«بي بي سي»: كيف توازن روسيا علاقتها مع إيران و(إسرائيل)؟

السبت 2 يونيو 2018 10:06 ص

تساءل موقع «بي بي سي» البريطاني، حول النتيجة التي يمكن استخلاصها من السلوك الروسي مع (إسرائيل)، في وقت يوجد فيه خط ساخن بين القوات الإسرائيلية والروسية في سوريا لضمان أن ضربات (إسرائيل) الجوية لن تتعارض مع التحركات الجوية الروسية.

وأوضح الموقع في تقرير لمراسلها الدبلوماسي «جوناثان ماركوس» أن الهجوم الإسرائيلي الأخير في سوريا، قد يؤدي إلى تغيير في الديناميات الإقليمية إلى ما هو أبعد من ذلك، كما قد تقدم التطورات في هضبة الجولان في الجنوب باعثا إضافيا.

وأضاف «قد تكون المعركة المحتملة هنا بوتقة صراعات جديدة، ستؤدي إلى إثارة التوترات بين الأطراف الخارجية الثلاث التي لها مصالحها الاستراتيجية الأكثر أهمية في البلاد، وهي إيران و(إسرائيل) وروسيا».

وأشار إلى أن العلاقة بين الدول الثلاث علاقة غير عادية على الإطلاق، وهذا أقل ما يقال، فإيران و(إسرائيل) عدوان لدودان لبعضهما بعضا. وسوريا في طريقها لأن تصبح أخطر جبهة في صراعهما المرير.

أما روسيا وإيران فهما الداعمان العسكريان الرئيسيان لرئيس النظام السوري «بشار الأسد» في سوريا، وبدونهما ربما كان قد أطيح بـ«الأسد» من سدة الحكم.

وتابع «لكن موسكو لديها علاقات وثيقة بـ(إسرائيل)، فرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، كان مدعوا مؤخرا كضيف شرف في استعراض عسكري ضخم في موسكو، احتفالا بذكرى الحرب العالمية الثانية».

وتساءل كيف توازن روسيا علاقتها مع إيران و(إسرائيل) على حد سواء؟ وهل تتباين مصالحها الاستراتيجية في سوريا؟

الأهداف المتوافقة

ويمثل العامل المثير في الحملة الجوية الإسرائيلية الطويلة للحد من أو، إن إمكن، تغيير اتجاه القوات الموالية لإيران في سوريا هو سلبية موسكو.

وتمتلك روسيا، الحليف المفترض لإيران، قاعدة جوية في سوريا بها أجهزة راداد وصواريخ أرض جو يمكنها بكل قوة التصدي لأي ضربات جوية إسرائيلية إذا أرادت. لكنها حتى الآن لم تفعل شيئا.

ووفرت روسيا دعما جويا قويا بينما ساعدت إيران بميليشياتها المختلفة، من بينها حزب الله في لبنان، قوات الأسد في الميدان.

ومن هذا المنطلق، كانت أهداف روسيا وإيران متوافقة سواء لتعزيز الموقف العسكري أو، إذا أمكن، تمكين النظام من مواصلة الهجوم لاستعادة الأراضي التي فقد السيطرة عليها.

بالنسبة لروسيا، كان هذا كله يتعلق بتوفير الدعم لحليف قديم، حليف تعود العلاقة معه إلى سنوات الحرب الباردة.

وشعرت روسيا بالقلق من زعزعة الوضع المتزايدة في المنطقة، والخوف من أن يؤدي زحف تنظيم «الدولة الإسلامية» في نهاية المطاف إلى إثارة المشاعر بالقرب من حدود روسيا.

وكانت هناك اعتبارات جيو-استراتيجية أيضا، إذ شكلت سوريا وقاعدة روسيا البحرية الصغيرة (التي يجري توسيعها الآن) قبضة صغيرة لموسكو في الشرق الأوسط، وهي المنطقة التي كانت حريصة على تجديد نفوذها فيها لتراجع نفوذ واشنطن بها.

المواجهة المحتملة

وهدفت إيران، أيضا، إلى مساعدة حليف مهم وقديم لكن كانت لها حسابات جيو-استراتيجية في سياستها هي الأخرى.

فسوريا الضعيفة والمقسمة لن تشكل تهديدا كبيرا لـ(إسرائيل)، في حين ترى (إسرائيل) إيران وسعيها المحتمل للحصول على قنبلة ذرية تهديدا وجوديا، كما أن إيران نفسها ترى أن القوة العسكرية الإسرائيلية بعيدة المدى تشكل تهديدا كبيرا وعقبة أمام طموحاتها الإقليمية.

ولهذا، إذا تمكن نظام «الأسد» من الاستقرار، ورسخت قوات إيرانية أو قوات بالوكالة وجوها في سوريا، عندئذ يمكن مواجهة إسرائيل بالقرب من حدودها.

وفي الواقع، فإن النفوذ الإيراني المتنامي في العراق واستمرار وجود «الأسد» يمكن أن يوفر فرصة لإنشاء ممر بري يمتد عبر سوريا إلى لبنان، وهو ما قد يسمح في يوم من الأيام بوصول الأسلحة والإمدادات العسكرية إلى «حزب الله».

وأشار الموقع البريطاني إلى أنه «في الوقت الحالي، يصل كثير من هذه الصواريخ والمعدات جوا. لكن طرقا كهذه قد تُعترض وتتوقف يوم ما. ولا زال إيران نظاما ثوريا يتوق إلى تصدير رسالته إلى العالم العربي».

وأضاف «شهدت انتصارات الأسد المتنامية ترسيخ مجموعة من القوات الموالية لإيران وجودها في سوريا، بداية من وحدات من قوات الحرس الثوري حتى مجموعة متنوعة من الميليشيات، كالفيلق الأجنبي الشيعي، الذي جرى تجنيده في باكستان وأفغانستان وأماكن أخرى».

وأوضح أن «إسرائيل أطلقت حملة دعائية كبرى لإقناع العالم بأن إيران تسعى إلى وجود عسكري دائم في سوريا، وتؤكد أن هذا أمر لن تسمح به».

نشاط دبلوماسي

وكشفت «بي بي سي»، أن «التوترات المتصاعدة دفعت إلى وجود نشاط دبلوماسي كبير بين إسرائيل وروسيا. وخلال هذا الأسبوع فقط، يزرو وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، موسكو لإجراء محادثات مع نظيره الروسي، سيرغي شويغو».

وتشير كل المؤشرات إلى أن روسيا منزعجة من ضراوة الضربات الإسرائيلية على المنشآت الإيرانية، خوفا من أنه إذا استمر هذا الوضع فيمكن أن يؤدي إلى مواجهة قد تهدد سيطرة «الأسد» على السلطة.

وأضاف «يبدو أن روسيا مستعدة لدعم خطة تحظر اقتراب أي قوات موالية لإيران من حدود إسرائيل».

وأردف «على المدى القصير، يعني هذا أن الميليشيات الموالية لإيران بعيدة عن أي هجوم حكومي جديد على الجولان الجنوبي»، مرجحا «أن يكون بمثابة وسيلة مؤقتة، فـ(إسرائيل) تعارض وجود إيران العسكري في سوريا برمته، وكانت معظم غاراتها الجوية بعيدة كل البعد عن الجولان».

ورأت «بي بي سي»، أنه «من غير المحتمل تخلي إيران عن مصالحها الخاصة واستسلامها».

التأثير الروسي على إيران

وأشارت «بي بي سي»، إلى أنه «من الواضح أن موسكو ترغب في تحقيق الاستقرار في سوريا، بما يمكّن نظام الأسد من إعلان النصر».

وأكد أن «إيران تعد حليفا رئيسيا على الأرض لتحقيق هذا الهدف»، مضيفا «لكن الصراع الإقليمي بين إسرائيل وإيران يلوح في الأفق بقوة. وبعدما قررت منح (إسرائيل) على ما يبدو حرية للحركة في الأجواء، فإن روسيا قد تجد جمهورا أقل تقبلا لدعم طهران».

وفي وقت مبكر من هذا الشهر، وصلت المعركة الطويلة بين (إسرائيل) وإيران في سوريا إلى منعطف تصعيدي غير مسبوق، وما يُعتقد هو أن الهجوم الصاروخي الإيراني ضد مواقع للجيش الإسرائيلي في هضبة الجولان المحتلة (الذي كان نفسه ردا على غارات جوية إسرائيلية سابقة ضد قاعدة إيرانية في سوريا) دفع تل أبيب إلى شن هجوم أوسع.

وشنّت الطائرات الإسرائيلية غارات على نحو 50 هدفا إيرانيا في سوريا، أي تقريبا كل قاعدة أو منشأة إيرانية معروفة هناك، ما أدى، بحسب محللين، إلى تراجع لقوتها العسكرية في سوريا لأشهر إن لم يكن لسنوات.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

روسيا سوريا إيران إسرائيل العلاقات الروسية الإسرائيلية