القصير.. ساحة روسيا الجديدة لضبط التوتر الإيراني الإسرائيلي

الأربعاء 6 يونيو 2018 11:06 ص

تتجه منطقة القصير والشريط الحدودي بين سوريا ولبنان، إلى تفاهمات تشبه إلى حد ما تفاهمات الجنوب السوري، بالنظر إلى حساسية درعا والقنيطرة المحاذية تماماً لمناطق سيطرة (إسرائيل).

تأتي هذه التفاهمات، في إطار خشية روسيا أن تنزلق الأمور إلى حرب مفتوحة بين (إسرائيل) وواشنطن ومعها بعض الدول الإقليمية من جهة، وإيران و«حزب الله» من جهة أخرى، مما يدفعها للمناورة بهدف استيعاب الاحتقان الإيراني الإسرائيلي، وسحب فتيل أي توتر حفاظاً على مكاسبها.

بيد أن مساعي موسكو فشلت في مدينة القصير، التي تعتبر منطقة نفوذ ميليشيا «حزب الله» اللبناني، إذ اضطرت موسكو للاستجابة لوساطة النظام السوري، بعد أن أثار انتشار قواتها حفيظة طهران، وسرعان ما سحبت قواتها من جميع النقاط العسكرية التي أنشأتها في محيط مطار الضبعة العسكري، وبعض المواقع الأخرى، مقابل انتشار قوات النظام السوري فيها.

ويبقى شغلها الشاغل «ضبط الإيقاع» بين القوى الفاعلة وخصوصاً بين إيران و(إسرائيل) لتبقى متسيدةً مفاصل وقواعد اللعبة في سوريا، حسب صحيفة «القدس العربي».

وخشية وقوع خلافات بين الطرفين تدخل النظام السوري متوسطاً فتم سحب روسيا لجنودها ونقاطها مقابل انتشار عناصر الفرقة (11) في نقاط المراقبة الروسية.

وتواجه هذه المنطقة الحدودية بين لبنان وسوريا ضغوطات لإخراج ميليشيات إيران وحصراً «حزب الله» منها، حيث أعربت (إسرائيل) في مناسبات عدة أنها لن تسمح لإيران بإنشاء قواعد عسكرية في سوريا، فيما اقتصر دور النظام السوري على لعب دور الوسيط بين الأطراف المتنازعة.

«حزب الله» باق

مصادر ميدانية، نفت حدوث أي انسحاب لعناصر «حزب الله» من القصير، مشيرة إلى أن ما حصل خلال الساعات الماضية هو إعادة انتشار للميليشيا التي لازالت تحتفظ بكامل ثقلها العسكري في هذه المنطقة.

وفي هذا الصدد، قال القيادي في الجيش الحر وقائد حركة «تحرير الوطن» العقيد «فاتح حسون»، أن الشرطة العسكرية الروسية انتشرت قبيل انسحابها على الحدود اللبنانية السورية المحاذية لجبل أكروم ووادي خالد، وكذلك لاحظنا انتشاراً للشرطة العسكرية الروسية في نقاط محددة في منطقة القصير.

وأضاف أن انتشار الشرطة العسكرية الروسية في منطقة القصير كان في «معبر جوسيه الحدودي بين لبنان وسوريا، بينما كان التمركز في مدرسة جوسيه الرسمية، وقرية المصرية قرب الهرمل، حيث تمركزت القوات في مدرستها الرسمية، ومحطة مياه القصير عند جسر الدف، ونقطة شمال غرب العقربية على الطريق بين الهرمل والساحل السوري، إضافة إلى تواجدها في الفرقة (11).

وأكد «حسون»، وجود تفاهمات من أجل إعادة أهالي القصير المتواجدين في لبنان إلى مناطقهم، قائلاً: «يوجد تكليف بعض الجهات من أجل إحصاء أهالي وأبناء القصير الموجودين في لبنان بضمان روسي وسيتم العمل على إعادة النازحين خلال شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب المقبلين».

خلاف

فيما كشف مسؤولان في الميليشيات الداعمة للنظام السوري، أن نشر عسكريين روس في سوريا قرب الحدود اللبنانية هذا الأسبوع، أثار خلافاً مع الميليشيات المدعومة من إيران بينها «حزب الله» الذي عارض هذه الخطوة غير المنسقة.

ونقلت «رويترز»، عن أحد المسؤولين العسكريين، قوله إنه «جرى حل الموقف الثلاثاء عندما سيطر جنود من قوات النظام على ثلاثة مواقع انتشر فيها الروس قرب بلدة القصير في منطقة حمص، وبدا أنها واقعة منفردة تصرفت فيها روسيا دون تنسيق مع حلفاء بشار الأسد المدعومين من إيران».

وأشار القائد العسكري، إلى أن الخطوة حلت بعد نشر قوات النظام عناصر من الفرقة (11) على الحدود السورية – اللبنانية، مضيفاً أن مقاتلي «حزب الله» لا يزالون في المنطقة، فيما أشار مصدر آخر إلى أن إيران وحلفاءها يدرسون الموقف بعد التحرك الروسي غير المنسق.

محاولة للسيطرة

فيما قال مصدر مطلع، إن قوات روسية أنشأت نقاط عسكرية عدة قرب منطقة القصير في محيط مطار الضبعة العسكري وانتشرت في جبل أكروم ووادي خالد، إضافة إلى انتشار الشرطة العسكرية الروسية في معبر جوسية الحدودي بين لبنان وسوريا، وذلك لكبح جماح إيران ومنع حدوث صدام مباشر مفتوح بين إيران و(إسرائيل)، مما يعرض مصالح ومكتسبات موسكو للخطر، الأمر الذي أثار غضب ميليشيا حزب الله ومن ورائه إيران في المنطقة.

أما الخبير في العلاقات الدولية «سعد الشارع»، فأوضح أن ما يدفع روسيا لاحتواء الموقف هو مخاوفها من إشعال فتيل الحرب بين (إسرائيل) وإيران، مما قد ينسف أي مكتسبات استطاعت تحقيقها خلال السنوات الأخيرة في سوريا، سواء على الصعيد العسكري أو حتى على الصعيد السياسي، إضافة إلى التأثير المباشر على التفاهمات والاتفاقيات الاقتصادية التي أبرمتها مع النظام السوري.

وأضاف: «تسعى موسكو إلى التهدئة لكيلا يصل الاحتقان الإيراني الإسرائيلي في المنطقة إلى صدام مفتوح أو مباشر».

وتعمل موسكو حسب رؤية «الشارع»، وفق سياقين، الأول يتماشى مع مصالح إيران وأذرعها في المنطقة، وبموازاة ذلك تحاول إقناع طهران بالخروج من المناطق التي لا تحبذ (إسرائيل) وجودها فيها، أهمها منطقة الجنوب السوري، وفي الدرجة الثانية المناطق المحاذية للحدود مع لبنان.

«ترغب (إسرائيل) بتقييد التواجد الإيراني وتخفيف ثقل الميليشيات التابعة لها على الحدود مع لبنان»، ووفقاً لرؤية «الشعار»، الذي قال إن «المنطقة مقبلة على تفاهم دبلوماسي ولن تتعرض لأي صدام حيث سيحاول الروس لعب أدوار رئيسية في عقد اتفاقيات بين الطرفين، إيران وحزب الله من جهة و(إسرائيل) والولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى».

  كلمات مفتاحية

روسيا إسرائيل حزب الله لبنان إيران الأسد القصير تهدئة توتر الحرب في سوريا