«ذا إنترسبت»: أموال الإمارات تشعل الصراعات وتفاقم الأوضاع الإنسانية باليمن

الجمعة 8 يونيو 2018 03:06 ص

على أطراف قرية «البقع» في محافظة «الحديدة» اليمنية الشهر الماضي، وقف المقاتلون اليمنيون يرتدون الزي العسكري الشعبي في تشكيل فضفاض على طول الطريق السريع الرئيسي، بالقرب من مياه البحر الأحمر الزرقاء الساطعة.

وكان المقاتلون المعروفون بـ«المقاومة الوطنية اليمنية»، قد ضموا أعضاء من قوات الحرس الجمهوري الذي تم نشره مؤخرا بقيادة ابن أخ للرئيس اليمني الراحل «علي عبدالله صالح».

وإلى جانب اليمنيين الجنوبيين، هناك السلفيون المتشددون، والقوات السودانية، والذين هم حلفاء بحكم الواقع في القتال ضد الحوثيين، وهي مجموعة متمردة حليفة لإيران، تقاتل منذ عام 2015 ائتلافا مدعوما من الولايات المتحدة من 10 دول تقوده المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

وتقدم مقاتلو التحالف اليمني بسرعة كبيرة منذ أن كثفت الإمارات دعمها لهم بعد مقتل «صالح» في ديسمبر/كانون الأول.

وكان «صالح»، حليف أمريكا والخليج منذ فترة طويلة، قد ساعد الحوثيين في الاستيلاء على العاصمة اليمنية عام 2014.

لكن في نهاية عام 2017، تحول مرة أخرى، معلنا الولاء للتحالف، وأشعل معركة مع الحوثيين انتهت بمقتله على أيديهم.

وهرب عدد قليل من الموالين للرئيس «صالح»، بمن فيهم ابن أخيه «طارق»، من مناطق الحوثيين. وانضم «طارق» إلى قتال التحالف ضد الحوثيين سواء بهدف الثأر أو الانتفاع السياسي، وجلب قوات جديدة، بما في ذلك مجموعة صغيرة من الجنود من الحرس الجمهوري القديم الموالي لـ«صالح»، وهي وحدة عسكرية كانت الولايات المتحدة تدعمها في السابق.

وتدرب الإمارات مجندين جدد، كما تقدم إمدادات كبيرة من ناقلات الجنود المدرعة وغيرها من الإمدادات لكسر الجمود في الخط الأمامي الغربي لليمن.

وقال قائد ميداني: «نأخذ أوامرنا من الإماراتيين، بالطبع». قال ذلك قبل أن يتكئ على الباب المفتوح لشاحنته الصغيرة لأخذ الراديو حتى يتمكن من طلب الدعم الجوي، بينما كان رجاله يتجولون تحيط بهم المركبات العسكرية الإماراتية الجديدة.

وفي الأسبوعين الأخيرين، كسب المقاتلون اليمنيون بالوكالة 50 ميلا أخرى، وتباطأ تقدمهم فقط بسبب آلاف الألغام الأرضية التي زرعها الحوثيون المنسحبون، الذين لم يظهروا سوى القليل من المقاومة. وبحلول هذا الأسبوع، كانوا في «الدوراهيمي»، على بعد 10 أميال من هدفهم النهائي، مدينة «الحديدة»، التي كانت تحت سيطرة الحوثيين منذ عام 2014.

ولا يستطيع مقاتلو «المقاومة الوطنية اليمنية» الاستيلاء على «الحديدة» وحدهم. ومن الواضح أنهم يعتمدون على الدعم الجوي من التحالف الذي تشكله السعودية، بالإضافة إلى الدعم البري من دولة الإمارات. وقال مسؤول كبير سابق في البيت الأبيض أن العديد من المسؤولين الأمريكيين أشاروا إلى أن الإمارات قالت إنها لن تهاجم الحديدة دون دعم من الولايات المتحدة.

وقال «جوست هيلترمان»، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية: «لا يمكن لهذه القوات أن تنجح ضد الحوثيين بدون الإمارات، ولا تستطيع الإمارات أن تنجح ضد الحوثيين دون الضوء الأخضر والدعم الأمريكيين».

فقدان السيطرة

وحتى وقت قريب، كانت الولايات المتحدة غير راغبة في دعم مثل هذا الغزو، لكن التقارير الأخيرة تشير إلى أن هذا الموقف ربما يتغير. ويعد ميناء «الحديدة» حاسما في الحصول على الإمدادات الإنسانية وواردات الأغذية التجارية إلى البلاد، على الرغم من القيود الصارمة التي فرضتها السعودية، والتي شملت فرض حظر على شحنات الحاويات التي تدخل الميناء.

ويقدر مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة أن 340 ألف شخص من المرجح أن يتم تهجيرهم إذا وصل القتال إلى مدينة الحديدة، مما يؤدى إلى زيادة عدد النازحين داخليا، البالغ عددهم 3 ملايين شخص منذ بدء تدخل التحالف السعودي في اليمن في مارس/آذار 2015.

وقال المدير القُطري في منظمة «ميرسي كوربس» في اليمن «عبدي محمود»: «أي انقطاع في شريان الحياة هذا قد يكون بمثابة حكم بالإعدام على ملايين اليمنيين. فالاحتياجات الإنسانية طاغية بالفعل. وتعطيل ميناء الحديدة قد يقتل أي أمل في تجنب كارثة إنسانية أكبر».

ومن غير المؤكد نجاح القوات المدعومة من السعودية في أي محاولة للاستيلاء على الحديدة.

ووفقا لتحليلٍ عسكري أمريكي، راجعته «ذا إنترسبت»، فإن «نقص الإرادة» من قبل القوات اليمنية، إلى جانب شهر رمضان المبارك، الذي يمتد من منتصف مايو/أيار إلى منتصف يونيو/حزيران، وينطوي على الصيام من شروق الشمس إلى غروبها، قد يبطئ ذلك القتال. وقالت القوات على الخطوط الأمامية، عشية رمضان، إنهم كانوا مترددين في القتال خلال الشهر الكريم.

وتسلط الوثيقة العسكرية التي عرضتها «ذا إنترسبت» الضوء أيضا على الانتكاسات الأخيرة للمقاتلين اليمنيين المدعومين من الإمارات، عندما حاولوا التوجه شرقا نحو مدينة تعز، التي يسيطر عليها الحوثيون جزئيا.

وتشير الوثيقة إلى أن «الحرس الرئاسي في الإمارات أشار إلى أن عمليات شرق المخا لم تسر كما كان مخططا لها، وأنها عانت من العديد من الأضرار»، كما تشير إلى هجوم عام 2017 ضد الحوثيين في نفس المنطقة على ساحل البحر الأحمر، من قبل قوات النخبة الإماراتية حيث تعرض الإماراتيين للنيران، ووصفوا في وقت لاحق المعركة بأنها «جهنمية»، وفقا للوثيقة.

وعلى الرغم من تعهد الإمارات بعدم التقدم نحو «الحديدة» دون موافقة الولايات المتحدة، فقد ادعى المسؤولون الإماراتيون أنهم لا يملكون سيطرة على تصرفات قواتهم الوكيلة، مما يثير القلق من أن مقاتلي المقاومة اليمنيين المناهضين للحوثيين قد يتقدمون في المدينة دون تصريح.

لكن هذا يتناقض مع المشهد على الجبهة الذي يشير إلى أن المقاتلين اليمنيين لا يتحركون دون أوامر إماراتية. وأخبر الجنود «ذا إنترسبت» أن رواتبهم مدفوعة من قبل الإمارات، مع مبالغ نقدية إضافية تدفع كتعويضات لذوي القتلى. وأقر أكثر من 6 من القادة الميدانيين أنهم يتلقون الأوامر من كبار الضباط الإماراتيين المتمركزين على ساحل البحر الأحمر.

ويبدو الآن أن أي تحرك عسكري جديد نحو الحديدة يرتكز على نجاح المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، «مارتن غريفيث». ويحاول «غريفيث» التوصل إلى حل دبلوماسي لتفادي المعركة التي تلوح في الأفق، من خلال التوصل إلى اتفاق مع الحوثيين لانسحابهم وقبولهم لمقترح يوضع الميناء بموجبه تحت إشراف الأمم المتحدة أو الإشراف الدولي.

تزايد الضغط

ومع وجود القوات على مشارف المدينة، يتزايد الضغط. وفي ليلة الخميس في الحديدة، شهد السكان وجودا مكثفا لشاحنات الحوثيين في ​​عدة أجزاء من المدينة، وتم سماع أصوات نيران المدفعية من وسط المدينة.

وسوف يفتح الاتفاق بين الجانبين الطريق أمام مزيد من المفاوضات السياسية، في حين أن الفشل قد يؤدي إلى صراع طويل ومدمر للسيطرة على الحديدة.

ولكن لكي تنجح هذه الجهود السياسية، يجب على الطرفين أن يقتنعا بأن هذه حرب لا يمكن الفوز بها عسكريا. وبعد ساعات من مغادرة «غريفيث» لليمن الأسبوع الماضي، أطلق الحوثيون صاروخا باليستيا على المملكة العربية السعودية.

وهناك خطة سلام منفصلة للأمم المتحدة، لم يتم كشف النقاب عنها بعد، تتضمن دعوة للحوثيين للتخلي عن صواريخهم الباليستية، مقابل إنهاء الغارات الجوية لقوات التحالف بقيادة السعودية، بالإضافة إلى اقتراح لإنشاء حكومة انتقالية بعد وقف إطلاق النار.

ومن المقرر أن يقدم «غريفيث» مقترح اليمن بحلول منتصف يونيو/حزيران.

وكانت السعودية أنشأت التحالف في مارس/آذار 2015، وبدأت حملة قصف جوي في اليمن لردع الحوثيين، الذين سيطروا على العاصمة في سبتمبر/أيلول 2014.

ومنذ عام 2015، كانت الإمارات مسؤولة عن معظم الجهد في الحرب البرية، لا سيما في جنوب وغرب البلاد.

ويحتاج أكثر من 22 مليون يمني، يمثلون ثلاثة أرباع السكان، إلى المساعدات الإنسانية، ويتفاقم الوضع مع القيود المفروضة على الواردات التي فرضها الائتلاف الذي تقوده السعودية، والحصار الكامل على المساعدات الإنسانية ردا على إطلاق الحوثيين الصواريخ البالستية باتجاه المملكة.

وزعم المسؤولون السعوديون أن صواريخ إيرانية يتم تهريبها إلى اليمن عبر الحديدة، رغم مراقبة الأمم المتحدة للسفن التي تدخل الميناء.

وقتل الصراع في اليمن ما يقدر بنحو 28 ألف شخص منذ يناير/كانون الثاني 2017، ودفع الصراع نحو 8.4 مليون إلى حافة المجاعة.

وتشير التقديرات إلى أن نحو 50 ألف طفل يمني لقوا حتفهم العام الماضي بسبب الجوع والأمراض، نتيجة لما تصفه وكالات المعونة التابعة للأمم المتحدة بأنها «أسوأ أزمة إنسانية في العالم».

المصدر | ذي إنترسبت

  كلمات مفتاحية

الأزمة اليمنية ميناء الحديدة الإمارات التحالف الخليجي السعودية