استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

هزائم ومعها جرائم ممتدة؟ الحلّ هو المقاطعة!

الثلاثاء 12 يونيو 2018 04:06 ص

مرّت منذ أيام الذكرى 51 لهزيمة الخامس من حزيران/ يونيو 1967، التي مكّنت اسرائيل من احتلال الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة (والجولان وسيناء!) محققة الخطوة الجبارة الثانية بعد تلك التي عنتها النكبة في 1948، حين استقر الإعلان عن تأسيسها بقرار دولي.

ثم أنه ترتب على هذه الهزيمة ما يتجاوز الاحتلالات: هُزم تيار سياسي كامل كان ينادي بالتحرّر الوطني بمعناه الواسع وليس فحسب بمناهضة إسرائيل والاستعمار، وإن كان عاجزاً عن تحقيق مشروعه، ليس بسبب شراسة العدو فحسب والحماية الدولية التي يتمتع بها، وإنما - بل وخصوصاً - بسبب أعطاب تكوينية في المشروع نفسه ليس أقلها التسلط والفساد، ما يناقض المهمة ويحبطها.

وينفي ذلك قطعاً عن 1967 نعت "النكسة" الذي استخدمته أنظمتها. لكنه، علاوة على الخلاف حول التوصيف، يُسجِّل أنه حدثٌ لا يقل خطورة عن النكبة نفسها التي هُزِمت فيها أنظمة عربية بالية ومتواطئة.. فلم يمس ذلك قلب الفكرة التحررية ولا قواها، بل على العكس ضاعف ديناميتها.

وأما في 1967، فقد سادت بقوّة حالة من الثورة المضادة التي عملت على تسفيه ليس التجربة المهزومة وقواها بل الافكار التي صاحبتها.

فلم يعد أن الجيش المصري لم يكن مؤهلاً للحرب بسبب قصور خطير في قيادته وفي البنية التي تسندها، بل صارت فكرة المواجهة مع العدو هي المُدانة، ولم يعد أن الاصلاح الزراعي في مصر (مثلاً) كان جزئياً وتشوبه عيوب عديدة في التطبيق ويغيب عنه التصور الاقتصادي والانتاجي المتكامل.

بل أعيد انتزاع الأرض من الفلاحين وردّها الى الاقطاعيين أو الى المتنفذين في السلطة الجديدة، ولم يعد الاستبداد الذي بررته السلطات كضرورة لتحقيق التحرر الوطني هو المُدان بل صار الطموح للتحرر الوطني نفسه منبوذاً!

لم يتوقف الأمر عن التفاقم مذاك، بحيث يمكننا الكلام عن استمرارية تاريخية للحدث، قطعتها لحظات مضادة هامة - مثل حركة المقاومة الفلسطينية الوليدة بكل مدياتها وما عنته وأيضا بكل أعطابها الخطيرة وبالإحباطات التي رافقتها - أمكن استيعابها من الوجهة المهيمنة..

حتى وصلنا الى الحالة السريالية الحالية، التي قد يصح التأريخ لبدئها بالاحتلال الأميركي للعراق، والتي من اليسير نعتها بالانحطاط والابتذال ليس شتماً بل تحليلاً، بينما تقطعها هي الاخرى لحظات مضادة كانتفاضات 2011 التي سُحِقت بعنف دموي متعدد السيناريوهات، وما زالت كل علامة عليها تلاحَق بقسوة مدهشة.

وأما إسرائيل في الاثناء فتسرح وتمرح. وهي نفسها "تغيّرت" بالتزامن مع الانحطاط المقابل المتعاظم، فلم تعد تكترث بانقاذ المظاهر ولا بالحفاظ على فكرة أنها تنتمي الى الجوانب الإيجابية من الحداثة الغربية (ما لا يلغي بشاعات كثيرة في هذه الاخيرة).

وساعدها في ذلك أنها تتمتع من الأساس بعدم مساءلة تامة، فتفعل ما تشاء من الجرائم، كبيرها وصغيرها، (وهي لا يمكنها الاستمرار من غير ذلك، ولكنه نقاش آخر تتعلق به مسألة "الحل السلمي" معها و"حل الدولتين" الخ..).

بل راحت اسرائيل تمعن وتتباهى طالما أن القوى العالمية المهيمنة نفسها صارت تحسب الاشياء بمعيار "الإنجاز" أياً كان، وليس أبداً باعتبار وجود مرجعية قيمية ضابطة لأي شيء.

وهكذا يمكن لنتنياهو أن يقرر افتتاح جولته الاوروبية الحالية يوم 5 حزيران/ يونيو بالذات بحجة إطلاق فعاليات "موسم فرنسا ــ اسرائيل" الذي أُرِّخ (عمْداً) ليرافق احتفالات الاخيرة بعيد تأسيسها السبعين.

ولم يعطِّل المبادرة/ الهدية الفرنسية أن الرئيس الأميركي نقل بالمناسبة نفسها سفارة بلاده الى القدس مخالفاً القرارات الدولية.

ولم يعطلها أن إسرائيل أطلقت النار مراراً وأسبوعاً بعد آخر، على مدنيين عزل كانوا يتظاهرون بالقرب من سياج الاحتلال الاسرائيلي في قطاع غزة، فقتلت اكثر من مئة وجرحت وأعطبت الآلاف..

ولم تعطلها الادانات من كبريات منظمات حقوق الانسان في العالم، وتشكيل الامم المتحدة للجنة تحقيق في مجزرة السياج وسيادة رأي عام حتى لدى أكثر الاوساط اعتدالاً يرى أن اسرائيل منفلتة من كل عقال.

وتتصرف باجرام (اعتبرت منظمة "هيومن رايت ووتش" مثلاً في بيان جديد لها أن الأفعال الاسرائيلية "جرائم حرب"، ودعت "حركة آفاز" المدنية العملاقة الى مقاطعتها معتبرة انها الأداة التي صلحت لجنوب افريقيا ويمكنها أن تصلح هنا).

فلو أن حركة كـ"آفاز"، بعيدة بالأصل كل البعد عن الانحياز للنضال الفلسطيني، تصل الى هذا، فهو مما يخاطب المشككين بجدوى "حركة المقاطعة، وسحب الاستثمارات، والعقوبات -BDS" كأداة في الصراع مع إسرائيل.

وهي انطلقت منذ 2004 وصارت القيادة الاسرائيلية تعتبرها في السنوات الاخيرة تهديدا استراتيجيا، وتضع خططاً لمحاربتها وترصد أموالاً وأجهزة لهذه الغاية وتوظف علاقاتها لأجل ذلك..

وكانت آخر "النكات" أن نتنياهو ذاك اتصل شخصيا منذ يومين برئيس الارجنتين نفسه طالباً تدخله لأن منتخب الارجنتين لكرة القدم بقيادة النجم ميسي رفض اللعب ودياً مع منتخب اسرائيل في القدس! عرض نتنياهو نقل المباراة الى حيفا أو الى حيث يشاء المنتخب الارجنتيني.. حتى يتراجع عن موقفه، بلا جدوى!

* د. نهلة الشهال كاتبة وناشطة لبنانية رئيسة تحرير "السفير العربي".

المصدر | السفير العربي

  كلمات مفتاحية

هزيمة 1967 محمد كوثراني