«الحديدة».. تقدم للشرعية وإقرار حوثي بالاختراق وترقب لمعركة الميناء

الاثنين 28 مايو 2018 09:05 ص

أقر زعيم جماعة «أنصار الله» (الحوثيون) في اليمن «عبدالملك الحوثي»، باختراقات حققتها القوات الحكومية مدعومة بالتحالف العربي، في الساحل الغربي، لكنه قال إن «معركة الحديدة» لم تحسم بعد.

ويعد حسم «معركة الحديدة»، لصالح القوات الحكومية والتحالف والقضاء على المليشيات الحوثية المدعومة من إيران، واحدة من أهم العمليات العسكرية التي سيبنى عليها الكثير في سبيل إعادة الشرعية في اليمن.

ويجري التقدم العسكري الجديد صوب الحديدة، وسط توترات متزايدة بين السعودية وإيران، إذ تخوضان حربا بالوكالة في اليمن، سقط فيها أكثر من 10 آلاف قتيل، وتسببت في نزوح 3 ملايين نسمة ودفعت البلد إلى شفا المجاعة.

وفي 8 مايو/أيار الجاري، أعلن التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن، إطلاق عملية عسكرية واسعة ضد «الحوثيين»، باتجاه مدينة «الحديدة»، غربي البلاد، لتحقق نجاحات متعددة جعلتها على بعد كيلومترات من مطار المدينة.

اعتراف بالاختراق

إلا أن «الحوثي»، قال في خطاب مساء الأحد، نقلته قناة «المسيرة» الفضائية التابعة للجماعة، إن «الاختراقات في الخط الساحلي قابلة للاحتواء والسيطرة عليها وتحويلها»، إلى تهديد لمن وصفهم بـ«الغزاة».

واعتبر «الحوثي» أن «أي اختراق للعدو يمكن تطويقه بالتكاتف الشعبي والقبلي إلى جانب الجيش واللجان (قوات الجماعة)»، وقال إن «العدو يراهن على الإرباك».

واعتبر زعيم الجماعة أن المعركة في الساحل الغربي لليمن «أمريكية بامتياز»، وقال: «العدو يستطيع أن يفتح معركة في الحديدة لكن يستحيل عليه أن يحسمها».

كما اعتبر أن تكتيك خصومه في الساحل «هو تكتيك صبياني يمكن أن يسقط أمام الثبات العسكري والتماسك الشعبي»، داعيا إلى «الحذر من التقصير والتفريط والإرباك والقلق».

وأضاف: «لا يزال بيد الشعب اليمني المناطق التي تمثل العمق الاستراتيجي والتاريخي للبلد لمواجهة» من سمّاهم «الغزاة».

وتعد تصريحات «الحوثي» الأولى من نوعها، التي يعترف فيها بخسائر في الساحل الغربي، حيث تقدمت قوات يمنية موالية للشرعية وأخرى مدعومة من التحالف، في الأجزاء الجنوبية لمحافظة الحديدة، وتقول إنها باتت في مديرية الدريهمي، القريبة من المدينة، مركز المحافظة، التي يقع فيها أهم ميناء يمني.

تقدم ملحوظ

وخلال الأيام الماضية، تمكنت قوات من الجيش اليمني الموالية للشرعية، وأخرى من التحالف العربي، من تحقيق تقدم في مديرية التحيتا، شرق الحديدة.

وذكر الموقع الرسمي للجيش اليمني، أن قواته تقدمت اليوم الجمعة جنوب الحديدة، وأنها «أحكمت سيطرتها على منطقة المتينة ومنطقة الفازة، وصولا إلى مفرق زبيد في مديرية التحيتا».

وعقب ذلك، تقدمت القوات لتسطير على ‏منطقة المجليس والشافعية ومفرق الجاح والمشرعي ‏والحسينية، بعد معارك تكبدت فيها الميليشيا الحوثية خسائر ‏ في العتاد والأرواح.‏

وذكرت مصادر قبلية، أن قوات الجيش الوطني استعادت أيضا السيطرة على مناطق التعلاف والمشرعي والمشيخي، وصولا إلى منطقة الزهر، ومنطقتي الجاح الأعلى والأسفل التابعتين لمديرية بيت الفقيه.

وشهدت صفوف ميليشيات «الحوثي»، تراجعا ميدانيا في مختلف الجبهات، وسط تهاوي عناصرها وفرارها من عدة مناطق في جبهة الساحل الغربي، ما ساعد على نجاح قوات الجيش في السيطرة على منطقة القويبع القريبة من مدينة الحسينية.

فيما أكد المتحدث باسم المقاومة الوطنية العقيد الركن «صادق الدويد»، أن القوات المشتركة باتت الآن على أبواب مدينة الحديدة، مشيرا إلى أن المسافة المحررة خلال 3 أيام هي 78 كيلومترا في الساحل الغربي، والمسافة الفاصلة عن تحرير المطار نحو 15 كيلومترا.

وأوضح أن عناصر الميليشيات الذين لم يسقطوا قتلى أو تم أسرهم، فروا تاركين أسلحتهم وذخائرهم، وبقايا من تحصينات دفاعية لم تصمد أمام قوات الشرعية.

أهمية «الحديدة»

ويرى مراقبون، أن استعادة الحديدة من قبل التحالف العربي وقوات الشرعية، تطور نوعي سيفتح الطريق لتحرير باقي المحافظات الساحلية في شمال اليمن وجنوبه، في إطار السعي لإحكام السيطرة على كل المنافذ البحرية، ما يمهد للوصول إلى محافظات الوسط وعلى رأسها العاصمة صنعاء.

كما أن المعركة سترسم نهاية «الحوثيين»، إذ يعد ميناء الحديدة الشريان الرئوي لهم، وتحريره يعني كتابة وفاتهم ووضعهم في أضيق وضع، ولن يكون أمامهم سوى الاستسلام، ومن شأنه إنهاء تهديد «الحوثيين» للملاحة البحرية في باب المندب وقطع الإمدادات الإيرانية لهم عن طريق البحر، وحصرهم في المناطق الداخلية والجبلية، حسب المراقبين.

و«الحديدة»، واحدة من كبريات المدن باليمن، وهي عاصمة إقليم تهامة، وتعرف بـ«عروس البحر الأحمر»، ويوجد فيها أشهر وأهم موانئ البلد على هذا البحر.

تبعد المدينة عن العاصمة صنعاء بحوالي 226 كيلومترا، بينما تبلغ مساحة جميع المحافظة -التي تقع معظم أراضيها بالمنطقة السهلية لساحل تهامة- حوالي 17 ألفا و145 كيلومترا مربعا، وتتوزع على 26 مديرية.

و«الحديدة» كذلك تُعد ورقة استراتيجية مهمة، نظرا لقربها من خطوط الملاحة الدولية، ويحرص «الحوثيون»، على إبقائها بأيديهم، للخروج بامتيازات كثيرة، فيما لو تم استئناف مشاورات السلام اليمنية المتعثرة منذ أغسطس/آب 2016.

من جانبه، قال المحلل العسكري «علي الذهب»، إن «الحديدة» قد تتحول إلى ساحة للحسم العسكري، إذا اشتدت المواجهة في محاور مختلفة.

وأضاف: «الموقف الأمريكي الطارئ من الملف النووي الإيراني، أحد مؤشرات الحسم العسكري بالحديدة، وكذا التقارب الكبير بين السعودية والولايات المتحدة، لا سيما بعد تكثيف «الحوثيين» هجماتهم الصاروخية على الرياض، والتيقن من ضلوع إيران فيها».

أزمة إنسانية

من جانبها، قالت «منظمة العفو الدولية» الأسبوع الماضي، إن 100 ألف على الأقل نزحوا بطول الساحل الغربي لليمن في الشهور الأخيرة، معظمهم من الحديدة، محذرة من أن «الاسوأ لم يحصل بعد»، خاصة إذا ما وصلت المعارك إلى ميناء الحديدة.

وأوضحت المنظمة أنها أجرت مقابلات مع 34 نازحا تحدثوا عن «هجمات مروعة» بقذائف المورتر، فضلا عن غارات جوية وألغام وغيرها من الأسلحة الخطرة، وذلك في الوقت الذي كانت القوات الحكومية، مدعومة بالتحالف بقيادة الرياض، تحاول إلحاق الهزيمة بـ«الحوثيين» المدعومين من إيران.

وقالت كبيرة مستشاري برنامج الاستجابة للأزمات بـ«منظمة العفو» الحقوقية «راوية راجح»، في بيان لها: «الأثر الذي تركته هذه الحملة العسكرية الجديدة على المناطق الساحلية بغرب اليمن واضح من القصص المؤلمة التي يتداولها المدنيون الذين شردهم الصراع».

وتابعت: «إنها لمحة مما يمكن أن يحدث على نطاق أوسع إذا امتد القتال وبلغ مدينة الحديدة الساحلية ذات الكثافة السكانية العالية».

ويمر بالحديدة معظم واردات اليمن التجارية وإمدادات الإغاثة المطلوبة بشدة.

ويتهم التحالف المدعوم من الغرب، «الحوثيين» باستخدام الميناء في تهريب أسلحة إيرانية الصنع وهو ما نفته جماعة الحوثي وإيران.

ويسيطر المسلحون «الحوثيون»، المتهمون بتلقي دعم إيراني، على محافظات يمنية، بينها العاصمة صنعاء، منذ 21 سبتمبر/ أيلول 2014.

وينفذ التحالف العربي، بقيادة السعودية، منذ 26 مارس/آذار 2015، عمليات عسكرية في اليمن، دعما للقوات الحكومية في مواجهة «الحوثيين».

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الحوثيون عبدالملك الحوثي السعودية الحرب في اليمن ميناء الحديدة التحالف العربي إيران