«هآرتس»: البحرين رأس الحربة الخليجية للتطبيع مع (إسرائيل)

الاثنين 2 يوليو 2018 10:07 ص

زار وفد إسرائيلي الأسبوع الماضي دولة عربية لا تقيم رسميا علاقات دبلوماسية مع (إسرائيل).

وحضر الدبلوماسيون الإسرائيليون إلى البحرين الخليجية لعقد مؤتمر دولي نظمته اليونسكو (وكالة الأمم المتحدة المعنية بالتراث الثقافي)، وعلى الرغم من كونها رمزية، فإن مشاركتهم تشير إلى تحول في علاقات المملكة الصغيرة بـ(إسرائيل)، التي اعتادت أن تلقى وجها باردا من الدول العربية بشكل تقليدي.

وتستضيف البحرين الدورة 42 للجنة التراث التابعة للأمم المتحدة، والتي تستمر حتى 4 يوليو/تموز، وكجزء من مسؤولياتها كبلد مضيف، قدمت تأكيدات بأن (إسرائيل) يمكنها إرسال ممثلين عنها إلى المؤتمر.

ولا يعد هذا قرارا غير ذي أهمية، فقد أصرت الدول العربية، التي لا تعترف رسميا بـ(إسرائيل)، على مر السنين على عدم السماح بدخول الإسرائيليين، حتى عند استضافة أحداث دولية كبرى.

ومن الأمثلة الحديثة على ذلك، رفض المملكة العربية السعودية، جارة البحرين وحليفتها الاستراتيجية، السماح للفريق الإسرائيلي بدخول البلاد عندما استضافت بطولة دولية مهمة للشطرنج في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

واختارت البحرين سياسة مختلفة، ويخدم قرارها بالسماح للوفد الإسرائيلي بحضور مؤتمر اليونسكو المصالح الدولية للمملكة الصغيرة، ولكنه قد يشير أيضا إلى حدوث تحول فيما يتعلق بمعاملة (إسرائيل).

وقال خبراء في واشنطن لصحيفة «هآرتس» العبرية إنه على الرغم من أن العلاقات الرسمية بين البلدين لا يمكن اعتبارها «متقاربة»، لكن العلاقات تتحسن حقا.

المصالح الإقليمية

وعلى الرغم من أن البحرين، مثل السعودية، لا تقيم علاقات دبلوماسية مع (إسرائيل)، فإنها تشاطر (إسرائيل) مخاوفها بشأن نفوذ إيران في المنطقة.

وقد جاءت إحدى العلامات البارزة على نهج البحرين المتغير تجاه (إسرائيل) في مايو/أيار، بعد أن أطلقت القوات الإيرانية في سوريا أكثر من 12 صاروخا على أهداف إسرائيلية في هضبة الجولان، وخرج وزير الخارجية البحريني، «خالد بن أحمد آل خليفة»، للدفاع عن (إسرائيل)، وكتب على حسابه على موقع «تويتر» أن (إسرائيل)، مثلها مثل أي بلد آخر، لها الحق في الدفاع عن نفسها ضد العدوان الإيراني، وكان تصريحه تعبيرا غير اعتيادي عن الدعم لـ(إسرائيل) من بلد عربي.

وقال مسؤول بارز في إدارة «ترامب»، لصحيفة «هآرتس»، الشهر الماضي: «لقد كان هذا تصريحا رائعا ودليلا على الواقع الجديد الذي يظهر في الشرق الأوسط»، وأضاف المسؤول نفسه أن الإدارة تدعم أي خطوات لتحسين العلاقات بين (إسرائيل) والدول العربية المجاورة، مثل البحرين، التي تشترك مع (إسرائيل) في عدو مشترك، وهو إيران.

وأكد المسؤول أن الرسالة كانت مبادرة بحرينية مستقلة، وليست نتيجة لأي جهود أمريكية.

ويقول «جوناثان شانزر»، من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات التي تتخذ من واشنطن مقرا لها: «من المنطقي أن تزيد البحرين و(إسرائيل) من تعاونهما معا».

وكان «شانزر» قد زار البحرين العام الماضي، وسمع من مسؤولين كبار في الدولة الصغيرة، التي يبلغ عدد سكانها نحو 1.6 مليون نسمة، أن «همومهم الرئيسية هي إيران وإيران وإيران، إنهم ينظرون أساسا إلى (إسرائيل) كدولة تحارب العدوان الإيراني، وهو ما يعني أنهما معا في نفس الجانب».

وأضاف: «ولا يعني هذا أنهم مستعدون للتطبيع الكلي، فهم ما زالون يريدون رؤية بعض التقدم نحو السلام الإسرائيلي الفلسطيني، لكنهم يختبرون الأمر، والاتجاه واضح للغاية».

ووفقا لـ «شانرز»، تعد البحرين نموذجا رائدا لدول الخليج الأخرى، مثل دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، التي تنظر أيضا إلى إيران كعدو رئيسي، وإلى (إسرائيل) كشريك محتمل ضد الجمهورية الإسلامية.

ويسأل مسؤول إسرائيلي كبير سابق: «لماذا أظهرت البحرين أنها الأكثر شجاعة بين جميع دول الخليج فيما يتعلق بـ(إسرائيل)؟ الأمر مزيج من عدة عوامل، أولا، يتم النظر إلى إيران في البحرين على أنها تهديد، ليس فقط على المستوى الإقليمي ولكن أيضا داخليا، فالبلد لديها أغلبية شيعية، ومع ذلك فقيادتها سنية، وهم قلقون باستمرار من محاولة إيران زعزعة استقرار الحكومة».

بالإضافة إلى ذلك، قال المسؤول السابق: «يبدو في بعض الأحيان أن السعودية والإمارات تستخدمان البحرين، المتحالفة معها ولكن الأصغر والأقل نفوذا، للقيام ببالونات اختبار فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، وهذا صحيح فيما يتعلق بتنافس الدول الـ٣ مع جارتها قطر، وكذلك فيما يتعلق بـ(إسرائيل)».

«حتمية» التطبيع

في شهر مايو/أيار، استضافت السفارة البحرينية في واشنطن مأدبة إفطار تقليدية، احتفالا بشهر رمضان المبارك، وكان اثنان من المتكلمين الثلاثة في الحدث من الزعماء الدينيين الأمريكيين الذين يؤيدون (إسرائيل) بشدة، الأول كان الحاخام «مارك شناير»، الذي تحدث علانية أمام موظفي السفارة وضيوفها عن محاولات البحرين للتقرب من (إسرائيل)، وأثنى على قيادة البحرين لهذه الجهود.

وكان المتحدث الثاني هو القس «جوني مور»، وهو زعيم مسيحي إنجيلي كان قد تصدر عناوين الأخبار في (إسرائيل) والبحرين في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعد أن قاد وفدا من المواطنين البحرينيين المؤثرين في رحلة خاصة إلى (إسرائيل).

ولم يذكر «مور»، وهو جزء من المجلس الاستشاري للرئيس «دونالد ترامب»، (إسرائيل) في كلمته، لكن مشاركته يمكن اعتبارها في حد ذاتها إشارة إلى موافقة السلطات البحرينية على جهوده لخلق علاقات غير حكومية بين الإسرائيليين والبحرينيين.

كما دعت السفارة البحرينية مراسل «هآرتس» لحضور هذا الحدث، مدركين تماما أن صحيفة «هآرتس» صحيفة إسرائيلية، وقال سفير مملكة البحرين لدى الولايات المتحدة، «عبدالله بن راشد بن عبدالله آل خليفة»، لصحيفة «هآرتس» إن بلاده تأمل في رؤية تقدم في عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، وهي ملتزمة بحل الدولتين كأساس لحل النزاع.

وقال «مور» لصحيفة «هآرتس»، في مقابلة منفصلة: «إذا عرف العالم والمنطقة نصف ما يحدث بين البحرينيين والإسرائيليين، وليس بالضرورة على المستوى الحكومي، ولكن في العلاقات التجارية الفردية، سيشعر الناس أن هناك حتمية لتطبيع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين».

ووفقا لـ«مور»، «هناك العديد من أعمال التعاون التي تحدث في كل وقت، لكن يبقى معظمها سرا».

وكان أحد الاستثناءات رحلة رجال الأعمال البحرينيين وقادة المجتمع المدني إلى (إسرائيل) العام الماضي، ويقول «مور» إن الرحلة نشأت من جهود البحرين لتعزيز الحوار بين الأديان.

وتم التخطيط لهذه الرحلة لأشهر، كما يقول، ولكن بعد أيام قليلة من الموعد الذي كان من المفترض أن يصل فيه الوفد البحريني إلى (إسرائيل)، صدم «ترامب» العالم بإعلانه قراره بالاعتراف بالقدس عاصمة لـ(إسرائيل) وتحريك السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.

ومع ذلك، يقول المسؤول الإسرائيلي السابق إنه لا يتوقع أن يلتزم البلدان بالعلاقات الدبلوماسية الكاملة في المستقبل القريب.

ووفقا لما يراه المسؤول، يريد البحرينيون التقارب مع (إسرائيل)، لكنهم يريدون القيام بذلك ببطء وبحذر.

وسوف يستغرق الأمر المزيد من الوقت قبل أن نرى التزاما دبلوماسيا حقيقيا، وفي الوقت الحالي، يتعلق الأمر في الغالب بلفتات صغيرة مثل زيارة وفد اليونسكو.

المصدر | أمير تيبون - هآرتس

  كلمات مفتاحية

البحرين العلاقات البحرينية الإسرائيلية اليونسكو واشنطن التطبيع الإمارات السعودية