المواطن الخليجي يدفع ثمن الأزمة

السبت 9 يونيو 2018 07:06 ص

تدخل الأزمة الخليجية عامها الثاني، وليس في الأفق ما يشير إلى أن هناك حلا قريبا لها، فالدول الخليجية الثلاث المقاطعة لقطر ما زالت ترفض الجلوس مع مسؤولين قطريين، لبحث شكاويها (وقد طلب راعي الوساطة أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح ذلك).

ويستمر تشدد إماراتي وبحريني تجاه قطر، ما يبدو من تغريداتٍ يكرّرها وزير الخارجية البحريني، خالد بن أحمد آل خليفة، ووزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، ويتبعهما تشدد مصري يبدو من استمرار الإعلام المصري في مهاجمته الدوحة.

لكن يُلاحظ نوع من الصمت السعودي الرسمي، وشبه الصمت من أجهزة الإعلام، ولم تعد حدة حملات هذه الأجهزة في مهاجمة قطر كما الحال قبل أشهر قليلة. وربما تعمل الرياض على التهوين من الأزمة مع الدوحة، مكتفية باستمرار إجراءات المقاطعة والحصار الحدودي والاقتصادي على قطر.

من جهة أخرى، يقترب موعد القمة الخليجية الأميركية في شهر سبتمبر/ أيلول المقبل، بعد أن كان مقرّرا انعقادها في شهر مايو/ أيار الماضي، لكنها أرجئت.

فهل ستضغط واشنطن لتحقيق المصالحة الخليجية، من أجل عقد القمة المشتركة، أم سيبقى من مصلحة مستفيدين في الإدارة الأميركية، وفي مراكز صنع القرار في واشنطن، استمرار الأزمة، حتى يستمر الابتزاز الأميركي لطرفي الأزمة.

ووسط دوامة الأزمة هذه، والتي افتعلت حين افتعل الحديث المنسوب لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في وكالة الأنباء القطرية في مايو/ أيار 2017، يتساءل المواطن الخليجي عن ذنبه في هذا الخلاف السياسي أو الشخصي بين حكامه، أو في هذه الأزمة، حتى يدفع الثمن، وهو الذي كان يغني "خليجنا واحد.. وشعبنا واحد"؟

ما ذنب المواطن القطري ليتم منعه من دخول أراضي دول خليجية شقيقة، مجاورة له، وتفرض عليه إجراءات مقاطعة تصعب عليه حياته؟

ما ذنب المواطن الإماراتي وغيره في هذه الأزمة، حتى يطلب منه سحب استثماراته في قطر؟

ما ذنب المواطن البحريني، حتى يمنع من زيارة أقاربه، وربما إخوانه في قطر، والعكس أيضا؟

ما ذنب المواطن السعودي حين يُحرم من مشاهدة مباريات منتخبه الكروي في كأس العالم، لأن قنوات "BeIn" الرياضية قطرية (تملك الحق الحصري لبث مباريات كأس العالم) ممنوع بثها في المملكة؟

نشبت خلافات سياسية وغير سياسية ونزاعات حدودية عديدة بين مختلف الدول الخليجية، وصلت أحيانا إلى حد الاشتباكات المسلحة، كالاشتباك العسكري السعودي القطري عند مركز الخفوس في العام 1992، بسبب نزاع على منطقة خور العديد.

لكن المواطن الخليجي ومصالحه بقيا بعيدين عن هذه الخلافات والنزاعات، بقي الخليجي يشعر بـ"المواطنة الخليجية" بعيدا عن نزاعات حكامه واختلافاتهم.

لكنه الآن تم زجّه في أتون الأزمة الراهنة، فتهاوت "المواطنة الخليجية"، والسوق الخليجية المشتركة، وأصيب مجلس التعاون الخليجي بالعجز، وتوقفت مسيرة التعاون الخليجي، والقمة الخليجية التي عقدت في الكويت "كرمال" أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد، كانت واهية، لم يحضرها زعماء الدول الخليجية الثلاث المختلفة مع قطر.

ذلك كله يؤكد أن شعوب دول الخليج هي الخاسر الأول والأكبر في هذه الأزمة التي يبقى حلها بيد الرياض.

* سليمان نمر كاتب ومراسل صحفي من الأردن مقيم بالرياض.

  كلمات مفتاحية