التهجير للجميع في سوريا.. خريطة سكانية جديدة ترسمها الحرب

السبت 26 مايو 2018 08:05 ص

«كل الأطراف متورطة في نسج هذه الخارطة السكانية الجديدة».. هكذا يحمل الخبير في الشؤون السورية «فابريس بالانش»، مسؤولية الخريطة السكانية الجديدة في سوريا، التي رسمتها الحرب وموجات النزوح.

فخلال سبع سنوات، رسمت الحرب وموجات النزوح خريطة سكانية جديدة في سوريا، مع مواطنين هجروا تحت ضغط المعارك واتفاقات الإجلاء، وأقليات فرت خشية تهديدات طائفية، ومجموعات إثنية حلّت محل أخرى، ومدن فرغت بكاملها من السكان.

يقول «بالانش»، الذي يشغل منصب مدير مجموعة البحوث والدراسات حول البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط في ليون الفرنسية، إن الحديث يدور عن «عملية تغيير ديموغرافي سياسي وإثني»، موضحاً أن ذلك «يدخل في إطار استراتيجيا طرد المعارضين السياسيين».

ويضيف: «في سوريا لا تمييز بين المعارضة السياسية والانتماء الطائفي»، حسب «فرانس برس».

وعلى الخارطة الجديدة، طرد معارضو النظام وغالبيتهم من السنة من مناطق عدة، وتجمعت الأقليات في مناطق أخرى، وباتت المناطق الجغرافية إجمالاً من لون طائفي واحد.

ويلفت «بالانش» إلى أن «اتفاقات الإجلاء كرست نقل سكان من مناطق إلى أخرى»، الذي يقول إن «النظام يطرد كل من يعتبرهم معارضين كونهم قد يشكلون يوماً ما عاملاً لثورة جديدة».

ويضيف أن «الفصائل المعارضة طردت علويين ومسيحيين من مناطق عدة على اعتبار أنهم موالون».

وشهدت سوريا عمليات إجلاء عدة، أبرزها من الغوطة الشرقية الشهر الماضي، ونهاية عام 2016 من الأحياء الشرقية في مدينة حلب (شمال).

ومع الوقت، باتت إدلب تستضيف عشرات آلاف المقاتلين والمدنيين المعارضين، معظمهم من السنة.

ويعيش حالياً في مناطق سيطرة النظام، وفق «بالانش»، 70% من السكان، ثلثهم من الأقليات.

وفي شمال سوريا، وعلى وقع هجوم تركي ضد عفرين ذات الغالبية الكردية، فرّ أكثر من 137 ألف شخص قبل سيطرة القوات التركية على المدينة في مارس/آذار الماضي إلى مناطق قريبة تحت سيطرة قوات النظام، أو توجهوا شرقاً إلى مناطق سيطرة الأكراد.

وعلى الأثر، استقر حوالى 35 ألف شخص تم إجلاؤهم من الغوطة الشرقية في منازل أو مخيمات عفرين.

ويتهم الأكراد تركيا بممارسة تهجير عرقي، فيما يقول محللون إن أنقرة تسعى إلى تحديد منطقة تعيد إليها اللاجئين السوريين الموجودين على أرضها، بالإضافة الى إبعاد الأكراد من حدودها.

من جانبه، يقول الأستاذ الجامعي «أحمد يوسف» النازح من عفرين إلى كوباني: «لست متفائلاً. كلما طال الوقت، قد تثبّت عملية التغيير الديموغرافي».

ويشير إلى محاولة فرض «بيئة ثقافية جديدة».

بينما يعرب الأستاذ في جامعة عفرين «جيلنك عمر»، الذي انتقل إلى منطقة كوباني عن مخاوفه من وقوع «فتنة عربية كردية».

ويضيف: «هم (العرب) سوريون، ومن ضحايا التهجير أيضاً، لكن إن كانوا سيستوطنون رغماً عن إرادة العفريني، فإن ذلك يفتح أبواباً لصراع قومي».

ويتساءل «من سيسكن الغوطة غداً؟».

في المقابل، يتهم سوريون الأكراد بممارسة سياسة تهجير قسري في حق السكان العرب في مناطق سيطرتهم.

ولا يلوح في الأفق، وفق سكان ومحللين، أي أمل في عودة جميع النازحين واللاجئين البالغ عددهم حوالى 11 مليوناً داخل البلاد وخارجها، إلى المناطق التي خرجوا منها.

وقبل الحرب في 2011، كان السنة العرب يشكلون 65% من السكان، مقابل 20% من الأقليات و15% من الأكراد.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

سوريا تهجير المعارضة الحرب السورية السنة الشيعة الأكراد