في عام 1972 أصبحت الزوتشيه أيديولوجية الدولة الرسمية محل الماركسية اللينينية بشكل مشهور منها في مادة من الدستور الكوري الشمالي. وكأننا نسمع كارل ماركس يحتج من قبره على تشويه أفكاره.
وقبل يومين، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مؤتمر صحافي عقب انتهاء القمة التاريخية مع الزعيم الكوري كيم جونج أون، إن نتيجة القمة كانت أفضل مما توقعه الجميع. وإن علاقة واشنطن ببيونغ يانغ ستكون مختلفة عما كانت عليه في السابق.
فقد تم تحقيق أربعة مكاسب هي استعادة الرهائن الأميركيين المحتجزين هناك، وإيقاف التجارب النووية، وإيقاف الأبحاث الخاصة بالأسلحة المختلفة، وتوقف إطلاق الصواريخ فوق اليابان؛ مما حدا بكبير الملاحدة كارل ماركس ليكرر من قبره مقولته الشهيرة «التاريخ يعيد نفسه في المرة الأولى كمأساة، وفي الثانية كمهزلة».
غضب ماركس المبرر هو لعدم وضوح ما توصل إليه ترمب مع الزعيم الكوري كيم جونج أون. فهل ما تم في سنغافورة اتفاق أو إلى ما يمكن أن نعتبره معاهدة، أو مجرد قائمة أمنيات، أو هي خارطة طريق تعهد كيم جونغ أون في إطارها باتخاذ بعض الخطوات مقابل خطوات أميركية تمنى فيها الكوريون الشماليون بالرفاه عبر فندق ذكر ترمب أن التجار الصينيين سيمرحون فيه.
لقد كانت الفراغات فيما جرى كبيرة، فمتى يبدأ الطرفان بالإجراءات؟ وما هي الجهة الضامنة؟ وما هي آلية التحكيم؟
لقد أعاد التاريخ نفسه مرة ثانية كمهزلة، كما قال ماركس، فما جرى يوم الثلاثاء هو نفس ما تم في الاتفاق النووي 5+1 .
فما جرى بين واشنطن في عهد أوباما وبين طهران، كان أبسط ثغراته أنه كتب بخمس نسخ، 3 منها باللغة الفارسية، و2 منها باللغة الإنجليزية، مع وجود اختلافات كثيرة بينهما، كانت هي الحيز الذي تحتاجه طهران لتناور كما تشاء، كمنع المفتشين من دخول ما هو عسكري، وإنكار أن يكون برنامج الصواريخ الإيرانية ضمن الاتفاق، رغم أن النص يؤكد وجوب إيقاف صنع الصواريخ حتى لا يصل السلاح النووي لأحد.
فكيف لا يتقلب ماركس في قبره، وترمب يعيد الخطأ التاريخي نفسه؟
لماذا كانت واشنطن في مزاج أقل تسامحاً 2003، فطبقت عقيدة الصدمة والترويع «shock and awe»، ولم تمهل بغداد نفس مهلة بيونج يانج قبل دمارها بتهمة الطموح النووي؟ ولا نقول ذلك إكراماً لصدام ولكن احتراماً لإنسانية الرافدين.
كتب ترمب تغريدة «أميركا لا تحتاج لدبلوماسية الظل التي اتبعها جون كيري، والتي من الممكن أن تكون غير شرعية، في الاتفاق النووي مع الإيران، والذي تمت المفاوضات عليه بشكل سيء جداً»، مما يجعل ما قام به في سنغافورة موقف يصعب الدفاع عنه، ولكون تنفيذه يحتاج أعواماً فهو رصيد انتخابي لترمب سينفعه قبل حملته المقبلة.
المتحدث باسم الحكومة الإيرانية محمد باقر نوبخت قال: «لا نعلم مع من يتفاوض زعيم كوريا الشمالية. من الواضح أنه يمكن أن يلغي الاتفاق قبل أن يعود لبلاده».
- د. ظافر محمد العجمي رئيس مجموعة مراقبة أمن الخليج.