومرشحه «إنجه» هي الأكبر بعد «العدالة والتنمية».

4- موقف الأكراد عموما سيكون مسار تحليلات أخرى، فالكتلة المعتبرة منهم والتي تعودت على التصويت لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم، قد تغير رأيها هذه المرة، تحت ضغط حملات أنقرة المتوالية ضد الأحزاب والتنظميات الكردية، علاوة على التدخل التركي العسكري في كوباني وعفرين مؤخرا ضد الأكراد بشكل عنيف، ولا ننسى بالطبع تحالف حزب «العدالة والتنمية» مع «الحركة القومية»، المعادي للأكراد.

5- يراهن حزب «الشعوب الديمقراطي» على جذب الصوت الكردي، تحت ضغط مظلومية سجن رئيسه «دميرطاش»، لكن التحليلات تشير إلى عدم تحقيقه مفاجأة، رغم هذا الأمر.

6- وفقا للتحليلات أيضا، لن يتركز الصوت الكردي حول مرشح وحيد في الجولة الأولى، لكن الأمر سيكون مختلفا في الإعادة، وهنا سيكون على الأكراد الاختيار بين «أردوغان» ومنافس وحيد –على الأغلب– وفي هذه الحالة تبرز فرص «محرم إنجه» لحصد تلك الأصوات، ولا يجب إغفال أن هناك نسبة كردية ستصوت لـ«أردوغان»، رغم كل ما حدث على الساحة خلال الأشهر الماضية.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا انتخابات تركيا رئاسيات تركيا «رجب طيب أردوغان» ميرال اكشنار محرم انجه