ما الذي يعنيه النفط لدول الخليج؟

السبت 23 يونيو 2018 09:06 ص

منح الله الخليج هبتين من الطبيعة، فأعلاه، في مياه البحر الضحلة، امتلأ بمحار اللؤلؤ منذ العصور القديمة، وفي القرن التاسع عشر، كان يتم بيع اللؤلؤ في جميع أنحاء العالم عبر التجار في مومباي.

وتحت الأرض، في تموجات من الصخور تم اكتشاف بعض أغنى رواسب النفط في العالم في أوائل القرن العشرين، في إيران عام 1908، والعراق عام 1927، والبحرين عام 1932، وأخيرا والأهم، في المملكة العربية السعودية عام 1938.

وحتى ذلك الحين، كان الخليج في معظمه ذا أهمية هامشية للإمبراطوريات المحيطة، وكانت مفاهيم السيادة غامضة وترتبط بالناس أكثر من الأرض.

وكانت أنماط الحياة البدوية القبلية تعني أن الحكام لديهم وسائل محدودة لفرض إرادتهم، حيث يمكن للمعارضين الانتقال إلى مكان آخر.

وقد انحدر «آل خليفة» الذين استقروا في البحرين من «آل الصباح» في الكويت، وكلاهما يرجع أصله إلى الهجرة من وسط الجزيرة العربية في القرن الـ17.

وقد تمرد «آل ثاني» في قطر، بدورهم، ضد «آل خليفة»، وانفصل «آل مكتوم» في دبي عن «آل نهيان» في أبوظبي، وتمتد القبائل بين الحدود الحديثة، وقد تزاوج العديد من العشائر الحاكمة في الخليج بين بعضهم البعض.

وابتداء من القرن الـ18، أصبح أمراء الخليج تحت حماية الإمبراطورية البريطانية، التي سعت إلى إبقاء المنافسين بعيدا عن الطرق المؤدية إلى الهند، وفرضت بريطانيا هدنة على المعارك الداخلية بين الأمراء (ومن هنا جاء اسم المنطقة، إمارات الساحل المتصالح).

وفي الداخل العربي، في الوقت نفسه، قام «آل سعود» في نجد بإبرام اتفاق في القرن الثامن عشر مع رجل الدين المتشدد، «محمد بن عبدالوهاب»، وأتباعه، وقد احتلوا معا الكثير من شبه الجزيرة، وضمن هذا التحالف استمرار حكم «آل سعود».

وتم سحق أول دولة سعودية، التي استمرت في الفترة بين عامي 1744-1818، من قبل العثمانيين، وانهارت الدولة السعودية الثانية الضعيفة، التي استمرت بين عامي 1824-1891، بسبب الاضطرابات الداخلية.

وقد أعاد «عبدالعزيز آل سعود» تشكيل الدولة الثالثة والحالية عام 1932 بعد أن حصل على بعض المساعدة من بريطانيا.

ولقد رضخت له عندما هزم «الهاشميين»، حلفاء بريطانيا في الحرب العالمية الأولى، واستولى على المدن المقدسة؛ مكة والمدينة، لكن بريطانيا منعته من تحقيق الانتصار الساحق، بالحصول على أماكن أخرى من الساحل المتصالح وسلطنة عمان.

والتقى الرئيس الأمريكي «فرانكلين روزفلت» بالملك «عبدالعزيز» في مصر عام 1945 بعد قمة «يالطا»، ما وضع الأساس لتحالف دائم.

وانسحبت بريطانيا من شرق السويس عام 1971، وأخذت أمريكا مكانها كحام للمنطقة منذ عام 1979، بعد الثورة الإيرانية والتدخل السوفييتي في أفغانستان.

تأثير النفط

وحول النفط القبائل الفقيرة والفضفاضة في شبه الجزيرة العربية إلى بعض من أغنى دول العالم.

وعلى النقيض من معظم الدول التي يتعين عليها فرض ضرائب على المواطنين لجمع الأموال اللازمة لتوفير الخدمات والأمن، قام حكام الخليج بجمع عوائد النفط وتوزيع بعضها كمكافآت للمواطنين.

وقد قدمت هذه «الدول الريعية» الإعانات والعلاوات من المهد إلى اللحد، وذلك مقابل الطاعة والولاء.

وفي المملكة العربية السعودية، أعطى الحكام رجال الدين الوهابيين مجالا لفرض المعايير الاجتماعية، وفي المقابل، حصلوا على شرعية دينية لحكمهم.

وتم دفع المواطنين الخليجيين من الفقر إلى الحياة المريحة، وتحسنت معايير الصحة والتعليم بسرعة، واستقدمت دول الخليج ذات الكثافة السكانية العالية خبراء غربيين لمساعدتهم على بناء دولهم، واستخدموا جيشا من الآسيويين للقيام بالأعمال الأقل رتبة، ويشكل الأجانب نحو نصف سكان دول الخليج، حيث تتراوح نسبتهم بين 90% في الإمارات وقطر، إلى 30% في السعودية.

ومع ذلك، أعرب البعض عن أسفه لترك الحياة الصحراوية القاسية، وكتب «بندر بن سرور»، وهو شاعر سعودي من القرن العشرين: «لقد أصبح زعماء قبائل نجد الذين اقتلعوا الجيوش الجبارة، مطيعين ومروضين مقابل إطعامهم، مثل الدجاج الذي يأكل الحبوب الملقاة على الأوساخ».

ولأن العلاوات التي كان يحصل عليها المواطنون سخية للغاية، تحدد الدول المواطنة بشكل ضيق، بل بقسوة، عبر استثناء مئات الآلاف من العرب المعروفين باسم «البدون»، الذين لا تعتبرهم تلك الدول مؤهلين للحصول على الجنسية.

كما يتم الإبقاء على العمال الأجانب، إلى حد كبير، في حالة من العبودية، من خلال نظام الكفالة، حيث يجب على الكفيل المحلي منح الموافقة للوافد من أجل تغيير وظيفته أو مغادرة البلاد.

وعلى النقيض من غيرها، فإن المواطنة في الخليج تعد هدية من الحاكم، وليست حقا.

المصدر | ذا إيكونوميست

  كلمات مفتاحية

ثورة النفط الخليج العربي البدون تحول الخليج السعودية إمارات الساحل المتصالح