رغم الحفاوة البالغة التي استقبل بها العاملون والمستثمرون في القطاع السياحي أنباء استئناف رحلات الطيران المباشر بين موسكو والقاهرة، فإن شهرين مرّا على عودة انتظام حركة الطيران من جديد دون أن يعود السياح الروس إلى المنتجعات المصرية في ظل استمرار تعليق الرحلات إلى الغردقة وشرم الشيخ، الوجهتين الرئيسيتين للسياحة الشاطئية الروسية في مصر.

وشهدت الفنادق والقرى السياحية في الغردقة وشرم الشيخ وجودا نادرا لعدد من السياح الروس الذين وصلوا إلى مطاراتها عبر إسطنبول، نظرا لاستمرار تعليق رحلات الطيران المباشر من روسيا إلى المطارات المصرية (باستثناء مطار القاهرة)، كما أن بعد المسافة وكثرة الكمائن الأمنية لا تزال تعوق السفر إلى القاهرة ثم الانتقال برا إلى المنتجعات السياحية، كما أن ارتفاع أسعار الطيران الداخلي بمصر يعد عائقا ثالثا.

موظف استقبال بأحد الفنادق من فئة 5 نجوم بطريق القرى، جنوبي الغردقة (محافظة البحر الأحمر)، قال إن حالات وصول السياح الروس لا تزال فردية، وأن أغلبهم قادمون من روسيا عبر إسطنبول وليس القاهرة.

ويظهر البحث على مواقع حجز تذاكر الطيران أن تذاكر السفر من موسكو إلى الغردقة عبر إسطنبول أقل كلفة من السفر عبر القاهرة في ظل غلاء أسعار الطيران الداخلي في مصر والتي تصل إلى 3 آلاف جنيه مصري (حوالي 170 دولاراً) للتذكرة الواحدة من القاهرة إلى الغردقة ذهابا وإيابا رغم أن المسافة لا تزيد على 500 كيلومتر.

ويقول الموظف، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، إنه «بعد أكثر من عامين من المتاعب وبقاء نسبة الإشغال دون الـ50%، تمكّنّا في الأشهر الماضية من رفعها إلى 70%، وحتى قاربت 100% في بعض الأوقات»، بحسب «العربي الجديد».

ويضيف: «لا تزال حالات وصول الروس فردية، وأصبح أغلب السياح قادمين من بريطانيا وألمانيا والتشيك وبعض بلدان أوروبا الشرقية والجمهوريات السوفييتية السابقة، مثل بيلاروسيا وأوكرانيا، بالإضافة إلى السياحة الداخلية، ولكنها انحسرت تماماً مع حلول شهر رمضان».

لكنه رغم كل ذلك، فإن حال الغردقة يعتبر أفضل كثيرا من شرم الشيخ التي واجهت ضربة مزدوجة بوقف الرحلات من روسيا وبريطانيا على حد سواء، بينما يستقبل مطار الغردقة عددًا من الرحلات القادمة من مختلف المدن البريطانية يوميًا، ما يساعدها في تعويض غياب الروس بعض الشيء.

ولم تعلن روسيا حتى الآن عن أي موعد محتمل لعودة الرحلات إلى الغردقة وشرم الشيخ، إذ ربطتها وزارة النقل الروسية باستيفاء مطاري المنتجعين لجميع المتطلبات الأمنية.

وعلقت روسيا جميع رحلات الطيران إلى مصر عقب حادث تفجير طائرة «إيرباص- 321» الروسية في سيناء ومقتل 224 شخصاً كانوا موجودين على متنها أواخر أكتوبر/ تشرين الأول 2015، في ما يعتبر أسوأ كارثة في تاريخ الطيران الروسي والسوفييتي، لكنها قررت العام الجاري استئناف رحلات الطيران بعد اشتراطات أمنية روسية ووجود رجال أمن روس في المطارات المصرية.

وبحسب بيانات مطار «دوموديدوفو» في ضواحي موسكو، والذي تنفذ «مصر للطيران» رحلاتها إليه، فإن أكثر من 1200 راكب سافروا إلى القاهرة منذ استئناف الطيران وحتى 22 مايو/ أيار الماضي.

وقبل حظر حركة النقل الجوي بين البلدين، كانت مصر تعتبر الوجهة الثانية للسياحة الخارجية الروسية بعد تركيا، وتمكنت من جذب نحو ثلاثة ملايين سائح روسي عام 2014، وذلك بفضل مناخها المعتدل في أغلب أوقات السنة، والأسعار التنافسية للخدمات، والقرب الجغرافي النسبي.

وكانت الغردقة تستقبل نحو 60% من السياحة الروسية الوافدة إلى مصر، بالإضافة إلى 40% إلى شرم الشيخ، وكان متوسط سعر الرحلة يبلغ 500 - 600 دولار فقط للفرد بفضل نقل السياح على متن رحلات الطيران العارض (تشارتر) منخفضة التكاليف.