«المونيتور»: هل يؤثر فوز «الصدر» على العلاقات الروسية العراقية؟

الثلاثاء 29 مايو 2018 12:05 م

يجري تقييم نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في 12 مايو/آيار في العراق بعناية من قبل موسكو، من حيث تأثير النتائج على علاقات روسيا مع العراق.

وقد أشادت وزارة الخارجية الروسية بالانتخابات باعتبارها «علامة فارقة على طريق تحقيق الاستقرار في البلاد»، مضيفة أنها تأمل في «تشكيل حكومة جديدة تمثيلية في العراق في المستقبل القريب».

وللوهلة الأولى، لم يكن لائتلاف «سائرون» بقيادة «مقتدى الصدر»، الذي حصل على عدد كبير من المقاعد، اتصالات جوهرية مع موسكو، ومع ذلك، لا يعني هذا أن الائتلاف لا يمكنه العمل على بناء هذه الاتصالات.

والمطلوب في هذه المرحلة، كما رأينا من موسكو، هو مراقبة عملية تشكيل الحكومة العراقية الجديدة بصبر، حيث يواجه التحالف بعض المشاكل.

وتشير تصريحات «الصدر»، حول الحاجة إلى بناء روابط براغماتية مع لاعبين آخرين على الساحة العراقية، إلى أن رجل الدين الشيعي صاحب النفوذ قد يحافظ على نهج مماثل على جبهة السياسة الخارجية إذا شكل الحكومة المقبلة.

وإذا ثبت أن هذا هو الحال، فهناك فرصة جيدة لموسكو، ليس فقط للحفاظ على مستوى اتصالاتها الحالية مع بغداد، بل لتطويرها بشكل أكبر.

اللعب على الحبال

ويُنظر إلى مشكلة «الصدر» وتحالفه على أنها مرتبطة بعدد من العوامل المتداخلة التي قد تؤثر على تشكيل أولويات السياسة الخارجية العراقية في المستقبل.

أولا، فشل تحالف «سائرون» في الفوز بالأغلبية المطلقة اللازمة للنهوض فقط بجدول أعماله الخاص، وقد دفع ذلك «الصدر» إلى المناورة والسعي إلى المصالحة مع القوى الأخرى وتقديم تنازلات في نهاية المطاف.

ثانيا، يعد الائتلاف متنوعا نوعا ما وقد ساعده هذا التنوعي في الحصول على الأصوات التي حصل عليها، لكن التنوع ذاته يشير أيضا إلى عيوب التحالف، فهناك قوى مختلفة داخل التحالف قد لا تتفق فيما بينها.

وثالثا، كلما ظهر رجل قوي في السياسة العراقية، يسعى اللاعبون السياسيون إلى إيجاد طرق لتقييد قدراته، ويجب على «الصدر» أن يكون على علم بذلك، وفيما يتعلق بنشاط السياسة الخارجية العراقية، يعني هذا الحفاظ على توجهات متعددة تجاه العديد من مراكز القوى العالمية والإقليمية في نفس الوقت.

وبالنسبة للعراقيين، بغض النظر عن آرائهم السياسية، فإن وجود موسكو كأحد هذه العوامل أمر مفيد، ويعد نفوذ روسيا في البلاد محدودا نوعا ما، وبالتالي لا يثير مخاوف جدية، إلى جانب ذلك، يرى الكثيرون أن روسيا مفيدة فيما يتعلق بالتعاون التقني العسكري.

وقال رئيس مكتب الصدر، «إبراهيم الجابري»، لوكالة الأنباء الروسية، في 15 مايو/آيار: «سنعمل على زيادة قدرات الدفاع وحماية القانون في بلادنا، لحمايتها من التهديدات الأجنبية والمحلية».

وعندما تم سؤاله عن رؤيته للمستقبل مع روسيا وإيران والولايات المتحدة، قال: «لدينا علاقات ممتازة مع روسيا وكذلك إيران، ولقد قمنا بحملة هجومية ضد القوات المحتلة، حكومة الولايات المتحدة، لكننا لسنا ضد الشعب الأمريكي، ولن نسمح لأي دولة، سواء كانت إقليمية أو غيرها، بالتدخل في الشؤون الداخلية للعراق».

وتشير خلفية «الصدر» ووجهات نظره إلى أنه لن يكون شريكا سهلا لروسيا، ومع ذلك، فقد يتبين أن البراغماتية والعقلية المتزنة هي الصفات اللازمة لتحقيق أفضل النتائج.

وخلال أحد الاجتماعات الأولى، لدى وصول السفير الروسي «مكسيم ماكسيموف» إلى بغداد عام 2017، أشاد المشرع العراقي «حكيم الزاملي» بدور روسيا في دعم الحكومة العراقية في الحرب ضد تنظيم «الدولة الإسلامية».

كما تحدث «الزاملي»، الذي ترأس لجنة الدفاع والأمن في مجلس النواب التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالتيار الصدري، عن «الحاجة إلى تطوير العلاقات الودية بين البلدين، وبناء جسور التعاون في الاقتصاد وقطاع الخدمات».

البحث عن النفط والسلاح

وفي فبراير/شباط، أدلى «الزاملي» ببيان آخر لفت انتباه العديد من الدول الإقليمية، وكذلك الولايات المتحدة، وفي معرض حديثه عن حق العراق «في امتلاك أسلحة متطورة للدفاع عن أراضيها ومجالها الجوي ضد الهجمات الجوية» في مواجهة استخدام تنظيم الدولة المحتمل للطائرات بدون طيار لشن هجمات على الأماكن المقدسة، قال إن «العراق ينوي امتلاك نظام إس400 الروسي للدفاع الجوي؛ دفاعا عن الأرض والأضرحة والمجال الجوي، ونحن جادون في ذلك».

وفي وقت لاحق، نفى سفير العراق في روسيا «حيدر منصور هادي» أن تكون موسكو وبغداد قد ناقشتا تلك المسألة، ولكن حقيقة أن مثل هذه الفكرة قد نشأت تجعل المرء يعتقد أن هناك مجالا ينمو للعلاقات بين الطرفين في هذا المجال.

ومع ذلك، فقد وصلت روسيا والعراق إلى مساحة عادلة من التفاعل الثنائي، وقد تشاركا الرؤيا للشؤون الإقليمية.

إلى جانب ذلك، تواصل شركات الطاقة الروسية مثل «لوك أويل» و«غازبروم نفت» العمل على أكبر مخزونات النفط في العراق، والتي يتم تقييمها بشكل إيجابي من قبل بغداد.

وكل ما سبق ذكره يجعل موسكو تعتقد أن الحكومة التي ستتشكل في نهاية المطاف في العراق من غير المرجح أن تتخلى عن فكرة شراء الأسلحة الروسية، وتلقي الدعم في تطوير حقول النفط، وتنفيذ مشاريع إعادة الإعمار.

والقضية الوحيدة التي قد تتطلب حلا جديا هي حالة «روسنفت» في العراق، ومع ذلك، ظهرت علامة أخرى على اهتمام الشركة على المدى الطويل بالعمليات في العراق في 23 مايو/آيار، عندما أفرجت «روسنفت» عن معلومات تفيد بأن شركة «باشنفت إنترناشيونال بي في» التابعة لها اكتشفت مخزونا نفطيا جديدا في جنوب غرب العراق.

ولم يتم الكشف عن الاحتياطيات بدقة، لكن الشركة قالت إنها ترى هذا الاكتشاف «علامة مهمة في تطوير عمليات نفط المنبع في الخارج».

ومن المحتمل أن يكون الحقل الجديد بندا آخر في الجدول الأعمال الثنائي، وبالتالي، ستظل موسكو على مسار المشاركة الثابتة والمنتظمة مع جميع اللاعبين العراقيين، والأهم من ذلك، مؤسسات الدولة، في حين سيستمر العراق في إدراك قيمة روسيا في المجالات المختلفة، ويقود كل ذلك لبناء أساس أكثر صلابة لمزيد من العلاقات.

المصدر | المونيتور

  كلمات مفتاحية

العلاقات الثنائية موسكو بغداد مقتدى الصدر ائتلاف سائرون الحكومة العراقية