«أردوغان» زعيما للقدس.. تخوف عربي وتقليل إسرائيلي من تأثيره

السبت 30 يونيو 2018 11:06 ص

حلم زعامة تركية على قضية القدس، بات مسيطرا على (إسرائيل) ودول عربية، متهمين الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» بالسعي نحو تنمية النفوذ التركي في القدس الشرقية، وسط تقليل إسرائيلي من هذا النفوذ.

ويتحدث الجميع علناً عن أحلام السلطنة، التي يمزجها الرئيس التركي بتوجهاته الإسلامية مراراً، والتي أدت به إلى مصادمات كبرى مع (إسرائيل) كانت أبرز محطاتها واقعة السفينة «مرمرة» وتداعياتها.

هذا التنامي دفع السلطة الفلسطينية والأردن والسعودية، إلى تنبيه (إسرائيل) لحجم تأثيره في القدس الشرقية، وهو ما كشفته صحيفة «هآرتس» العبرية.

النشاط التركي كما نقلت الدول الثلاث، تجسد في تبرعات وزعتها منظمات إسلامية تركية للسكان العرب المسلمين في القدس الشرقية، ورحلات ينظمها حزب «العدالة والتنمية» الذي يقوده «أردوغان»، علاوة على تظاهرات لمواطنين أتراك أمام المسجد الأقصى.

إحدى تلك التظاهرات أسفرت عن قيام السلطات الإسرائيلية بإلقاء القبض على التركية «إبرو أوزكان»، التي كانت تتظاهر أمام المسجد الأقصى، وتمديد توقيفها بتهمة «تهديد أمن (إسرائيل)، وإقامة علاقات مع تنظيمات إرهابية».

ولا تزال «إبرو» معتقلة، حسب النسخة الإلكترونية من صحيفة «ديلي صباح» التركية الصادرة بالإنجليزية.

والقدس بالنسبة لـ«أردوغان»، ترمز له بالكثير، كما كانت ترمز لجده السلطان «عبدالحميد»، ومن هنا، فليس مستغربا دعمه مواقف وأحزاب ومنظمات داخل القدس.

(إسرائيل) تقلل

لكن القائم بالأعمال الإسرائيلي السابق في أنقرة، والقنصل العام السابق في اسطنبول «إيلي شاكيد» قلل من حجم النفوذ التركي في القدس الشرقية، وقال إن «التأثير التركي في القدس الشرقية حالياً لم يبلغ مستوى كبيراً، رغم أنهم يفعلون الكثير انطلاقا من أنقرة لزيادة الضغط والتأثير على سكان القدس الشرقية، ساعين لتحقيق نوعٍ من السيطرة على الفلسطينيين الموجودين هناك».

وحسب «شاكيد»، فإن مظاهر تأثير النفوذ التركي في القدس الشرقية، تتجلى في التمويل الذي تغدقه تركيا على التنظيمات الإسلامية، ومحاولتها خلق حركات سياسية موالية لها في القدس، ومساعيها لاستعراض حجم الحضور التركي بتظاهرات ينظمها ناشطون في حزب «العدالة والتنمية» في القدس.

وأضاف أنّ «الأتراك يمولون منظمات فلسطينية معينة، وينفقون لهذه الغاية أموالاً طائلة، لا أعرف مقدارها بالضبط، لكنهم يفعلون كل ما بوسعهم ليكونوا حاضرين في القدس الشرقية»، وفقا لما نقلته عنه «دويتشه فيلله».

لكنه عاد ليعلق على فشل المساعي التركي لنقل حراك حزب «العدالة والتنمية» التركي إلى القدس، مؤكداً أن «دعوة الرئيس التركي أردوغان لملايين الأتراك للسفر إلى القدس فشلت، لذا فهم يبذلون جهدهم لتأكيد حضورهم في القدس الشرقية من خلال الدعم المالي (لبعض المنظمات الفلسطينية)».

ترقب

ويرى كثير من المراقبين أن (إسرائيل) متخوفة من تنامي هذا التأثير، لكنّ الدبلوماسي الإسرائيلي السابق «شاكيد»، اعترض على وصف المخاوف معتبراً بلاده «معنية إلى حد ما (بالنشاط التركي)، وكل ما يجري في القدس الشرقية، سواء كان مصدره تركيا، أو آخرين».

وأضاف: «كل شيء يجري تحت سيطرتنا، ودول مثل تركيا لن يكون بوسعها أن تفعل ما تشاء في القدس الشرقية».

كما أن السلطة الفلسطينية تبدو متخوفة من دعم تركي لتنظيمات إسلامية في منطقة نفوذها (الأراضي الفلسطينية)، لأنّ مثل هذه التنظيمات ستكون على صلة أوثق بـ«حماس» وهي غريم السلطة في غزة.

وحسب صحيفة «القدس العربي»، نفى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية «أحمد مجدلاني»، صحة المزاعم التي نشرتها «هآرتس».

فيما تنبع مخاوف الأردن من منافسة الأتراك لهم على رعاية المسجد الأقصى وأوقاف القدس، المكفولة لهم بموجب القانون الدولي، حيث سارع أيضا إلى نفي ما أشارت إليه صحيفة «هآرتس».

أما المملكة العربية السعودية، فتخشى تعاظم نفوذ «أدروغان» في القدس الشرقية، لأنها تعتبره منافساً لريادتها للعالم الإسلامي، ولدورها التقليدي كحامية للفلسطينيين.

دور ضعيف

وحسبما يرى الصحفي والخبير في الشؤون التركية المقيم في إسطنبول «غياث سحلول»، فإنّ «ضعف موقف السعودية سببه هنا روابطها الوثيقة بالولايات المتحدة وبرئيسها دونالد ترامب على وجه الخصوص، وهو الذي طرح الاعتراف بالقدس عاصمة لـ(إسرائيل) ونقل السفارة الأمريكية إليها في سابقة لم يقدم عليها أي رئيس أمريكي».

وجاء موقف «أردوغان» أقوى من الملك السعودي «سلمان بن عبدالعزيز»، ردا على خطوات «ترامب» بإعلانه عزمه افتتاح سفارة تركية في القدس الشرقية.

بينما قال الدبلوماسي الإسرائيلي السابق «شاكيد»، ردا على إعلان «أردوغان»، بالقول «له أن يقول ما يشاء، له أن يبني هناك قصراً للسلطنة، ولكن لن يكون بوسعه أن يفعل ذلك دون موافقة إسرائيل، هو ليس الزعيم في أورشليم- القدس، رغم أنه يتصرف أحيانا كزعيم، بل سلطان الشرق الأوسط برمته».

تخوف عربي

لكن الدول العربية من المحور المخالف لقطر، والمحور المخالف لتركيا تبدو بالإجمال متخوفة من مشروع «السلطان»، وهي مخاوف يفسرها الصحفي «سحلول» بالنفوذ التركي الدولي المتزايد، وتحديداً في قطر نفسها، وفي آسيا وأفريقيا.

علاوة على دعم تركيا لـ«حماس» التي لها مواقف مع إيران، والتي تخالف الرأي السعودي والاماراتي.

وخلص «سحلول» إلى القول إن «النفوذ التركي سيتمدد لأنه يناصر المنظمات الإسلامية، ويناصر الشعوب التي تقف في وجه حكامها، وهو مبعث خوف المحور المخالف لقطر وتركيا».

ولا يمكن للمراقب أن يتناسى الاستقطاب الطائفي المسيطر على العالم الإسلامي وعلى المنطقة، ففيه تظهر تركيا بزعامة «أردوغان» كمنافس لإيران التي تريد تصدير ثورتها الشيعية إلى العالم، وتعتبر القدس قضيتها لدرجة أنها خصصت لها يوماً أسمته «يوم القدس».

وهنا تبدو كفة تركيا هي الأرجح في التنافس لاستقطاب الدعم الشعبي العربي حسب رأي الصحفي «سحلول»، حين قال: «النسبة المطلقة من سكان القدس هم من السنة»، وهؤلاء سيصطفون خلف «أردوغان» الذي يقود العالم السني.

وعزز «سحلول» تأكيده تقدم تركيا في النفوذ على الجار الإيراني في القدس الشرقية بالقول: «تركيا تملك علاقات دبلوماسية مع (إسرائيل) لم تُقطع، ولهذا يستطيع الأتراك الدخول إلى القدس بشكل رسمي».

وتعد العلاقات التركية الإسرائيلية، حاليا، في أدنى مستوياتها بسبب عدد من القضايا، بينها نقل السفارة الأمريكية للقدس، واستهداف سفينة كسر حصار غزة «مرمرة».

والشهر الماضي، أمرت تركيا السفير الإسرائيلي بمغادرة أنقرة في أعقاب استشهاد حوالي 60 متظاهرا فلسطينيا على حدود غزة في 14 مايو/أيار، قبل أن ترد (إسرائيل) بإصدار تعليماتها للقنصل العام التركي في القدس بمغادرة البلاد.

المصدر | الخليج الجديد + دويتشه فيلله

  كلمات مفتاحية

تركيا أردوغان القدس إسرائيل السعودية الأردن