استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

بين العروبة والإسلام

الثلاثاء 19 يونيو 2018 08:06 ص

النظر إلى الثقافة العربية، تاريخياً، كما لو كانت هي نفسها الحضارة الإسلامية، يحمل فكرة غير دقيقة فحواها أنه لم يكن للعرب ثقافة قبل ظهور الإسلام، وهذا غير صحيح، فالإسلام ظهر في بيئة مجتمعية وثقافية على درجة كافية من التطور، شكّلت حاضنة للدين الجديد، الذي جاء في وقته، ليوحد الجزيرة العربية ومحيطها تحت راية التوحيد، وهي وحدة كانت ظروفها الموضوعية قد تهيأت ونضجت.

ولنا في نزول القرآن الكريم باللغة العربية تحديداً، لغة قريش، دليل على ذلك، فما من ثقافة بدون لغة، واللغة العربية، كانت، في حينه أيضاً، لغة غنية، كما يُظهر ذلك الشعر الجاهلي المكتوب بها، وبفضل هجرات سكان الجزيرة العربية إلى وادي الرافدين وحوض البحر الأبيض المتوسط، فإن لغتهم استفادت من اللغات الأخرى، كالسريانية، واغتنت بها.

لذا لا تصح المماهاة المطلقة بين العروبة والإسلام، لأسباب عدة، بينها أن الإسلام أصبح، وبسرعة، ديناً عالمياً، آمنت به شعوب وأمم كثيرة وكبيرة، غير العرب، وإذا كانت الفتوحات الإسلامية الأولى قام بها العرب، فإنه سرعان ما اشتركت أقوام أخرى في نشر الإسلام، على نحو ما فعل الأمازيغ في بلدان المغرب العربي والأندلس.

من جهة أخرى، فإن العرب، لغةً وقوميةً، وإن كان أغلبيتهم قد اعتنقوا الدين الإسلامي الحنيف، بينهم الكثير من الموحدين، من ظلوا على دياناتهم السابقة كالمسيحية واليهودية، وكونهم لم يصبحوا مسلمين لا يعني أنهم كفّوا عن أن يكونوا عرباً.

وهذا لا يقتصر على من كان منهم في الجزيرة العربية وقت ظهور الإسلام، وإنما ينطبق على سواهم، كما هو حال المسيحيين، اليوم، في العديد من البلدان العربية، الذين هم جزء لا يتجزأ، ليس من النسيج الوطني لبلدانهم، ومن النسيج القومي العربي عامة فحسب، وإنما من نسيج الثقافة العربية: لغةً وفكراً وأدباً.

شكّل الإسلام رافعة دينية وحضارية كبرى للعرب، وعلى قاعدته استطاعت بعض السلالات المَكية أن تؤسس الدول التي سادت طويلاً، كما هو الحال مع الدولتين الأموية والعباسية، حيث انتشر الإسلام في أرجاء واسعة من العالم، وخلال ذلك نشأت عملية تفاعل وتلاقح حضاري مهمة بين العرب والأمم الأخرى التي دخلت الإسلام.

ولم تعد اللغة العربية لغة أدب وشعر فقط، كما كان حالها في العصر الجاهلي، وإنما غدت لغة فلسفة وعلوم، وبها كتب علماء مسلمون، بعضهم من غير العرب، مؤلفاتهم المهمة، التي ترجمت، لاحقاً، إلى اللغات الأوروبية، بل إن اللغة العربية بالذات، هي الجسر الذي من خلاله عبرت فلسفة الإغريق إلى أوروبا.

وحتى الأمم التي لم تتخذ العربية لغة لها، تحولت نحو كتابة لغاتها بالحروف العربية، كالفرس والأتراك مثلاً، بل إن الكثير من المفردات العربية دخلت هذه اللغات، بما فيها اللغة الإسبانية نتيجة حكم العرب للأندلس نحو ثمانية قرون.

- د. حسن مدن، كاتب من البحرين.

  كلمات مفتاحية

العروبة الإسلام الثقافة العربية الحضارة الإسلامية اللغة العربية القرآن الكريم محمد كوثراني