«جيوبوليتيكال فيوتشرز»: هل يمكن أن تغير الانتخابات سياسة تركيا؟

السبت 23 يونيو 2018 07:06 ص

سيتوجه الأتراك إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في انتخابات برلمانية ورئاسية مفاجئة دعا إليها الرئيس «رجب طيب أردوغان» قبل شهرين فقط، ومن المؤكد تقريبا أنه قام بذلك كوسيلة لتحسين موقفه لمدة خمس سنوات أخرى قبل أن يأخذ الاقتصاد منعطفا نحو الأسوأ، وقد أراد «أردوغان» على الأرجح أن يمنح المعارضة أقل وقت ممكن للاستعداد.

يواجه «أردوغان» ثلاثة منافسين في الانتخابات هم حزب الشعب الجمهوري، بقيادة «محرم إينجه» وهو في المركز الثاني في الاستطلاعات أما حزب الخير بقيادة «ميرال أكشينار»، فيأتي في المرتبة الثالثة، ويحتل حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد، الذي يتزعمه «صلاح الدين ديميرطاش»، وهو عضو سابق في البرلمان تم توقيفه بتهم تتعلق بدعم الإرهاب منذ ما يقرب من عامين، المركز الرابع في استطلاعات الرأي. وقد شكل حزب الشعب الجمهوري والحزب الخير ائتلافا للانتخابات البرلمانية، على الرغم من تنافس «إينجه» و«أكشينار» على الرئاسة.

وستجرى الجولة الأولى من التصويت في 24 يونيو/حزيران، وإذا حصل أي مرشح رئاسي على أكثر من 50% من الأصوات، فسيتم الإعلان عن فوزه، ورغم ذلك فإن نتيجة الانتخابات لن تكون متوقعة وبالرغم من احتمال تجمع الكتلة المعارضة لـ«أردوغان» على مرشح واحد للتغلب على الرئيس حال وصول الاقتراع لجولة ثانية، لا يزال يعتبر «أردوغان» صاحب الحظوظ الأكبر حتى الآن.

من الناحية التاريخية، اعتمد حزب العدالة والتنمية على عدم دعم حزب الشعب الديمقراطي للمعارضة مما يساعده في الفوز في الجولة الثانية، لكن الكثيرين يعتقدون أن «أردوغان» عزل الأكراد في تركيا من خلال احتجاز العديد من أعضاء الحزب في الفترة التي سبقت الانتخابات، ناهيك عن غزو تركيا لأجزاء من شمال سوريا تقع تحت سيطرة الأكراد. وعلى الرغم من أن أحزاب المعارضة واجهت معركة شاقة، حيث كان وصولها إلى وسائل الإعلام محدودا منذ أن استحوذت مجموعة إعلامية مؤيدة لحزب العدالة والتنمية على شركة إعلامية تركية كبرى، فلا شك أن هناك دعما عاما كبيرا متزايدا للمعارضة على الرغم من الحواجز التي أقامها حزب العدالة والتنمية.

هل ستغير الانتخابات أي شيء؟

على المستوى الجيوسياسي، فإن السؤال هو ما إذا كان أي شيء في تركيا سيتغير تحت إدارة مختلفة بغض النظر عن من يتولى المنصب، حيث ستواجه تركيا نفس مجموعات المشاكل الأساسية مع نفس قائمة الحلول المحتملة، فلديها عمليات مستمرة في سوريا والعراق تتعلق بالمصالح الأمنية الأساسية وهناك مواجهة في البحر المتوسط حول حقوق الطاقة التي يمكن أن تفيد الاقتصاد التركي بشكل كبير، كما أن هناك 4 ملايين لاجئ يعيشون في تركيا، مما يؤدي إلى إرهاق الموارد الاقتصادية للبلد وهياكله الأساسية الإدارية والمادية، ويتسبب في إزعاج كاف بين قطاعات من السكان الذين يدعو بعضهم إلى طرد اللاجئين كما أن الليرة ضعيفة ومن المحتمل أن تستمر في الانخفاض وسيظل التضخم يجهد نفقات المعيشة اليومية للناس، وستظل البلاد مثقلة بالديون الخارجية المرتفعة التي تهدد بتفاقم كل هذه المشاكل.

وحتى لو نجح حزب الشعب الجمهوري، الحزب الأقرب لتحدى حزب العدالة والتنمية، في الفوز، فليس من المرجح أن يتغير الكثير حيث تستهدف برامج الحزب تحقيق الفوز في الانتخابات، لكنها لا تزال لا تعطي فكرة عما يمكن أن يفعله أي في حالة انتخابه. على سبيل المثال، على الرغم من شجبه «المغامرات الطائفية» التي تصبغ السياسة الشرق أوسطية، إلا أن حزب الشعب الجمهوري قال إنه سيحافظ على دعمه للقبارصة الأتراك، ويصر على حقوق الطاقة قبالة سواحل قبرص، وسيستمر في احتواء التهديدات في شمال العراق و محاربة الإرهاب في سوريا. وبعبارة أخرى، وعلى الرغم من كل انتقاداته، فإن حزب الشعب الجمهوري لا يزال يدعم العمليات العسكرية ضد التهديدات «الإرهابية» في سوريا والعراق، والتي تشير في تركيا إلى الأكراد.

ومع ذلك، هناك تلميحات إلى أن بعض الأمور قد تتغير بالفعل مع صعود إدارة جديدة. ولعل أهم تلميح هو تركيز حزب الشعب الجمهوري على إصلاح العلاقات مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ويعكس هذا التوجه الشعور بمعاناة الاقتصاد التركي، بأن إقامة علاقات أفضل مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة من شأنه أن يزيد من فرص تركيا في الحصول على المزيد من الاستثمارات الأجنبية التي تحتاجها تركيا بشدة حيث إن المزيد من تدفق رأس المال إلى البلاد من شأنه أيضا تعزيز قيمة الليرة، وهذا من شأنه أن يخفف مشكلة التضخم. ومن المحتمل أن يكون هذا أحد القرارات التي سيضطر حزب العدالة والتنمية أيضا إلى اتخاذها بعد الانتخابات، ولكن ما يزال غير واضح كيف يمكن أن يؤثر إعادة التموضع تجاه الغرب على تفاهم تركيا مع روسيا.

بالنسبة لتركيا، قد يعيق التعاون مع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط التعاون مع موسكو، التي ستكون راضية في هذه المرحلة بترك سوريا ضامنة بقاء «بشار الأسد» في السلطة أو على الأقل الظهور كمنتصر، ومع كل ما قيل، لا يزال حزب الشعب الجمهوري يقول إن تركيا لن تتخلى عن مصالحها الأمنية الأساسية لتقديم تنازلات لصالح الاتحاد الأوروبي.

ولعل الموقف الأقل غموضا في برنامج السياسة الخارجية لحزب الشعب الجمهوري هو موقفه من (إسرائيل). فعلى الرغم من خطاب «أردوغان» القاسي تجاه الدولة العبرية، فقد تعرض لانتقادات لعدم قيامه بما يكفي لدعم القضية الفلسطينية وتمت مهاجمته بسبب علاقات صهره التجارية. وقد قال حزب الشعب الجمهوري إنه سيُلغي اتفاقية وقعها حزب العدالة والتنمية في عام 2016، أعادت العلاقات الدبلوماسية مع (إسرائيل) بعد أن أغارت على أسطول الحرية في عام 2010 والذي كان يحاول جلب الإمدادات الإغاثية إلى الأراضي الفلسطينية.

ولكن إقرار حزب الشعب الجمهوري بنفس التهديدات الأمنية التي تواجه تركيا يعد مؤشرا هاما على أنه، حتى لو تغير المشهد السياسي في تركيا، فليس كل السياسات مطروحة للنقاش والتغيير.

المصدر | زاندر شنايدر - جيوبوليتيكال فيوتشرز

  كلمات مفتاحية

أردوغان الانتخابات التركية محرم إينجه حزب العدالة والتنمية حزب الشعب الجمهوري