«ناشيونال إنترست»: لماذا يجب ألا تسعى أمريكا لتغيير النظام بإيران؟

الثلاثاء 3 يوليو 2018 10:07 ص

بعد أن تلاقت الولايات المتحدة مع كوريا الشمالية، فقد حان الوقت للعودة إلى مسألة ما يجب أن تكون عليه السياسة الأمريكية تجاه إيران، فقد كان كل ما فعلته الولايات المتحدة حتى الآن هو الابتعاد عن الاتفاق الذي يحد من برنامج إيران النووي ويسعى إلى إعادة فرض العقوبات والسؤال الآن حول ما تريده أمريكا، وما الذي يمكن أن يحصل بعد ذلك.

وعندما نكتب أن مشكلة أمريكا مع كوريا الشمالية انتهت في الوقت الحالي، فإن ذلك لا يعني قطعا أن كوريا الشمالية لم تعد تشكل تهديدًا نوويًا، كما كانت في مرحلة ما ولكنني أعني أنه من السهل أن نرى أن كلا الجانبين وصلا إلى حالة من تطبيع علاقات عامة لعدة أشهر قادمة.

ويمكن لكل من «كيم جونغ أون» و«دونالد ترامب» الاستمرار في الادعاء بأن اتفاق سنغافورة يعد إنجازًا رئيسيًا للسياسة الخارجية، ويستمران في تقديم تنازلات بسيطة لبعضهما البعض، للحفاظ على الاعتقاد بأنهما في طريقهما إلى شبه جزيرة كوريا الخالية من الأسلحة النووية.

وبالنسبة إلى «كيم»، لا توجد طريقة أفضل لحماية قوته النووية من الاستمرار في الحديث عن تفكيكها، أما بالنسبة لـ«ترامب»، فإنه سيواصل كسب النقاط للبحث عن حل سلمي، طالما لا توجد بوادر أن كوريا الشمالية تنوي التخلي عن أسلحتها النووية، وفي رأيي، سيستمر هذا لفترة طويلة وسوف يحرر الولايات المتحدة للتركيز على إيران.

لسوء الحظ، تثير فكرة سيئة مألوفة رأسها القبيح مرة أخرى حيث تطالب الشخصيات الرئيسية في الإدارة الأمريكية بتغيير النظام بدلاً من تغيير السلوك.

وقال مستشار الأمن القومي «جون بولتون»، قبل تعيينه، إن «هدفنا يجب أن يكون تغيير النظام في إيران».

وقبل أن يتولى منصبه الحالي، كتب وزير الخارجية «مايك بومبيو» قائلا: «يجب على الكونغرس أن يعمل على تغيير السلوك الإيراني وفي النهاية النظام الإيراني».

وتجعل مثل هذه الدعوات المفاوضات التي يمكن أن تؤدي إلى تغيير كبير في السلوك أكثر صعوبة، لأنهم يطالبون بإزالة الطرف الحاكم الذي يجب على أمريكا التفاوض معه، وكان أحد الأسباب التي أدامت الحرب في سوريا لسنوات عديدة هي أن الولايات المتحدة أصرت، كشرط مسبق لأية مفاوضات مع سوريا، على وجوب رحيل «الأسد».

تغيير النظام

وهناك فكرتان حول الطريقة التي قد تغير بها أمريكا النظام في إيران؛ أحدهما هو الطريقة التي غيرت بها الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق، عن طريق الغزو العسكري، وبالنظر إلى التكاليف البشرية والاقتصادية الهائلة لتغيرات النظام هذه ولنتائجها الأقل مواتاة، فإن أي فكرة عن حرب برية أخرى في آسيا سوف تتعرض لمقاومة.

في الواقع ، يرى كثيرون أن إيران هي صخرة مستعصية أكثر مما كانت عليه أنظمة «صدام حسين» وحركة طالبان عندما أطاحت بهما أمريكا.

إن الطريقة الأخرى هي الاعتماد على مجموعات مختلفة في إيران للإطاحة بالنظام، حيث تتكون إيران من عدد كبير من الجماعات العرقية، والتي يوجد لدى العديد منها مشاعر متناقضة بشدة حول النظام، مثل الأكراد.

وقد ورد أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية على اتصال مع قادة هذه الجماعات، ويشير آخرون إلى أن المظاهرات الشائعة في الآونة الأخيرة يمكن أن تؤدي إلى لحظة مماثلة للربيع العربي في إيران بتشجيع أمريكي.

ونجح الشارع في إسقاط حكومتي تونس ومصر، ومع ذلك، فإن إيران أكثر فعالية في السيطرة على مواطنيها، ويستند نجاحها إلى السماح ببعض تعبيرات الاعتراض على سياسات الحكومة ومنح الإصلاحيين بعض السلطة وإجراء إصلاحات محدودة، ولهذا فإن أولئك الذين يسعون إلى الاعتماد على الشعب الإيراني لتغيير النظام قد ينتظرون طويلاً.

ولا تكاد هذه السياسة تتوافق مع حقيقة أنه إذا تخلت إيران عن الاتفاقية الحالية، فإنها يمكن أن تطور أسلحة نووية بسرعة بالإضافة إلى ذلك، تواصل إيران زيادة تدخلها في العراق وسوريا ولبنان وحتى أفغانستان.

وعلاوة على ذلك، لا ينبغي للمرء أن يفترض أن تغيير النظام سيستلزم التغييرات السلوكية المرغوبة لأمريكا، وقد كنت ضيفا على واحدة من هذه المجموعات التي من المتوقع أن تتحدى النظام عندما زرت إيران في عام 2002 وسرعان ما أصبح واضحا أنه بالرغم أن هذه الجماعات لديها شكاوى مهمة ضد النظام، وأنها ستكون مستعدة للإطاحة به إذا رأت فرصة للنجاح فقد كانوا جميعا إيرانيين وطنيين، وقد أوضحوا أنهم يكرهون الولايات المتحدة (وقبلها بريطانيا) أكثر من الملالي وإذا ما وصلوا إلى السلطة، فسيحتفظون بالبرنامج النووي، وفي الواقع، ذكروني بأن الإصلاحيين هم الذين بدأوا البرنامج النووي العسكري عندما كانوا يسيطرون على إيران.

ومن ناحية أخرى، أظهر النظام الحالي نفسه حريصًا جدًا على التفاوض على نزع السلاح النووي عندما كان يواجه تهديدات عسكرية.

وفي منتصف عام 2003، عندما أظهرت الولايات المتحدة قوتها العسكرية بالهزيمة السريعة لجيش «صدام» في غضون أسابيع، مع عدد قليل من الضحايا وهو إنجاز لم تتمكن إيران من تحقيقه بعد قتاله لمدة 8 سنوات أرسلت إيران اقتراحا للحكومة الأمريكية يدعو إلى حوار شامل بين البلدين بخصوص برنامج إيران النووي.

 وقد اعتبر العديد من المراقبين أن هذا الاقتراح هو مخطط «صفقة كبرى»، وقارن «فلينت ليفريت»، المدير السابق لمجلس الأمن القومي في الشرق الأوسط، ذلك بالاتصالات الدبلوماسية بين بكين وواشنطن والتي مهدت الطريق لفتح العلاقات مع الصين خلال إدارة «نيكسون»، ووصف «نيكولاس كريستوف» -وهو كاتب عمود في صحيفة «نيويورك تايمز»- الوثيقة بأنها «مذهلة»، وقال إنها قدمت «أملاً حقيقياً للسلام»، لكن إدارة «بوش» رفضت الاقتراح، لأنها سعت لتغيير النظام.

باختصار، قد يتحول الزعماء في واشنطن إلى اللون الأزرق الباهت إذا ما حبسوا أنفاسهم حتى يطيح الشعب الإيراني بالنظام، وإذا فعلوا ذلك، فليس هناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأن الحكومة الجديدة ستتخلى عن المشروع النووي العسكري.

وفي المقابل، تشير التجربة إلى أن مجموعة من الضغوط العسكرية والدبلوماسية قد تنجح، طالما أنها تسعى إلى تغيير السلوك وليس تغيير النظام.

المصدر | أميتاي إتزيوني - ناشيونال إنترست

  كلمات مفتاحية

أمريكا إيران النظام الإيراني تغيير النظام جون بولتون