«أتلانتيك كاونسل»: النساء بمقعد القيادة.. ماذا يعني ذلك للمملكة؟

الأحد 1 يوليو 2018 08:07 ص

في 4 يونيو/حزيران أصدرت السعودية رخص قيادة السيارات لـ10 نساء لأول مرة في حياتهن، وجاء ذلك في أعقاب إلغاء حظر القيادة على المرأة بموجب مرسوم ملكي في سبتمبر/أيلول الماضي، دخل حيز التنفيذ فعليا في 24 يونيو/حزيران.

وفيما يعد واحدا من بين عدد من الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية الطموحة التي يقودها ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان»؛ يمكن للمرأة في السعودية الآن أن تحصل على رخصة وتقود دون الحاجة لوجود ولي أمر.

جذور حظر قيادة النساء

وتعد السعودية هي الدولة الوحيدة في العالم - مسلمة أو غير ذلك - التي منعت النساء من القيادة، وكان حظر القيادة متجذرا في تاريخ الدولة السعودية.

حيث تأسست المملكة على المثل العليا للوهابية، وهي طائفة أصولية من الإسلام السني، وتُستمد معظم القوانين السعودية من هذا التفسير للإسلام، الذي يركز على وصاية الذكور على المرأة.

ويقول أتباع الوهابية إن الإسلام دين يوفر الحماية للمرأة، لكن النقاد يجدون أن هذا التفسير لا يصدق، وغالبية المسلمين يختلفون مع الأعراف التي أيدتها المملكة.

لم تكن المملكة بهذه الصرامة دائما، فبعد الثورة الإسلامية عام 1979 في إيران، اكتسبت الحركات الإسلامية المحافظة قوة في السعودية، وشككت في شرعية الأسرة الحاكمة، وكرد فعل على ذلك، انحرفت المملكة نحو المحافظة الفائقة؛ حيث تم حظر دور السينما والموسيقى وغيرها من وسائل الترفيه وتم تمكين الشرطة الدينية.

وفي البداية، كان الحظر على قيادة النساء أمرًا عرفياً، ولكن تم إضفاء الطابع الرسمي عليه في فتوى عام 1990 رداً على قافلة من النساء اللواتي كنّ يقدن السيارات في العاصمة الرياض احتجاجًا على قيود القيادة غير الرسمية.

الهدف اقتصادي

ويعد رفع الحظر عن القيادة أحد الإصلاحات العديدة التي تهدف إلى التصدي للتحدي المركزي الذي يواجه المملكة، وهو كيفية تنشيط اقتصادها المعتمد على النفط وتعبئة قوتها العاملة.

تعتمد السعودية على عائدات النفط للحفاظ على عقدها الاجتماعي مع مواطنيها، ولكن ولي العهد يدرك أنه من أجل استقرار الاقتصاد وتشجيع النمو، يجب على الاقتصاد السعودي تنويع وزيادة حجم القوى العاملة، خاصة من خلال تشجيع النساء على المشاركة.

وبناءً على ذلك، أصدر ولي العهد رؤية 2030 كخريطة طريق للإصلاحات الشاملة، بما في ذلك زيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة من 22% إلى 30%، ويمكن للنساءة الآن الانضمام إلى الجيش والمحاكم الشرعية وجهاز المخابرات والعمل كسائقات سيارات الأجرة.

لطالما كان حظر القيادة عائقاً أمام النساء للعمل بسبب تكاليف النقل، حيث يعمل 800 ألف رجل كسائقين للسيدات السعوديات، معظمهم من جنوب شرق آسيا، بتكلفة تصل إلى حوالي 5.1 مليار دولار في السنة.

وفي الآونة الأخيرة، قدمت تطبيقات «كريم» و«أوبر» بدائل أرخص للسائقين الخاصين، غير أن الافتقار إلى النقل العام لا يزال يشكل عبئاً مالياً كبيراً على المرأة.

في حين يتوقع أن يكون الأثر الاقتصادي الفوري لرفع حظر القيادة متواضعاً، لكن ثقة المستثمرين الأجانب في اقتصاد المملكة سترتفع بالتأكيد مع نمو الاقتصاد.

تزامنا مع اعتقال الناشطين

كان إلغاء حظر القيادة خطوة طال انتظارها، وكانت هناك العديد من الاحتجاجات التي سبقت هذه اللحظة التاريخية، والتي استخدم فيها الناشطون عددًا من التكتيكات لجذب الانتباه، على الرغم من تاريخ الحكومة السعودية من حملات القمع القاسية.

وبينما يميل أعضاء العائلة المالكة إلى تجنب التصريحات العلنية حول الأمور المثيرة للجدل، فإن الأميرة «هيفاء بنت عبدالله آل سعود»، ابنة عم ولي العهد، قامت مؤخراً بالظهور على غلاف مجلة فوغ العربية في سيارة، وقد تم نشر الغلاف في نفس الوقت الذي تم فيه اعتقال 17 ناشطًا ووصفهم بالخونة، من بينهم الناشطة المعروفة «لجين الهذلول».

لم يفت على المجتمع الدولي توازي ظهور الأميرة على غلاف مجلة فوغ مع اعتقال الناشطين الذين عملوا لسنوات لرفع الحظر؛ فلم تخفف المملكة من قيودها على المعارضة، لكنها تقوم بإصلاحات على شروط من هم في السلطة.

باب لتغييرات أكبر

وتختلف السعودية اليوم عن السعودية التي كانت قبل 30 عاماً، فما يقرب من 70% من سكانها أقل من 30 عاماً، كما تمتلك البلاد نسبة عالية من المشاركة على وسائل التواصل الاجتماعية، والذي يعد واحداً من أعلى المعدلات في المنطقة.

كما يذهب عشرات الآلاف من السعوديين إلى الخارج لمتابعة تعليمهم، وتزامنا مع كل ذلك بدأت الثقافة السعودية في التحول، وكان العديد من السعوديين ينتظرون التغيير.

لكن الإصلاح الاجتماعي لم يمر بلا انتقادات، وفي الواقع، فإن بعض أقوى المجموعات في السعودية تعارض بشدة سياسات ولي العهد، وستكون حواجز كبيرة أمام التغيير.

سيحتاج ولي العهد إلى نزع فتيل معارضة النخبة المحافظة من أجل تفعيل الإصلاحات، وهي ليست بالمهمة السهلة بحال.

  كلمات مفتاحية

السعودية قيادة المرأة محمد بن سلمان رؤية 2030