استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

مقال أوباما لصحيفة هآرتس: السلام هو الطريق الوحيد للأمن الحقيقي

الأربعاء 9 يوليو 2014 09:07 ص

براك أوباما - خاص لصحيفة "هآرتس" 8 يوليو/تموز 2014

إن الأسوار والمنظومات الدفاعية المضادة للصواريخ قد تحمي اسرائيل من تهديدات ما لكن الامن الحقيقي لن يُحرز إلا في اطار التفاوض مع الفلسطينيين لاحراز سلام عادل قابل للبقاء.

في السنة الماضية حينما كانت الطائرة الرئاسية (إير فورس 1) تستعد للهبوط في الارض المقدسة، نظرت من النافذة فصفعتني مرة اخرى حقيقة أنه يمكن تقدير أمن اسرائيل بدقائق وكيلومترات معدودة. وعلمت معنى الأمن لاولئك الذين يسكنون قرب الحدود الشمالية، وللاولاد في سدروت الذين لا يريدون سوى أن يترعرعوا بلا خوف، وللعائلات التي فقدت بيوتها وأملاكها في هجمات صواريخ حزب الله وحماس. وأستطيع بصفتي أبا أن أتخيل فقط الألم الذي يشعر به الآن والدو الفتيان الثلاثة الاسرائيليين الذين اختطفوا وقتلوا على نحو جد مأساوي في شهر حزيران.

كانت الولايات المتحدة دائما منذ عهد هاري ترومان الى اليوم أكبر صديقة لاسرائيل. وإن التزام الولايات المتحدة والتزامي بأمن اسرائيل ومواطني اسرائيل لن يتضعضع أبدا كما كررت القول مرة بعد اخرى. وسيبقى ايماننا بالسلام موجودا في أساس هذا الالتزام الى الأبد.

وسعنا التعاون بيننا في السنوات الخمس الاخيرة، وإن العلاقات الامنية بين الدولتين هي اليوم أقوى مما كانت دائما كما أكد قادة اسرائيل. ويجري جيشانا تدريبات مشتركة أكثر وبلغ التعاون الاستخباري ذُرى لم يسبق لها مثيل. ونحن نعمل معا في تطوير وسائل تقنية أمنية مثل معدات للتعرف على العبوات الناسفة الجانبية من بعيد ودروع واقية خفيفة تحمي جنودنا.

إن المخصصات الميزانية في واشنطن في عُسر في الحقيقة، لكن التزامنا لاسرائيل بقي قويا. وتلزم الولايات المتحدة بالانفاق على أمن اسرائيل حتى 2018 باعطاء مساعدة سنوية تزيد على 3 مليارات دولار. والتعاون الذي لم يسبق له مثيل بيننا يخدم أمن اسرائيل في حين تنقذ الحياة استثمارات امريكية في منظومات امنية متقدمة – مثل منظومة حيتس ومنظومة القبة الحديدية.

ويتجلى التزامنا بأمن اسرائيل ايضا بعملنا في الشرق الاوسط كله. ففي الشهر الماضي فقط أزال المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة بنجاح آخر بقايا السلاح الكيميائي المعلن عند بشار الاسد. وإن القضاء على هذا المخزون يضائل قدرة طاغية قاس على استعمال سلاح ابادة جماعية لا ليهدد الشعب السوري فقط بل ليهدد جارات سوريا ايضا ومنها اسرائيل. وسنستمر على العمل مع شركائنا في اوروبا والعالم العربي لدعم المعارضة السورية المعتدلة ولحل سياسي للصراع الذي يؤبد ازمة انسانية وعدم استقرار اقليميا.

ونحن نعمل ايضا لضمان ألا تحصل ايران أبدا على سلاح ذري. ونحاول بتفاوض دولي قوي يتعلق بالبرنامج الذري الايراني، نحاول أن نواجه بالطرق السلمية تهديدا مركزيا لأمن العالم والشرق الاوسط واسرائيل. وبينت الولايات المتحدة أن كل اتفاق سيتم احرازه سيشمل ضمانات حقيقية قابلة للتحقق منها أن يكون البرنامج الذري الايراني لغايات سلمية فقط ويوجد تشاور دائم مع اسرائيل طول الوقت. ويقترب الموعد الاخير للمحادثات الذرية ولا نعلم الى الآن هل سينجح التفاوض، لكن الخلاصة لم تتغير بالنسبة إلينا فنحن مصممون على منع ايران من احراز سلاح ذري، ونحن نبقي كل الامكانات مفتوحة على الطاولة لاحراز هذا الهدف.

أظهرت الولايات المتحدة التزامها بأمن اسرائيل بسعيها المستمر الى سلام قابل للبقاء في الشرق الاوسط. وقد علمنا دائما أن حل الصراع الذي عمره عشرات السنين بين الاسرائيليين والفلسطينيين يحتاج من الطرفين الى جهد عظيم والى قرارات صعبة. ولذلك وبرغم أننا خاب أملنا لأن الطرفين لم يتخذا القرارات الصعبة ليدفعا بالمسيرة السلمية قدما، لن تتخلى الولايات المتحدة أبدا عن الأمل في سلام قابل للبقاء هو الطريق الوحيد لضمان أمن حقيقي لاسرائيل.

إن السلام ضروري وعادل وممكن كما قلت في العام الماضي في القدس. وقد آمنت بذلك آنذاك واؤمن به الآن. إن السلام ضروري لأنه الطريق الوحيد لضمان مستقبل أمن وديمقراطية لدولة اسرائيل اليهودية. وفي حين قد تساعد الأسوار والمنظومات الدفاعية المضادة للصواريخ على الحماية من تهديدات ما، لا يكون الأمن الحقيقي ممكنا إلا في اطار حل شامل يُحرز بالتفاوض، وسيساعد احراز اتفاق سلام مع الفلسطينيين ايضا على تغيير الرأي العام العالمي، وعلى عزل المتطرفين العنيفين وعلى تقوية أمن اسرائيل ايضا.

إن السلام عادل ايضا بلا اعتراض. وكما أن للاسرائيليين حقا في العيش في وطن الشعب اليهودي التاريخي، للفلسطينيين ايضا حق في تقرير المصير. وللاولاد الفلسطينيين أمل وأحلام للمستقبل ويحق لهم أن يعيشوا في كرامة – كرامة لا تُحرز إلا في دولة لهم. إن الرئيس عباس شريك اسرائيل وهو يلتزم بحل الدولتين والتعاون الامني معها. وقد عادت الولايات المتحدة فبينت أنه يجب على كل حكومة فلسطينية أن تتمسك بتلك المباديء القديمة وهي الالتزام بعدم العنف والاتفاقات السابقة والاعتراف باسرائيل، وحينما يكون التفاوض جامدا تكون تلك المباديء أهم مما كانت دائما. يجب على الاطراف جميعا أن تتصرف بضبط للنفس وأن تعمل معا للحفاظ على الاستقرار على الارض.

وأقول في الختام إن السلام ممكن. وهذا من أهم ما ينبغي أن نذكر حينما نواجه عوائق ولحظات خيبة أمل. ويُحتاج الى ارادة سياسية لتنفيذ الاختيارات الصعبة المطلوبة والى تأييد من الشعبين الاسرائيلي والفلسطيني ومن المجتمع المدني ايضا. ويجب أن يكون الطرفان مستعدين للمخاطرة من اجل السلام. ونحن نعلم آخر الامر ما هو الهدف الضروري للتفاوض: دولتان للشعبين. وإن رفض المصالحة والتعاون لن يقوي بشيء لا أمن الاسرائيليين ولا الفلسطينيين. والحل الوحيد هو دولة يهودية ديمقراطية تعيش في سلام وأمن بجوار دولة فلسطينية مستقلة قابلة للبقاء. ولذلك فان وزير الخارجية كيري وأنا مصممان على العمل مع رئيس الوزراء نتنياهو ومع الرئيس عباس للتوصل الى حل الدولتين. وحينما توجد الارادة السياسية للالتزام بتفاوض جدي مرة اخرى ستقف الولايات المتحدة جاهزة مستعدة للاسهام بما يجب عليها.

التقيت مع الرئيس بيرس في البيت الابيض قبل بضعة اسابيع في اثناء استعداده لانهاء ولايته. وكما كان الامر دائما كان شرفا أن أتحدث الى انسان أفرد جزءً كبيرا جدا من حياته لبناء دولة اسرائيل وهو مشحون بالأمل فيما يتعلق ببلده. وقد دفع شمعون بيرس أمن اسرائيل قدما دائما بشجاعة. وفي الشهر الماضي، في لقائه التاريخي مع الرئيس عباس والبابا فرنسيس في الفاتيكان، قال ببساطة: "لسنا كاملين بلا سلام". 

برغم انجازات اسرائيل كلها الى الآن، وكل انجازاتها في المستقبل، لا تستطيع أن تكون كاملة آمنة بلا سلام. ولن يكون متأخرا أبدا بذر بذور السلام – السلام الحقيقي والحيوي الذي لا يوجد فقط في خطط الزعماء بل في قلوب الاسرائيليين والفلسطينيين جميعا. هذا هو المستقبل الذي ما زالت الولايات المتحدة تلتزم به لأنها أعظم صديقة لاسرائيل وأقدمها وأقواها.

  كلمات مفتاحية