مقتل «فضل الله» ينذر ببوادر انشقاق في «طالبان» الباكستانية

الثلاثاء 19 يونيو 2018 12:06 م

يرجح خبراء أفغان ومسؤولون استخباراتيون ظهور بوادر انشقاق موجعة في تنظيم «تحريك طالبان باكستان»، المنقسم بالأساس، مع استعداده لاختيار زعيم جديد للتنظيم عقب مقتل قائده في غارة أمريكية الأسبوع الماضي.

وقتل «ملا فضل الله»، المعروف أيضا باسم «ملا راديو» بسبب خطبه الإذاعية النارية، إلى جانب 4 مسلحين آخرين في غارة أمريكية بطائرة بدون طيار بإقليم كونار شمال شرقي أفغانستان، في 13 يونيو/حزيران الجاري؛ وهو تطور يسر سلام آباد التي اتهمت «فضل الله» بالمشاركة في العديد من الهجمات الإرهابية على قوات الأمن والمدنيين في السنوات الأخيرة.

وتنقسم «تحريك طالبان باكستان»، الحركة الأم في طالبان الباكستانية، إلى أربع مجموعات: «جماعة سوات»، و«جماعة محسود»، و«جماعة باجور»، و«جماعة دارا آدمخيل».

وتشكلت في ديسمبر/كانون الأول 2007، بعد انضواء عدد من القوى العشائرية والحركات في جسم واحد، بمنطقة القبائل، ونصبت «بيت الله محسود» أميرا لها، ورفضت الاندماج مع حركة «طالبان أفغانستان» تحت إمرة الزعيم السابق «الملا عمر».

في السياق، اعتبر «رحيم الله يوسفزاي» الخبير الأمني الباكستاني، أن اختيار زعيم جديد في هذه المرحلة لن يكون عملا سهلا بالنسبة لطالبان الباكستانية، خصوصا أن التنظيم منقسم أساسا إلى مجموعات فرعية مختلفة.

وقال: «في نهاية المطاف، سيتم اختيار زعيم جديد، لكن على الأرجح سيكون على حساب مزيد من الانقسام، وربما المزيد من الاقتتال الداخلي».

وأضاف الخبير الأمني: «لو نظرنا في تعاقب الزعامات لتنظيم تحريك طالبان باكستان، لوجدناه تنظيما مفككا».

وتلقى التنظيم الإرهابي أول صفعة قوية عام 2009، عندما قتل زعيمه «بيت الله محسود»، في غارة أمريكية بطائرة بدون طيار في جنوب وزيرستان؛ الأمر الذي سمح بحدوث خلاف على زعامة «طالبان باكستان» بين فصائل التنظيم.‎

إلا أن «حكيم الله محسود»، المقرب من «بيت الله محسود»، نجح في الفوز بصراع السلطة عقب انشقاق جماعة قوية بقيادة (غريمه) «ولي الرحمن محسود»، الذي قتل هو الآخر لاحقا في غارة أمريكية عام 2013 بمنطقة جنوب وزيرستان القبلية الواقعة على الشريط الحدودي الفاصل بين باكستان وأفغانستان.

كما شهد التنظيم انشقاقا آخرا على خلفية اختيار «ملا فضل الله»، كأول زعيم للتنظيم لا ينحدر من عائلة محسود، في 2013، عقب مقتل «حكيم الله محسود» في غارة أمريكية أخرى، بمنطقة شمال وزيرستان.

كما نشب خلاف بين قادة «محسود»، من بينهم القيادي «شهريار» و«طارق محسود»، بسبب تنصيب زعيم للتنظيم لا ينتمي لتلك العائلة، وأدى ذلك الخلاف الداخلي الذي استمر لشهور إلى مقتل العشرات من مسلحي التنظيم.

من جانبه، قال مسؤول استخباراتي يعمل في المنطقة القبلية الواقعة شمال غربي باكستان، إن شورى مجلس شورى «تحريك طالبان باكستان» التقى 3 مرات في الأيام الثلاثة الماضية، في كونار لتسوية القضية (اختيار خلف لفضل الله)، لكن لم يتم حتى الآن التوصل إلى أي جديد نظرا للخلافات الخطيرة بين جماعتي «محسود»، و«سوات».

وأضاف المسؤول أن كلا الجماعتين اللتين تسيطران حاليا على التنظيم تصران على تولي القيادة.

وأوضح أن جماعة سوات تريد أن تنتزع القيادة، في حين تصر جماعة محسود على أن سلطة التنظيم يجب أن تعود إلى القبيلة المؤسسة للتنظيم.

ويقول خبراء إن جماعة «محسود» تهيمن على التنظيم من حيث العدد.

مرشحون لخلافة «فضل الله»

ينظر مجلس شورى «تحريك طالبان باكستان» في تعيين أحد قياديين كبيرين في التنظيم؛ خلفا لـ«ملا فضل الله»، وهما: «عمر رحمان من جماعة سوات، ونور والي من جماعة محسود، وفقا لمصادر استخباراتية وخبراء».

فيما قال مصدر استخباراتي آخر، إن «رحمان» (45 عاما)، الذي يشغل حاليا منصب قائد العمليات في التنظيم تم اختياره بشكل مسبق زعيما جديدا للتنظيم، إلا أن مصادر في «طالبان» لم تؤكد ذلك.

«رحمان»، الذي يستخدم اسم «عمر فاتح» كاسم مستعار، والمتهم بالتورط في التخطيط لتنفيذ هجوم انتحاري على قائد الجيش الأفغاني السابق، العميد «بيرفيز مشرف»، فر إلى أفغانستان عام 2009، بعدما أطلق الجيش الباكستاني عملية عسكرية في وادي سوات.

المرشح الثاني «نور والي»، الملقب بـ«أبو منصور عاصم» (40 عاما) يشغل حاليا نائب زعيم «تحريك طالبان باكستان»، كان انضم لـ«طالبان الأفغانية» عام 1999، وشارك في القتال ضد «التحالف الشمالي» (تحالف سياسي يضم عددا من الفصائل الأفغانية، تشكل بعد سيطرة حركة طالبان عام 1996 على مدينة كابل).

عاد «والى» إلى باكستان في 2001 عقب الغزو الأمريكي لأفغانستان، وانضم لطالبان المحلية، ليشارك في أعمال قتالية ضد الجيش الباكستاني، وهو أيضا عضو في شورى «تحريك طالبان باكستان»، وزعيم لـ«فصيل محسود».

بدوره، قال «اشتياق محسود»، الخبير في الشؤون القبلية ومقره إسلام أباد: «نور والي وعمر رحمان قياديان قويان داخل التنظيم المسلح، لكن والي كونه القيادي الأبرز من المتوقع أن يتم اختياره زعيما جديدا لحركة طالبان الباكستانية».

وأضاف: «أبلغتني مصادر (لم يسمها) في طالبان أن اجتماعا لمجلس الشورى قائم حاليا ومن المحتمل أن يعلنوا تنصيب زعيم جديد في الأيام الثلاثة المقبلة».

وتابع: «جماعة سوات لا يمكنها قيادة تحريك طالبان باكستان لوحدها بدون دعم طالبان وزيرستان (محسود)، لذا برأيي، لن يصروا على الخلافة».

وعلى الرغم من أن القوتين الأخريين غير المعروفتين -أبو بكر مفتي من مجموعة باجور، وعبدالله من جماعة دارا آدمخيل- لا يعتبران منافسين قويين، تعتقد طالبان ومصادر استخباراتية أنه يمكن لإحداهما أن تظهر كحصان أسود على الساحة؛ إذا فشل مجلس الشورى في حل الخلافات بين جماعتي «محسود» و«سوات».

والجمعة الماضي، أكدت وزارة الدفاع الأفغانية، مقتل زعيم «تحريك طالبان» الباكستانية، «ملا فضل الله»، في غارة أمريكية على ولاية كونار، شمال شرقي أفغانستان.

ونقلت وكالة «أسوشيتيد برس» عن «محمد رادمانيش»، المتحدث باسم وزارة الدفاع الأفغانية قوله: «فضل الله واثنين من المسلحين قتلوا خلال الساعات الأولى من يوم الخميس».

وخصصت الولايات المتحدة ، في مارس/آذار الماضي، 5 ملايين دولار مكافأة لمن يدلي بمعلومات حول «فضل الله».

ويتهم «فضل الله» بإعطاء أوامر، لتنفيذ محاولة اغتيال الحائزة على جائزة نوبل للسلام، «ملالا يوسفزي» عام 2012، على خلفية نشاطها في مجال حقوق الإنسان.

  كلمات مفتاحية

باكستان أفغانستان أمريكا طالبان ملا فضل الله