«مجلس العلاقات الخارجية»: كيف تتمتع الإمارات بالسلطة في اليمن؟

الخميس 28 يونيو 2018 04:06 ص

لقد اتخذت الحرب، التي دامت 3 أعوام ونصف العام في اليمن، منعطفا خطيرا؛ حيث يسعى التحالف الذي تقوده السعودية إلى انتزاع السيطرة على ميناء «الحديدة» الرئيسي من المتمردين «الحوثيين».

وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تقود الحملة الأخيرة، قد اكتسبت نفوذا في اليمن من نشر قوات برية، كما يقول «نيل بارتيك»، الباحث في سياسات الشرق الأوسط.

ويضيف «بارتيك» أنه من خلال نشر قوات برية، فإن الإمارات قد اكتسبت نفوذا لدى الجماعات المسلحة المحلية، لكن رغم ذلك، فإن قدرتها على تشكيل نتيجة الحرب ستكون محدودة، وأن أي تسوية سياسية ممكنة، يجب أن تسفر عن «حكومة يلعب فيها الحوثيون دورا هاما».

فلماذا تضغط الإمارات الآن بشدة للاستيلاء على الحديدة؟

لقد أصبحت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية الآن على نفس الصفحة مع الإماراتيين بشأن «الحديدة»؛ وقد شجع بعض التقدم الذي حققته القوات المدعومة من الإمارات في أماكن أخرى من اليمن واشنطن على الموافقة على هذه العملية، وهناك وجهة نظر مفادها أن حلفاء الإماراتيين في اليمن يمكنهم الحصول على مزايا استراتيجية، بالإضافة إلى سلطة أكبر على ما يأتي من وإلى الميناء.

واقترح الإماراتيون ذلك لأول مرة في فبراير/شباط 2017، على الرغم من أنهم كانوا في السابق يرغبون في تقليل دورهم في نزاع اليمن، وعندما كانوا يشيرون في عام 2016 إلى أنهم يريدون سحب قواتهم من اليمن، بدا الأمر وكأنه يتعلق بالاكتفاء بتحقيق نفوذ على أجزاء من الجنوب من خلال زعماء الحرب وغيرهم من الزعماء المحليين؛ لكن الآن يبدو أنهم مهتمون بفكرة أكثر طموحا حيث يكون لهم تأثير على أجزاء من الشمال والجنوب.

فهل يحققون ذلك من خلال وكلاء محليين؟

لقد حصلوا على حلفاء محليين في الجنوب، ويبدو أنهم يريدون توسيع الشبكة اليمنية إلى الشمال، بمساعدة من الولايات المتحدة، والسعودية، وبدرجة أقل بريطانيا وفرنسا، وقبل عام 1990، كان اليمن مقسما بين الجمهورية العربية الشمالية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، ويتمتع الإماراتيون بميزة وجود قواتهم الخاصة على الأرض، التي تنصح وتدرب الحلفاء اليمنيين؛ ولدى السعوديين بعض المسؤولين غير العسكريين منخفضي المستوى في تعز، على سبيل المثال، ولكن لا يوجد لهم أي وجود عسكري مهم، بخلاف بعض التوغلات عبر الحدود في أجزاء من الشمال.

لماذا انخرطت الإمارات بعمق في هذه الحرب التي قادتها السعودية؟

أعاد الحكام الفعلي للإمارات الشيخ «محمد بن زايد»، إعادة تعريف القومية الإماراتية على أنها استعراض للقوة العسكرية، ويسعى إلى التأثير الإقليمي وتعزيز الردع ضد إيران حول شبه الجزيرة العربية.

كما توفر اليمن فرصة للإمارات لمحاربة التشدد الإسلامي، الذي يعتبرونه تهديدا وجوديا، حتى وإن كانت الإمارات نفسها لديها تقاليد ثقافية سلفية، وتعمل مع المقاتلين السلفيين اليمنيين من أجل الميزة التكتيكية.

كيف تقترب الإمارات من الأهداف السعودية؟

لا ترغب السعودية في إرسال قوات برية، لكنها متوترة بشأن ما يبدو أن الإماراتيين يحققونه من خلال وجودهم على الأرض، كما أنهم قلقون بشأن الدور المتزايد للإمارات في مجال الأمن البحري في البحر الأحمر وبحر العرب، وهم متوترون بشأن الوجود العسكري الإماراتي في جزيرة سقطرى، الجزيرة الاستراتيجية في بحر العرب، ويشعر العديد من اليمنيين بالقلق من الوجود الإماراتي هناك وفي أماكن أخرى.

وفي الوقت الحالي، تسير بعض القوات اليمنية مع الإماراتيين، وتعتبرهم مفيدين لطموحاتهم الخاصة في أجزاء من الجنوب، على سبيل المثال، أو باعتبارهم اللاعبين الوحيدين الذين قد يساعدونهم على إزاحة «الحوثيين»، كما هو الحال في «الحديدة».

لكن اليمنيين الآخرين يشعرون بشكل مختلف تماما، ويعملون مع «الحوثيين» على أنهم أفضل فرصة لتقييد مثل هذه المخططات ومحاربة المقاتلين السنة أو القوات اليمنية الأخرى، سواء كانت القبائل المتنافسة أو الاتجاهات السياسية والشخصيات، الذين لم يأخذوا مخاوفهم على محمل الجد من الناحية التاريخية.

ما هو حجم الوجود الإماراتي على الأرض؟

قد نفاجأ إذا عرفنا أن هناك أكثر من 1000 إماراتي على الأرض، على الأكثر، ويتحدث معظمنا عن أعداد صغيرة نسبيا، عن القوات الخاصة الإماراتية، من خلال نوع العناصر التي نشروها في أفغانستان وكوسوفو بالشراكة مع الولايات المتحدة، وربما بعض القوات الإماراتية المنتظمة، التي تعمل أحيانا بالتنسيق مع القوات الخاصة لدول أخرى، مثل الولايات المتحدة، وربما فرنسا وبريطانيا.

ويبدو أن عدد المتمردين المعارضين لـ«الحوثيين» في نطاق عشرات الآلاف، لكن من الصعب قياسهم، لأننا نتحدث عن دمج فضفاض للعناصر اليمنية المختلفة، سواء كانت قوات الحرس الجمهوري، الموالية للرئيس المخلوع «علي عبدالله صالح»، الذي تم اغتياله نهاية العام الماضي، أو عناصر محلية تماما، وهناك مجموعة كاملة من اليمنيين في القتال، وغالبا يظهرون ولاءات متغيرة، وهناك كذلك المرتزقة الأجانب.

هل تتمتع مصالح الإمارات ووكلائها المحليين بالتوازن؟

إنها ليست متوازنة، وهذا هو مكمن الخطر، وفي الوقت الحالي، ربما يميل بعض اليمنيين الذين يريدون التفوق على «الحوثيين» إلى التحالف مع دول الخليج هذه، لكنه ليس بالضرورة ترتيب دائم أو موثوق.

وفي الوقت الحالي، هناك دمج بين العناصر الجنوبية في المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، والذي يجمع بين العناصر المتنافسة، بما في ذلك العناصر ذات الرؤى المتنافسة بشأن الكيان الجنوبي، وهو ما قد يضعهم في صراع مباشر مع بعضهم البعض، حيث يسعى البعض إلى فرض النفوذ على الأراضي التي يسعى إليها آخرون.

وكان هذا خطرا، على سبيل المثال، حين خرجت مقترحات عام 2014 الخاصة بالفيدرالية أو الأقاليمية كوسيلة للخروج من الصراع في جميع أنحاء اليمن، ولا تتناسب المناطق المقترحة أو التاريخية بالضرورة مع طموحات الجهات الفاعلة المحلية، في الجنوب أو في الشمال.

فهل يتمكن المبعوث الأممي الخاص «مارتن غريفيث»، الذي التقى بـ«الحوثيين» في صنعاء هذا الأسبوع، من تحريك عملية السلام إلى الأمام؟

لقد تم توجيه الطلب إلى «الحوثيين» بتسليم إدارة ميناء «الحديدة» إلى الأمم المتحدة، في حين اندفع التحالف الذي تقوده السعودي إلى الاستيلاء عليه وعلى الأراضي المحيطة به. ويبدو من غير المناسب للإماراتيين، على سبيل المثال، أن يرحبوا بـ «غريفيث».

وقد يتمكن، في مرحلة معينة من القتال في «الحديدة»، من الإشراف على شكل من أشكال وقف إطلاق النار المحلي، لكن الطموحات الكبرى، مثل تلك التي تتضمنها أفكاره الأوسع نطاقا لتشكيل حكومة انتقالية وشاملة، قد تكون بعيدة المنال.

ولا ينبغي لنا أن نكون طموحين أكثر من أن تكون البنى السياسية في اليمن دائمة، وأن يكون لها قبول جماعي، لأنه يمكن القول إن هذه المؤسسات لم تكن موجودة في التاريخ اليمني الحديث أساسا.

ولكن في نهاية المطاف، فإن إنهاء القتال في جميع أنحاء اليمن سوف يتطلب مشاركة جميع أطراف النزاع في المناقشة. وتعد الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا نفسها طرفا في الصراع.

وتحتاج إيران، على الأقل بشكل غير مباشر، إلى أن تكون جزءا من هذا النقاش. ويجب أن تكون النتيجة حكومة يلعب فيها «الحوثيون» دورا مهما.

ويحتاج الدبلوماسيون الغربيون إلى إجراء مناقشات في الرياض وأبوظبي، وفي الوقت الحالي، هم في نفس الصفحة من حيث دفع النزاع في «الحديدة»، لكن لا يبدو أن لديهم هدفا استراتيجيا واضحا. ولن يستسلم الحوثيون لمجرد أنهم فقدوا الأرض في «الحديدة».

هل هناك الكثير من الوضوح حول دور إيران؟

لقد ازداد الدور الإيراني بدعم «الحوثيين» منذ بدء الحرب الجوية؛ وربما لم يكن هذا مخطط له، لكنه بالتأكيد كان نتيجة للوضع الراهن آنذاك، ومن الصعب تحديد مدى هذا الدور.

وعلى سبيل المثال، زعمت السعودية والإمارات أن الكثير من المكونات، على الأقل، من الصواريخ التي أطلقها «الحوثيون» ضد أهداف سعودية قد أتت من ميناء «الحديدة». ومع ذلك، يخضع ميناء «الحديدة» للحصار بنجاح كبير منذ وقت طويل، وربما من المحتمل أن يكون قد تم تهريبها عبر طرق أخرى، بما في ذلك عبر الحدود العمانية.

ومن الممكن أن يكون هناك حضور استشاري إيراني محدود لتدريب «الحوثيين» حول الصواريخ، ويبدو من الممكن أن يكون المقاتلون «الحوثيون» قد تلقوا تدريبا خارج اليمن، لكن لا يوجد دليل على دور عسكري رئيسي على الأرض يقوم به الإيرانيون.

وبعد الحرب الأخيرة التي خاضتها السعودية، وحربها الكارثية في اليمن في حرب برية محدودة عام 2009-2010، هناك أدلة على أنها اشتركت مع «الحوثيين» في الحديث عن ترتيبات أمن الحدود.

والسعوديون الآن في أضعف حالاتهم في تلك المناطق الحدودية، ويجب أن يكون «الحوثيون» جزءا من ترتيبات الأمن القومي السعودي، وهذا من شأنه أيضا إشراك إيران في النقاش، حتى لو كانت مشاركتهم في المحادثات من وراء الكواليس، لكن إذا رأينا ببساطة «الحوثيين» كوكيل أجنبي، مثل «حزب الله» في لبنان، فإننا سوف نبتعد عن احتمال التوصل إلى حل في اليمن.

هل يصح ادعاء الإمارات بقدرتها على متابعة هذه المعركة مع تجنب كارثة إنسانية؟

لم يكن سجل أداء السعوديين والإماراتيين جيدا من حيث تجنب الأهداف المدنية خلال ما يقرب من 3 أعوام ونصف من الحرب الجوية.

ويحاصر التحالف الذي تقوده السعودية بالفعل الميناء، لكنه يمثل شريان الحياة الرئيسي، وإذا ما اندلع القتال حول منطقة الميناء، يبدو من الصعب تخيل كيف تكون هناك ضمانات إنسانية دون وجود نوع من الاستقرار في الوضع على الأرض، الأمر الذي قد يتطلب إشراك قوات حفظ سلام دولية أو وجود دولي، لكن قد يكون هذا الترتيب جزءا من الضمانات التي من شأنها أن تشجع كلا من الحوثيين وخصومهم على قبول وقف إطلاق النار في «الحديدة».

وقد يكون الوصول إلى شيء أكبر من ذلك، كما تريد الأمم المتحدة، يؤثر على القتال في أماكن أخرى من اليمن، أصعب بكثير، وسوف يتطلب من جميع الأطراف، الدولية والإقليمية والمحلية، قبول تقاسم السلطة على ما تبقى من الدولة اليمنية، حتى لو من الصعب ربط تلك الهياكل بدقة على الأرض.

المصدر | مجلس العلاقات الخارجية

  كلمات مفتاحية

السعودية الإمارات اليمن إيران الحوثيين محمد كوثراني