«راند»: الانسحاب من الاتفاق النووي يزيد الضغوط على النظام «الهش»

الاثنين 28 مايو 2018 11:05 ص

يؤدي تزايد المشقة الاقتصادية إلى تأجيج الاضطرابات المستمرة في إيران، التي تشهد الآن الكثير من الإضرابات العمالية في جميع أنحاء البلاد، والمشاعر المناهضة للنظام.

وقد تؤدي العقوبات الجديدة الناجمة عن قرار الرئيس «ترامب» بالانسحاب من الاتفاق النووي إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية الصعبة بالفعل.

وقد يكون الآن هو الوقت المناسب لممارسة أقصى قدر من الضغط على النظام، في محاولة لإعادة طهران إلى طاولة المفاوضات.

وفي ديسمبر/كانون الأول، ويناير/كانون الثاني الماضيين، اندلعت المظاهرات عبر إيران، وبدأ المشهد بسبب ارتفاع الأسعار وحالة الاقتصاد السيئة بشكل عام، ولكنه سرعان ما انتشر في جميع أنحاء البلاد، مع تركيز المتظاهرين لغضبهم على النظام الديني.

واستمرت الاحتجاجات؛ حيث نظم العمال مئات الإضرابات في جميع أنحاء البلاد، من طهران وتبريز في الشمال، إلى أصفهان ويزد في الوسط، والأهواز في الجنوب.

وكانت المظالم اقتصادية وسياسية على السواء، تتراوح بين الأجور المتأخرة، وعمليات التسريح الجماعية للعمال، والتهميش العرقي، ورقابة النظام.

ولا يزال العديد من الاحتجاجات المستمرة من قبل الإيرانيين مدفوعة من الطبقة العاملة، وهو ما يشكل أساسا لمواجهة النظام.

وكان من المفترض أن يعمل الاتفاق النووي على تخفيف عزلة إيران الدولية وتحفيز الاستثمار الأجنبي، لكن الفساد وسوء الإدارة الاقتصادية، والإطار القانوني الإشكالي، والعقوبات المستمرة التي تستهدفها الولايات المتحدة، قللت من اهتمام الشركات الدولية.

العقوبات تعمق الأزمة

ويعاني الاقتصاد الإيراني هشاشة متزايدة، مدفوعا جزئيا بأزمة عملة، بسبب عدم القدرة على جذب البنوك الكبرى إلى البلاد، وترتفع البطالة والتضخم، والقطاع المصرفي ضعيف، وتجد العديد من الشركات الإيرانية، لا سيما تلك العاملة في الاستيراد والتصدير، صعوبة في العمل.

علاوة على ذلك، سوف تؤدي العقوبات الصارمة الجديدة إلى تفاقم الصعوبات الاقتصادية من خلال تقييد الاستثمار الأجنبي والحد من قدرة إيران على تصدير النفط.

وأشارت الشركات الكبرى، مثل «بوينغ» و«إيرباص» و«توتال» و«سيمنز»، إلى أنها تراقب الوضع، لكنها تكاد تبتعد بفعل العقوبات الأمريكية الجديدة المنتظرة، ما لم تحصل على إعفاءات.

وفي حين أن الاضطرابات المستمرة تتأجج إلى حد كبير بسبب الصعوبات الاقتصادية، فقد وجه المحتجون غضبهم إلى النخبة الحاكمة، ما أدى إلى غرق النظام في أزمة شرعية.

وتكشف هتافات وشعارات العمال المضربين، مثل «يسقط خامنئي»، أن الغضب موجه بشكل متزايد ضد المرشد الأعلى «خامنئي» والنظام الحاكم الإسلامي.

وعلى وجه الخصوص، هتف المتظاهرون بـ«الاستقلال، الحرية، الجمهورية الإيرانية»، الذي يوازي الشعار الثوري الشعبي لعامي 1978-1979، «الاستقلال، الحرية، الجمهورية الإسلامية».

وينذر هذا المزيج السام من العقوبات والمشاعر المعادية للنظام باستمرار الاضطرابات، ما يزيد الضغط على نظام لم يتمكن من الوفاء بوعوده بتحسين الاقتصاد، وفي الواقع، فإن النظام الديني أكثر عرضة للخطر الآن.

وكانت الإضرابات والاضطرابات العمالية سمة مميزة لفترة ما قبل الثورة، وعلى وجه الخصوص، لعب عمال النفط دورا رئيسيا في سقوط الشاه.

وكان عشرات الآلاف من العمال في حقول النفط في جنوب غرب إيران وفي المصافي ومراكز التوزيع ومكاتب المدن الكبرى قد بدأوا الإضراب في سبتمبر/أيلول 1978، واستمرت الاضطرابات حتى فبراير/شباط 1979، ما أدى إلى شل الدولة.

محاولة إنقاذ

ولا شك في أن الرئيس «حسن روحاني»، وهو على علم بالتهديد الذي يواجهه النظام، قد صرح بأن إيران ستواصل الالتزام بالاتفاق النووي طالما أن مصالحها محمية، وطالما فعلت الدول الـ5 الأخرى الموقعة، المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين، نفس الشيء.

ولهذه الغاية، بدأت طهران جولة من المفاوضات لتعزيز الاتفاق، وتهدف إيران إلى تجنب جولة جديدة من العقوبات الاقتصادية القاسية والموسعة وعزل الولايات المتحدة عن شركائها الأوروبيين.

وبالفعل، أعلنت الدول الأوروبية الثلاث الموقعة على الاتفاق النووي التزامها، ويمكن لإدارة «ترامب» إطلاق حملة دبلوماسية منسقة تهدف إلى حشد دعمها لفرض عقوبات جديدة وإجبار طهران على الدخول في جولة جديدة من المفاوضات.

ويمكن لأي صيغة جديدة أن تعالج المخاوف المشتركة، وتحديدا برنامج إيران للصواريخ الباليستية، وضمان وصول المفتشين إلى المنشآت العسكرية، ومعالجة النشاط الإيراني الخبيث المزعزع للاستقرار في المنطقة، ومع ذلك، قد يكون من الصعب التغلب على نقاط الخلاف، مثل الشروط المقيدة بزمن في الاتفاق النووي.

ومع ذلك، وبالنظر إلى نقاط الضعف الاقتصادية والسياسية للنظام الإيراني، فإن هذا الضغط الجديد سيكون في توقيت جيد، ولديه القدرة على إجبار إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات.

وكانت طهران مصرة على أنها لن تعيد التفاوض على الاتفاق النووي، لكن الضغط المتضافر من الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين قد يضغط على إيران للتفاوض على اتفاقية جديدة.

ومع ذلك، فإن هذه الاستراتيجية عالية المخاطر، وتتطلب الحذر، فلا تزال المعرفة بالوضع الداخلي في إيران محدودة، ولا يزال من غير الواضح أين سيقود أي ضغط جديد، وقد تؤدي إعادة فرض العقوبات القاسية إلى رد فعل عنيف، يزيد من معاداة الولايات المتحدة وتعزيز الدعم للنظام.

بالإضافة إلى ذلك، قد تدفع العقوبات الجديدة طهران إلى إلغاء الاتفاق والشروع في بدء برنامجها النووي، بكل المخاطر التي ستجلبها هذه الخطوة.

وأخيرا، قد يؤدي الضغط الأقصى إلى انهيار النظام، ومن الخطر التنبؤ بسقوط أي نظام، ويمكن لنظام الجمهورية الإسلامية الاعتماد على دعم منظمات أمنية قوية، بما في ذلك قوات الحرس الثوري الإسلامي، التي، على الأقل حاليا، تظل وفية للنظام.

وفي الواقع، ستكون قوات الأمن أساسية لاستدامة النظام، ومع ذلك، يبدو النظام هشا، وقد ينهار الوضع.

ويعد تغيير النظام عملا لا يمكن التنبؤ بعواقبه، كما ظهر في العراق عام 2003، وسيكون من الحكمة أن تستعد الولايات المتحدة للاضطرابات الجوهرية وانهيار النظام المحتمل، والذي، إذا أسيء التعامل معه، قد يؤدي إلى تفاقم حالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط الفوضوي بالفعل.

  كلمات مفتاحية

النظام الإيراني الإضرابات العمالية خامنئي الحرس الثوري الاتفاق النووي الإيراني