الإمارات والبحرين.. انقلاب النتائج على المقدمات

الخميس 7 يونيو 2018 02:06 ص

عادت أخبار النزاع الطويل الأمد على السلطة بين ملك البحرين «حمد بن عيسى آل خليفة»، وعمّه رئيس الوزراء «خليفة بن سلمان»، للتداول، ولكنّ المستجدّ في المسألة كان الدور المباشر الذي يلعبه وليّ عهد أبوظبي، «محمد بن زايد» في محاولة ترجيح كفّة الملك البحريني.

تفتح هذه القصة باباً واسعاً لتحليل الوضع السيئ الذي آلت إليه البحرين، قيادة وشعبا، وتدفعنا للمقارنة التاريخية بين المقدّمات التي نشأ خلالها البلدان، مع النتائج الوخيمة التي صارا إليها الآن.

مهم التذكير بأن استقلال دول الخليج في نهاية ستينات القرن الماضي، دفع بلدانه إلى إعلان اتفاق أوّلي عام 1969 على الاتحاد في بلد من تسع إمارات، يضمّ المشيخات السبع الموجودة حاليا ضمن دولة الإمارات مع البحرين وقطر، وهو الأمر الذي فشل.

ولعل فشله يعود إلى التفاوت بين أركانه، فقد دفع التقدّم السياسي والعلمي الذي كانت تنعم به البحرين آنذاك إلى طلبها إعلان المنامة عاصمة لتلك الدولة، وهو ما عارضته بريطانيا، ما أدى لانسحاب البحرين وقطر وتأسيس الدول الثلاث على ما هو معروف.

لم يمنع هذا التأسيس استمرار العلاقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بين أطراف هذه المعادلة.

وفي مجال العلاقة بين البحرين والإمارات، فقد قامت الأولى برفد الثانية آنذاك بجزء من نخبتها العلمية والسياسية، ومن أمثلة ذلك، «مهدي التاجر»، البحريني الأصل الذي كان مستشارا لرئيس الإمارات «زايد بن سلطان» ووزيرا مرارا ثم سفيرا لأبوظبي في بريطانيا، ورجل أعمال تحسب أمواله بالمليارات.

كانت الإمارات، في المقابل، عوناً اقتصاديا وماليا للبحرين، ولكنها، وهو الأهم، كانت تلعب، في ظل «زايد» الأب، دورا عقلانيا حكيما في الأزمات التي تتعرض لها البلد (والمنطقة العربية عموما)، كما حصل في تسعينات القرن الماضي حيث جمعت قيادات المعارضة البحرينية وحاولت التوسط مع سلطات المنامة للوصول لحلّ للأزمة الكبيرة.

تثير المقارنة بين حال البلدين في ذلك الوقت وحالهما اليوم الأسى فبعد الندّية التي كانت تجمعهما والسياسة المتبصّرة لـ«زايد بن سلطان آل نهيان» نجد اليوم حالة من التبعية العسكرية والسياسية من المنامة لأبوظبي.

وهي الحال التي تكرّست واستفحلت مع التدخل العسكري السعودي - الإماراتي عام 2011 في البحرين، الأمر الذي عدلت عنه باقي دول الخليج الأخرى (تدخّلت الكويت بقوات رمزية بحرية ثم سحبتها في العام نفسه بينما ابتعدت قطر وعُمان عن التدخل).

ما لبث هذا التدخل أن تطوّر واستقوى على البحرينيين أنفسهم، وتغذى على مواقف الإمارات الشرسة والمعادية لأي إصلاحات ديمقراطية أو تغييرات سياسية في العالم العربي.

واستبدلت بدورها السياسي العقلاني الهادئ دورا إمبراطوريّا متوهّما يتدخل في اليمن وليبيا وسوريا والبحرين والصومال، ويناهض التجارب الديمقراطية في تونس والمغرب والأردن، ويتقارب مع الأجندة الإسرائيلية على صعد كثيرة، وهو، أثناء كل ذلك، يقمع أنفاس شعبه، ويتحوّل من ذلك البلد الغنيّ الناعم المستقرّ إلى دولة أمنيّة تراقب كل شيء وتحصي أنفاس البشر.

لا يفيد، في هذا السياق، أبداً، الادعاء أن مآل الإمارات والبحرين الوخيم هذا سببه الخطر الإيراني (فالواضح أن البلدين ما عادا يفكران بوجود خطر إسرائيلي أو على الأقل، بوجود شعب فلسطيني منكوب).

فبلدان كثيرة حاربت أعداء أكثر خطورة بكثير، وانتصرت عليهم، من دون أن تعادي شعوبها وتقصي تيارات سياسية فيها، وفي الوقت نفسه بنت تجارب ديمقراطية حقيقية ساهمت في تطوّر بلدانها وغناها وتقدّمها.

بين الإمارات والبحرين انقلبت النتائج على المقدّمات وضاع الصالح بجريرة الطالح.

  كلمات مفتاحية

الإمارات أبوظبي البحرين الملك حمد بن عيسى خليفة بن سلمان محمد بن زايد التدخل السعودي الإماراتي محمد كوثراني