استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

ماذا تعني زيارة وزير الخارجية الأردني إلى طهران بعد قطيعة ثماني سنوات؟

الأحد 8 مارس 2015 11:03 ص

عندما يزور وزير خارجية الأردن السيد «ناصر جودة» طهران للمرة الأولى بعد انقطاع استمر ثماني سنوات، ويدعو من هناك إلى فتح حوار عربي إيراني يهدف إلى حل مشاكل المنطقة، فإن هذا يعكس بشكل جلي قرب اقدام منطقة الشرق الأوسط على تحول استراتيجي غير مسبوق، بعد أن اصبح الاتفاق النووي الإيراني جاهزا للتوقيع.

العرب حاوروا الإسرائيليين، مثلما أقاموا مراكز ومعاهد للحوار مع الأديان الأخرى، ولكنهم ظلوا ينظرون إلى إيران نظرة العدو، وسخروا كل أجهزة إعلامهم لشن حروب شرسة ضدها لاعبين على وتر التأجيج الطائفي، بينما عملت حكومات بعضهم على استجلاب حاملات الطائرات الأمريكية وانفاق أكثر من 150 مليار دولار على شراء صفقات أسلحة لطائرات حديثة، والآن ها هم يدعون إلى فتح حوار مع إيران.

جون كيري وزير الخارجية الأمريكي الذي طار إلى الرياض يوم الخميس الماضي والتقى وزراء الخارجية الخليجيين في قاعدة عسكرية، زف الخبر الصادم، وأبلغهم ان الاتفاق بات ينتظر الرتوش الأخيرة، وأنه جاء إليهم ليبغلهم به أولا، ثم لطمأنتهم بأن أمريكا لن تتخلى عنهم، وأن هذا الاتفاق لن يكون على حسابهم، ولكن القول شيء والحقيقة شيء آخر مختلف تماما.

إيران صبرت طويلا، ولم ترهبها حاملات الطائرات والسفن الحربية الأمريكية، وقارعت المناورة البحرية بأخرى، والصواريخ بالصواريخ، وصمدت تحت حصار اقتصادي امتد لأكثر من ثلاثين عاما، ولم تركع مطلقا عند اقدام الشيطان الأكبر الأمريكي، بل هو الذي ركع عند أقدامها، وقرر اعتمادها قوة إقليمية عظمى حليفة يمكن الاعتماد عليها كشريك استراتيجي في أهم منطقة في العالم بأسره.

***

القوة الأمريكية الأعظم في التاريخ عسكريا أدركت أنها أمام خيارين لا ثالث لهما في التعاطي مع العناد الإيراني النووي، فإما أن تستخدم القوة العسكرية، وهذا غير مضمون النتائج، وإما أن تجنح للسلم وفتح قنوات التفاوض السرية للوصول إلى اتفاق ينقذ ماء وجهها، ويكون أقل كلفة، فاختارت الثاني، ولجمت جماح قارعي الحرب ضد إيران الإسرائيليين منهم والعرب.

العالم لا يحترم إلا الأقوياء، والضعفاء ليس لهم غير السحق أو التجاهل في أفضل الأحوال، والرهان على الحليف الأمريكي لا يقود إلا إلى خيبة الأمل، وهذا ما حصل ويحصل للحكومات العربية حاليا، والدول الخليجية منها على وجه الخصوص.

أمريكا أدركت أن إيران المحاصرة استطاعت أن تهيمن على نصف الدول العربية تقريبا، سيطرت على العراق واليمن ولبنان وسورية، ومدت نفوذها إلى فلسطين عبر فصائل المقاومة وحركاتها، واحتضنت المقاومة، وتحالفت مع روسيا والصين، كل هذا وهي تحت الحصارين الاقتصادي والسياسي، فكيف سيكون الحال الآن وبعد رفع هذا الحصار في غضون أسبوعين، أي إن التوقيع على اتفاق الإطار الذي سيؤدي الى ذلك؟

إيران تقاتل الآن في العراق ضد «الدولة الإسلامية»، وفي سورية لمنع سقوط حليفها «بشار الأسد»، وتقترب قواتها من السيطرة على الجولان السوري المحرر في درعا والقنيطرة، وباتت تملك ترسانة عسكرية قوية، وطائرات بطيار وبدونه، كلها من انتاج مصانعها الحربية، فماذا يصنع العرب؟

وربما يجادل بعض الذين يقاومون تجرع كأس الهزيمة المر مرارة العلقم، بأن الاتفاق النووي سيؤدي إلى تجميد عمليات التخصيب لعشر سنوات، وستكون المنشآت النووية تحت مراقبة لصيقة عبر كاميرات وكالة الطاقة النووية في فيينا، وهذا صحيح، ولكن مخزون ايران من اليورانيوم المخصب سيظل موجودا، وكذلك عشرون ألف وحدة طرد مركزي، والأهم من كل هذا وذاك، الخبرة العالية والعقول الجبارة التي كانت وستظل تدير هذه البرامج ويمكن توظيفها في أي لحظة لصنع الأسلحة النووية، هذا إذا لم يكونوا نجحوا في تصنيعها في السر.

الوزير الأردني جودة يتحدث عن حوار تقوم به الجامعة العربية مع إيران، ولا نعرف ما إذا كان قام بهذه المبادرة من بنات افكاره وحكومته، أم إنه مكلف بها من قبل حلفاء بلاده الخليجيين الذين يهيمنون على هذه الجامعة منذ انسحاب مصر من الساحة، وتدمير العراق، وإغراق سورية في الحرب الأهلية، وتحويل ليبيا إلى دولة فاشلة، وتفجير الحرب المذهبية في اليمن، فالأردن لا يمكن أن يقوم بمثل هذه المبادرة دون أن يوصى بها من هنا أو هناك.

دعوة الوزير الأردني إلى الحوار تظل غامضة، ودعونا نعوم بفلك غموضها ونقول أن الحوار مع طهران يعني الحوار مع «بشار الأسد» في سوريا، واقامة جسور الود مع «حيدر العبادي» رئيس وزراء العراق، ووقف مهاجمة «حزب الله»، والاعتراف بحركة «أنصار الله» الحوثية كحركة يمنية إصلاحية أصيلة، والاستماع إلى مطالب المعارضة الشيعية في البحرين التي تقدمت بها الى الأسرة الحاكمة أثناء الحوار الذي رعاه ولي عهد البلاد، والافراج عن الشيخ «علي سلمان» رئيس حركة الوفاق.

فإذا كان الحوار المقبل مع إيران لا يشمل هذه القضايا والمطالب، فعلى ماذا سيتحاور العرب وجامعتهم مع إيران؟ حول أسعار الفستق الحلبي، أم تصدير سمك الزبيدي، أم قضايا التلوث البيئي في منطقة الخليج؟

***

هل سيلجأ العرب في المرحلة المقبلة إلى إسرائيل أم تركيا، أم باكستان، أم الثلاثة معا؟ ولكن لماذا الاعتماد على الآخرين دائما، ألا تكفي الطعنة الأمريكية الاخيرة المسمومة لاستيعاب الدروس وتجنب الأخطاء، لم يحن الوقت للاعتماد على الذات في مشروع عربي متكامل سياسيا وعسكريا واقتصاديا؟ أليس بين العرب حكماء وعقلاء يقولون كفى لقد طفح الكيل؟

دعونا نعترف وفوق رؤوس الأشهاد أن المشروع الإيراني بدأ يعطي ثماره، وأن أمريكا انحازت إليه، بل وعلى وشك أن تتبناه كحليف استراتيجي، وأن حاكم طهران قد يصبح صانع الملوك في المنطقة العربية قريبا، ولا عزاء للعرب الضعفاء.

نحن كنا، وما زلنا، مع الحوار مع ايران، وقبل أن تلجأ إليه أمريكا، والوصول إلى هذا الاتفاق النووي الوشيك، ولكننا في الوقت نفسه طالبنا، وما زلنا نطالب، بمشروع عربي يرتكز على العلم والتنمية والعدالة والديمقراطية والاعتماد على الذات والوقوف في وجه جميع المشاريع الأخرى وأولها، وعلى رأسها، المشروع الصهيوني، أما أي خيار آخر فلا يعني غير الاستمرار في مسلسل الأخطاء الكارثية التي أوصلتنا إلى هذا الانهيار.

  كلمات مفتاحية

إيران المفاوضات النووية الأردن بشار الأسد الحوثيين حزب الله

ما الذي تريده الأردن بتوجهها إلى إيران؟

الأردن متخوف من «التصعيد السعودي» وينقل مقترحات للنزول عن شجرة «عاصفة الحزم»

سياسيون أردنيون: الاتصالات المحدودة بين عمان وطهران تجري على «صفيح ساخن»