«خاشقجي»: نحن نعيش في «الزمن الغلط»

الأحد 10 يونيو 2018 01:06 ص

انتقد الكاتب السعودي «جمال خاشقجي» تحول موقف عدد من المثقفين العرب تجاه الربيع العربي بعد الهزائم التي لحقت به على يد الثورة المضادة، معتبرا أننا نحيا في «الزمن الغلط».

وقال «خاشقجي»، في مقال له بعد حضوره «منتدى أوسلو للحرية» في النرويج: «هنا في أروقة المؤتمر، ستسمع أفكاراً باتت غريبة على مسامعنا، مثاليات حول الحرية والنضال والحقوق، ستثير سخرية عربي هُزم فبات حكومياً يسبّح بحمد السلطان، وعندما يسمع مواطناً يخطب من على مسرح (دت نورسكي) عن حال الحرية في بلده ويرفع صوته مطالباً بحقوقه، سيراه حالماً ومزايدا».

وأضاف الكاتب السعودي: «في هذا الزمن الغلط، لا يتردد مثقف عربي في امتداح السجون، أو نشر مقال ضد الربيع العربي، ويحرق آخر كل تاريخه وكتبه الممنوعة فيقول: نحن غير جاهزين للديمقراطية والحريات».

وأكد أن «مشاعر الحرية وآمالها حاضرة فينا، يخفيها ويدفنها القمع والخوف وتظهر مع أول تباشير الحرية والانعتاق من الاستبداد».

وذكّر «خاشقجي» بأيام الربيع العربي قائلا: «هل تذكرون كيف كان المصري والسوري واليمني في بداية ثوراتهم السلمية، المصري خصوصاً لأنه عاش حصة طيبة من الحرية امتدت لنحو عامين كاملين؟ لم يحتج المصري إلى مَن يشرح له الحرية ويدرّبه عليها، لقد حضرت فيه بسرعة ذلك أنها فطرة الإنسان».

وكشف أنه أمضى أسبوعاً في مصر عقب انتصار الثورة، قائلا: «كنت يومها أعيش قصة حب وزاوج جديدين، لم يعمّر كلاهما وانقضيا مثل ربيع الديمقراطية المصرية قصير الأجل، وقتها كانت مصر تعيش هي الأخرى قصة حبها مع الحرية والتي لم تعمّر طويلا».

واعتبر الكاتب السعودي أن «الحب والحرية يحتاجان استعداداً وبذلاً وعطاءً يحمونهما من تداعيات لحظة انتهاء النشوة وإدراك الحقائق المجردة الجافة، ولكنها كانت أسعد الأوقات لكلينا، كان الناس غير الناس الآن في القاهرة، كانوا يتعاملون مع الحرية كأنهم استعادوها من جديد وحرروها من محتل اغتصبها لألف عام».

وكشف «خاشقجي» أنه زار مكتبة «الشروق» في الدقي بمحافظة الجيزة المصرية، حيث كان أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة «المعتز بالله عبدالفتاح» يحاضر عن الديمقراطية والانتخابات.

وأضاف: «تحلق من حوله (المعتز بالله عبدالفتاح) شباب وشابات امتلأ بهم المكان، جلسوا على الأرض وانسابوا على الدرج يستمعون إليه بإعجاب واهتمام، لعلّ بعضهم كان يفكّر كيف سيخطط لانتخابات ينافس فيها، لم يكن يحلم، كان ذلك في متناول يده يومها».

ومضى «خاشقجي» بالقول: «اليوم تفرّق هؤلاء الشباب بين معتقل ومهاجر ومحبط وربما قتيل لم يحتفِ به أحد ويضمه إلى قائمة شهداء مثل شهداء ثورة يناير الذين كانوا يومها ملء السمع والبصر، يتذكرهم المصري بفخر، بعد أن ضحوا بشجاعة من أجل أن ينعم غيرهم بحريته».

واعتبر الكاتب السعودي أن «عبدالفتاح» انهار لاحقاً، وتخلى عن كل القيم التي كان يؤمن بها، حيث أضحى يبرر لانقلاب الجيش على الرئيس المنتحب «محمد مرسي» في يوليو/تموز 2013.

وتابع: «ليس وحده، فكثيرون مثله ممن آمنوا بالربيع العربي تخلوا عنه عندما رأوا حكوماتهم تسفر عن وجهها الحقيقي الرافض له، رأوا أين الريح ماضية فآثروا السلامة والكسب ومضوا خلفها، حتى الصمت لم يستطيعوه».

وختم «خاشقجي» مقاله بالتساؤل: «لماذا ينهار البعض ويخون قضيته؟ هل يشعرون بألم وخجل؟ وهل تهكمهم وهجومهم على الحرية وأشخاصها جزء من العلاج الذي يخلصهم من مشاعر الندم والنكوص؟ هل هو المال والخوف من الإقصاء؟ نحتاج أن نفهمهم، فهم أيضاً ضحايا».

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

خاشقجي الربيع العربي الثورة المضادة الحب انقلاب عسكري الثورة مثقفون عرب