استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الفقراء والبحر.. من المسؤول؟

الأربعاء 20 يونيو 2018 03:06 ص

الأرقام المتداولة عن ضحايا الغرق في البحر، فضلاً عن قصص الاستغلال التي يتعرض لها الراغبون في ركوب "قوارب الموت" إلى العالم الآخر؛ كلها تثير الرعب، كما تثير القهر، إذ إننا أمام ظاهرة غير مسبوقة بهذا الحجم.

نعلم أنه في مقابل الذين غرقوا؛ هناك أضعافهم وصلوا بسلام بعد رحلة طويلة كان الموت خلالها يتراقص أمام أعينهم، لكن النتيجة أننا أمام رحلة موت على أمل الحياة، وهي حياة لا تبدأ مباشرة بعد الوصول إلى الشاطئ الآخر!

إذ سيمر أكثرهم بفصول من المعاناة الأخرى، هم وعائلاتهم حتى يستقروا ويتأقلموا مع الوضع الجديد، فيما يمكثون في أوضاع بائسة لزمن طويل، ولا تسأل عن حرمانهم من أحبابهم الذين تركوهم خلفهم، وديارهم التي أحبوها.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: من المسؤول عن معاناة هؤلاء؟ ولماذا يجمع بعضهم شقاء العمر؟ وربما يستدين لكي يركب رحلة لا يدري هل تنتهي بحياة أخرى أم بموت؟
 

المؤكد أن المسؤول الأكبر هنا هو الغرب نفسه، فهو الذي مارس نهباً منظماً طوال قرون لثروات العالم الثالث. وما هذه الرفاهية التي يعيشها سوى نتاج ثروات الفقراء. ولم يتوقف عند ذلك، فقام بدعم أسوأ أنواع الطغاة في العالم الثالث، والذين أكملوا مسلسل النهب والفساد، لتزيد معاناة الناس أكثر فأكثر.

وحين ضجّ الناس وذهبوا يبحثون عن ملجأ في الدول التي صنعت جزءاً معتبراً من ثرائها بدماء أوطانهم، سُدت الأبواب في وجوههم، وقيل لهم إن العولمة تعني الانتقال الحر للبضائع والأموال والخدمات، لكنها لا تعني الانتقال الحر للعمالة، لأن الشق الأول يخدم الدول الغنية، بينما لا ينطبق ذلك على الانتقال الحر للعمالة.

سيقول البعض إن جزءاً لا يتجزأ من المأساة الجديدة، بخاصة فيما يتعلق بالمهاجرين العرب من سوريين وفلسطينيين، وربما يمنيين بعد حين، هو الربيع العربي والثورات، ما يعني أن منطق هؤلاء هو أن على الشعوب أن تبقى خانعة إلى أبد الآبدين، كي لا تحدث معاناة جراء الثورات، مع أن حروب أوروبا قبل أن تصل إلى توافقاتها الحالية قد أسفرت عن ضحايا بعشرات الملايين.

ولأن لسوريا حصتها من المهاجرين الغرقى، ومن بينهم لاجئون فلسطينيون يعيشون في مخيماتها، فإن من العبث تجاهل طاغية شرع يقتل شعبه، لكأن قدر السوريين أن يظلوا تحت حكم عائلة بسطوة الأمن إلى يوم الدين، ومن ورائها أقلية طائفية لا ترى بقاءها إلا في بقاء تلك العائلة.

سوريا جزء من مأساة أوطان أرادت أن تتحرر لكي يعيش أبناؤها بحرية وكرامة، ولكي لا يركبوا قوارب الموت بحثاً عن حياة أفضل، لكن أعداء الحرية تربصوا بالربيع، فكان ما كان. والمأساة هي ذاتها في دول العالم الثالث كله، إذ إن أكثرية راكبي البحر ليسوا سوريين، بل من جنسيات كثيرة أخرى؛ بخاصة الإفريقية.

كل الإجراءات التي يتحدث عنها الأوروبيون للتخفيف من مآسي الموت في البحر لن تخفف من جريمتهم، لا سيما حين يركزون أولاً وقبل كل شيء على من يسمونهم "تجار الموت" من أصحاب القوارب، وليس على أصل المشكلة التي تجعل ما يفعله هؤلاء بمثابة خدمة بالنسبة لطالبي الهجرة، حتى لو كان ثمنها الكثير من المال.

مأساة يبدو أنها بلا حل، بل إن منظومة الاقتصاد العالمي ستفاقهما بمرور الوقت.. تلك المنظومة التي تزيد الأغنياء غنى والفقراء فقراً.. وإلى أن يثور الفقراء والغلابة والمستضعفون على هذا الواقع في كل مكان؛ ستتواصل المأساة، سواءً ركب الناس البحر أم ظلوا في بؤسهم المقيم حيث هم.

* ياسر الزعاترة كاتب صحفي اردني/ فلسطيني

  كلمات مفتاحية

غرقى البحر قوارب الموت الهجرة إلى أوروبا سوريا الاقتصاد العالمي الطغاة الفساد والنهب العولمة ثورات الربيع العربي محمد كوثراني