تفاصيل استيلاء «بن سلمان» على مجموعة «بن لادن»

الثلاثاء 5 يونيو 2018 03:06 ص

لا يتوقف نهم ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان» أبدا.

وفي البداية، توصل إلى اتفاقات «تسوية» مع العشرات من أغنى رجال السعودية، وكان من بينهم بعض الوزراء وأفراد عائلته الملكية.

وهؤلاء تم اعتقالهم، في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، وتم احتجازهم حتى وافقوا على التخلي عن حصص كبيرة من ثرواتهم، والتي أمنت حريتهم خارج غرفهم الفاخرة في فندق «ريتز كارلتون» الرياض.

والآن، يطارد ولي العهد «بن لادن»، وبالطبع ليس مؤسس «القاعدة» الذي تم اغتياله على أيدي القوات البحرية الأمريكية عام 2011، بل شركة العائلة، مجموعة «بن لادن» السعودية العملاقة.

وكانت «رويترز» كشفت الأسبوع الماضي عن الخبر؛ حيث ذكرت أن الرياض استولت على إدارة الشركة من أفراد عائلة «بن لادن» في إطار «الحملة ضد الكسب غير المشروع».

وكان «أسامة بن لادن» جزءا من تلك العائلة، لكنها قطعت العلاقات معه.

تفكيك المجموعة

وفي ذروة مجدها، كانت مجموعة «بن لادن»، التي تأسست عام 1931، تشغل أكثر من 100 ألف في 537 شركة.

وبدأ استحواذ «بن سلمان» عليها، في يناير/كانون الثاني 2018، عندما أجبر الشركة على إحداث تغيير في مجلس إدارتها، بإضافة محامين تابعين لولي العهد.

ومن المقرر الآن أن تقوم مجموعة «بن لادن» بتسليم 35% من أسهمها إلى الدولة؛ حيث فقدت مكانتها كشركة مملوكة للعائلة. وستصبح خاضعة للإدارة غير المباشرة لـ«بن سلمان».

وستقوم مجموعة «بن لادن» بتسريح الآلاف من الأشخاص، وبيع بعض شركاتها، والالتزام بالمشاركة في مشاريع البنية التحتية التي تفضلها الحكومة، مثل مدينة «نيوم» المستقبلية على حدود السعودية ومصر والأردن.

وكانت الشركة تعرضت لانتقادات شديدة عام 2015، عندما انهارت رافعة كانت تعمل بالقرب من المسجد الحرام في مكة وقتلت 107 أشخاص.

وفقدت مجموعة «بن لادن» إثر ذلك مشاريع حكومية، واضطرت في نهاية المطاف إلى تأخير دفع الرواتب لتسوية ديونها.

وبعد إلقاء القبض على كبار الأشخاص في المجموعة، ومع وجود خطر الاستيلاء عليها، لم يكن لدى الشركة العديد من الخيارات.

ولا تعد مجموعة «بن لادن» الشركة الضخمة الوحيدة التي استولت عليها الحكومة السعودية؛ حيث وضع «بن سلمان» يديه على أصول «وليد الإبراهيم»، رئيس شركة البث التلفزيوني الإقليمية «إم بي سي».

واضطر «الإبراهيم» إلى تسليم حصة الأغلبية في تلك الشركة مقابل حريته.

وسمحت الحكومة السعودية هذا الأسبوع لـ «الإبراهيم» بمغادرة البلاد إلى دبي؛ حيث مقر شركته.

ووصلت الحكومة السعودية إلى ترتيب مماثل، على الرغم من أنه ربما يكون أكثر تكلفة بكثير، مع الملياردير «الوليد بن طلال».

وكان الهدف المعلن من قبل الحكومة من الاستيلاء على الأصول هو إنهاء الفساد العميق الذي ساعد على كسب ثروة هائلة بطرق غير مشروعة.

ومع ذلك، يتطلب الأمر الكثير من الشجاعة لاستهداف الشركات التي قضت أجيالا تتمتع بعلاقات وثيقة مع العائلة المالكة نفسها.

وليس لدى ولي العهد نفسه ضمانات بأن هؤلاء الأغنياء سيوافقون على «تنازلات» بدلا من الخضوع للمحاكم السعودية (أو الدولية) لحماية حقوقهم.

لكن يبدو أن الرأسماليين يدركون أنه من الأفضل لهم العمل مع الأمير خشية أن يخسروا ما تبقى لديهم، وربما ما زالوا يأملون أيضا في الفوز بمشاريع في المستقبل، وإن كان ذلك بهوامش أضيق.

مخاطر الاستثمار

والسؤال الآخر هو ما إذا كان المستثمرون الأجانب سيواصلون وضع المال في السعودية، حيث يمكن أن تؤمم في أي وقت إذا ما قرر الأمير ذلك.

واستنادا إلى تقارير في الصحافة التجارية السعودية، لم تجف الاستثمارات الأجنبية، ولا توجد مؤشرات على تباطؤها.

وقد تكون إغراءات الاستثمار في المملكة كبيرة للغاية بحيث لا يمكن للشركات متعددة الجنسيات أن تخرج من البلاد.

ولم توجد شركة في العالم لا تحب أن تكون جزءا من مدينة الحلم المستقبلية «نيوم»؛ حيث من المتوقع استثمار 500 مليار دولار، أو في فرصة بناء منتجعات في 50 جزيرة سعودية في البحر الأحمر بتكلفة عشرات المليارات.

ورغم ذلك فإن حملة القمع ضد نشطاء حقوق الإنسان السعوديين، الذين تم القبض على بعضهم هذا الأسبوع بتهمة التعاون مع حكومات أجنبية وإلحاق الضرر بالمملكة، يبدو أنها أزعجت الشركات الأجنبية؛ حيث أن الادعاءات بأن هذه الأنشطة كانت تدار من سفارات أجنبية أثارت ردود فعل من الدول المعنية.

وتنطوي الرؤية السعودية على تنويع مصادر الدخل والحد من اعتماد المملكة على النفط، وهذه ليست أهدافا جديدة، لكن يجري إعادة تعريفها من قبل كل عاهل ملكي على مدى عقود.

لكن هذه المرة، يبدو أن هناك فرصة على الأقل أن تتحول الرؤية إلى خطة استراتيجية.

ولا تقتصر الخطة على خصخصة الشركات الغنية أو الاستيلاء عليها، بل تنطوي على تعزيز العمالة من السعوديين على حساب العمال الأجانب، وتطوير السياحة خارج نطاق السياحة الدينية، وزيادة نسبة النساء العاملات، وتحديث مناهج الجامعات حتى يتمكن الطلاب من تعلم المهن ذات الصلة بسوق العمل.

المصدر | تسفي برئيل - هآرتس

  كلمات مفتاحية

السعودية محمد بن سلمان مجموعة بن لادن