مصادر مطلعة تكشف خبايا انقلاب «السيسي» على «مرسي»

الجمعة 29 يونيو 2018 02:06 ص

كشفت مصادر مطلعة تفاصيل مثيرة حول الأيام الأخيرة من حكم الرئيس المصري «محمد مرسي» قبل تنفيذ قيادات الجيش، صيف 2013، انقلابا عسكريا قاده الرئيس الحالي «عبدالفتاح السيسي»، الذي كان -آنذاك- وزيرا للدفاع.

وبينت المصادر -وهم مسؤولون عملوا مع «مرسي»- كيف استخدم «السيسي» كل أجهزة الدولة العميقة لخداع الأول تمهيدا للإطاحة به، والانفراد بالسلطة.

ونقل موقع «عربي 21» عن تلك المصادر -التي فضلت عدم الكشف عن هويتها- أن «السيسي» قدم لـ«مرسي» تقارير غير صحيحة عن حركة «تمرد» (التي قادت حملة توقيعات تطالب بتنحي مرسي عن الحكم)، وتوقعات وتقديرات أجهزة المخابرات العامة والأمن الوطني والأمن العام عن مظاهرات 30 يونيو/حزيران 2013.

وقالت المصادر إن المخابرات العامة حذرت -في تقريرها- من وجود شيء غير مفهوم في الشارع، لكنها قللت من خطورة المظاهرات.

بينما قدرت تقارير الأمن الوطني والأمن العام أعداد المتظاهرين المتوقع خروجهم في العاصمة القاهرة في 30 يونيو/حزيران 2013 بـ50 ألفا على أكثر تقدير، وربما يصل مجملها في كل المحافظات لـ150 ألف متظاهر.

ووفقا لما ذكرته المصادر، فإن تلك التقارير أكدت أن «جبهة الإنقاذ» المعارضة تعتبر المظاهرات فرصتها الأخيرة للحصول علي مكاسب سياسية، وأن حركة «تمرد» ليس لها وجود فعلي علي أرض الواقع.

ونفت الأجهزة الاستخباراتية والأمنية، في تقاريرها لـ«مرسي»، وجود أي اتصال بين قيادات في الجيش أو أجهزة الدولة الأخرى وبين هذه المظاهرات.

وحسب المصادر، كان «السيسي» يشعر بالقلق والخوف من «مرسي» قبل إعلانه مهلة الأسبوع الأولى، مؤكدة أنهم رصدوا تحليق مروحيات أعلى «قصر الاتحادية» الرئاسي (شرقي القاهرة) بالتزامن مع وجود «السيسي» في القصر لمقابلة «مرسي»؛ ما أثار شكوك مسؤولين بالرئاسة.

 إلا أن الحرس الجمهوري أكد لهم أنها إجراءات طبيعية، بينما الواقع -كما أكدت المصادر- أن «السيسي» كان قلقا في الأيام الأخيرة قبل الانقلاب من انكشاف أمره والقبض عليه.

وأضافت المصادر أنه بناءً على توصية من الحرس الجمهوري، نقل «مرسي» أعمال مكتبه لـ«قصر القبة» الرئاسي، كما نقل إقامته لاستراحة الرئيس بملحق دار الحرس الجمهوري.

وسأل «مرسي» قائد الحرس الجمهوري آنذاك (وزير الدفاع الحالي)، الفريق «محمد زكي»، عن الجهة التي سينحاز إليها إذا تطورت الأحداث، فرد «زكي» قائلا: «يا سيادة الرئيس أنا مليش (ليس لي) في السياسية.. عيني محافظ أو رئيس شركة وخليني اختم حياتي بعيدا عن المشاكل».

وعندما طلب «مرسي» منه ردا مباشرا، أكد «زكي» أن مهمته حماية الرئيس والنظام الجمهوري وهو ما سيقوم به.

«السيسي» و«الشاطر» و«الكتاتني» على طاولة التفاوض

وطبقا للمصادر ذاتها، فإنه بعد إنذار «السيسي» الذي أطلقه خلال الندوة التثقيفية بمسرح الجلاء يوم 23 يونيو/حزيران 2013 بمنح مهلة أسبوع للقوى المتنازعة للتوصل لاتفاق يعيد الهدوء لمصر، اتصل رئيس حزب «الحرية والعدالة»، «محمد سعد الكتاتني»، مساء نفس اليوم، بمدير مكتب «السيسي» حينها (رئيس المخابرات العامة حاليا)، «عباس كامل»، وطلب لقاء الوزير بشكل عاجل.

وبالفعل تحدد اللقاء بعد ساعتين من اتصال «الكتاتني» الذي اصطحب معه القيادي البارز بجماعة «الإخوان المسلمين» «خيرت الشاطر» للقاء «السيسي» بمقر وزارة الدفاع في منطقة العباسية، شرقي القاهرة.

وقالت المصادر: «عندما وصل الكتاتني والشاطر لمقر الوزارة وجدا المبني مظلما بالكامل باستثناء الدور الذي به مكتب السيسي، ودار حوار استمر لمدة 3 ساعات بين الكتاتني والشاطر من جهة والسيسي من جهة أخري، وهو اللقاء الذي بدأه السيسي بعبوس واضح».

إذ أكد «السيسي» أنه يتحدث باسم المجلس العسكري وكل قيادات الجيش، وأنه يطالب بشكل واضح الرئيس بترك منصبه وإجراء انتخابات أخرى؛ ما رفضه «الكتاتني» و«الشاطر»، فرد «السيسي» بأنه إما استقالة الرئيس أو أن بحورا من الدم سيشهدها الشارع المصري، وهو التحذير الذي واجهه «الكتاتني» برفض كامل.

وذكرت المصادر أن «السيسي» قال لـ«الكتاتني» و«الشاطر»، إنه ينقل طلبات المجلس العسكري مقدما لهما خيارين؛ الأول استقالة الرئيس الفورية وتشكيل حكومة جديدة ليس بها أحد من «الإخوان»، على أن تتولي هذه الحكومة إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية والتعديلات الدستورية المطلوبة.

والخيار الثاني هو أن ينقل الرئيس صلاحياته لرئيس حكومة محل اتفاق من قوى المعارضة، وأن يجري استفتاء على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة من عدمها، ويظل الرئيس طوال هذه الفترة بدون صلاحيات، وأن يكون من مهام الحكومة إجراء الانتخابات التشريعية وتعديل الدستور.

«مرسي» في مواجهة الدبابة

وتابعت المصادر أنه في مساء اليوم التالي 24 يونيو/حزيران 2013 التقى «الكتاتني» رئيس المخابرات الحربية آنذاك ورئيس الأركان فيما بعد، «محمود حجازي» بقاعة كبار الزوار قبل خطاب «مرسي» بمناسبة مرور عام على انتخابه.

وسأل «حجازي»، «الكتاتني» عن موقفهم مما طرحه «السيسي»، فرد «الكتاتني» بأن «مرسي» ليس لديه مانع في تشكيل حكومة بصلاحيات واسعة تقوم بإجراء الانتخابات التشريعية وتتولي التعديلات الدستورية، وليس لديهم مانع من أن يكون «السيسي» على رأسها لضمان جدية «مرسي»، مؤكدا في الوقت ذاته أن خيار استقالة الرئيس أو الاستفتاء على بقائه أمر يرفضه «مرسي».

وبينت المصادر أن «الكتاتني» فوجئ برد «حجازي» بأنه إما الشروط كلها وإما لا، وخاصة استقالة الرئيس أو الاستفتاء على بقائه، واستكمل قائلا: «في حالة الرفض فإن جنزير الدبابة هايشتغل ولو اشتغل لن يتوقف مرة أخرى».

وقالت المصادر: «استمرت الأوضاع على هدوئها وكانت قنوات الاتصال مفتوحة بين مساعدي الرئيس أحمد عبدالعاطي مدير مكتبه والسفير رفاعة الطهطاوي رئيس الديوان، والسيسي، حتى خرج السيسي بمهلة 72 ساعة بعد فشل مظاهرات 30 يونيو/حزيران 2013 في تحقيق الحشد المطلوب للانقلاب».

وأضافت المصادر: «التقى السيسي بالرئيس مرسي، ودار حوار مفتوح عن الخيارات المطروحة لتهدئة الاحتقان في الشارع وعرض الرئيس مرسي بأن يتولي السيسي تشكيل الحكومة كضمانة لجديته في تهدئة الأجواء المحتقنة، وهو ما قابله السيسي بعدم اعتراض، مطالبا الرئيس بفرصة لمراجعة كل الأطراف الأخرى».

وطبقا للمصادر، فإن الاتصالات بين مساعدي «مرسي» و«السيسي» توقفت طوال يوم 2 يوليو/تموز 2013 وحتى الساعة السادسة من مساء اليوم التالي، حيث أجرى «السيسي» اتصالا بمدير مكتب الرئيس «أحمد عبدالعاطي»، مؤكدا له أن المعارضة رفضت عرض الرئيس، ولم يعد هناك مفر من الاستقالة أو خيارات أخرى يمكن أن يلجؤوا إليها في هذا الاتجاه.

وذكرت المصادر أنه في صباح نفس اليوم تلقى «الكتاتني» اتصالا من مساعد وزير الدفاع اللواء «محمد العصار»، دعاه فيه للمشاركة في اجتماع الأحزاب والقوي الوطنية للتباحث حول المخرج المناسب للأزمة السياسية، وهو ما رفضه «الكتاتني».

وحسب المصادر، قال «الكتاتني» لـ«العصار»: «كيف لي أن أشارك في اجتماع يريد الانقلاب على الرئيس الشرعي المنتخب؟».

فرد عليه «العصار» قائلا: «إنت بكدا داخل في صدام وخلاص، الجنزير اشتغل والعجلة اتحركت، فأصر «الكتاتني» على موقفه ورد قائلا: «أنا مستعد لأي شيء»، وأنهى المكالمة باتفاق مع «العصار» على مكالمة أو لقاء آخر بعد انتهاء الاجتماع الذي انتهى ببيان «السيسي» بالانقلاب على «مرسي».

وبعدها بأقل من ساعة تم اعتقال «الكتاتني» بالتزامن مع اعتقال «مرسي» داخل مبني الحرس الجمهوري.

«السيسي» يخدع الجميع

وأكدت المصادر أنه خلال مهلة الـ72 ساعة تلقى «مرسي» اتصالا من الرئيس الأمريكي «باراك أوباما»، عن الأوضاع بمصر، وسأله «مرسي» عن الموقف الأمريكي من انقلاب الجيش المحتمل، فقال «أوباما» لـ«مرسي»: «هذا زمن التنازلات الكبرى وعليك أن تأخذ خطوات للخلف».

وفي نفس الإطار أجرت السفيرة الأمريكية في مصر آنذاك «آن باترسون» اتصالا بمساعد الرئيس للشؤون الخارجية «عصام الحداد» عن الأزمة الداخلية.

ولفتت المصادر إلى أن «الحداد» نقل لها حديث «مرسي» مع «السيسي» وموافقته على تشكيل حكومة محل توافق بصلاحيات واسعة، وليس لديه مانع من رئاسة «السيسي» لها، بالإضافة لإجراء الانتخابات التشريعية والتعديلات الدستورية المطلوبة، وهو ما تعاملت معه السفيرة باستغراب.

إذ أكدت «باترسون» أنها تسمع هذا الكلام للمرة الأولى، وأن هذا الكلام مخالف لما نقله لها «السيسي»، فسألها «الحداد» عن آلية تواصلها مع «السيسي» فكانت المفاجأة أنها تلتقي به بانتظام بفندق الماسة التابع للقوات المسلحة، وأن الاتصالات اليومية بينهما لا تنقطع، مبدية تعجبها من عدم علم الرئاسة بذلك.

  كلمات مفتاحية

مصر مرسي السيسي الشاطر الكتاتني محمد زكي عباس كامل أوباما آن باترسون انقلاب تمرد جبهة الإنقاذ